أبو حميد والحموري.. اغتيالات بأشكال متعددة

21 ديسمبر 2022آخر تحديث :
باسم برهوم احتمالات ممكنة

صدى الإعلام _ الكاتب: باسم برهوم – خلال الاعتقال التعسفي العنيف، اغتالت دولة الاحتلال الإسرائيلي بشكل بطيء ومتعمد الأسير ناصر أبو حميد وتركته يموت مع مرضه العضال في زنزانة، وفي القدس اغتالت، ولكن بطريقة مختلفة، المحامي والناشط الحقوقي الفلسطيني المقدسي صلاح الحموري. إبعاد الانسان عن وطنه ونزع مواطنته عنه، هو نوع من الاغتيال البشع، لأنه سيعيش باقي حياته مع الشعور العميق بالظلم.

ما قامت به سلطات الاحتلال بحق أبو حميد والحموري يدخل في خانة الاغتيالات الميدانية اليومية التي ينفذها جيش الاحتلال في الضفة والقدس، فمنذ بداية هذا العام اغتالت إسرائيل 218 شابا وطفلا فلسطينيا.

ناصر ابو حميد نموذج للصمود والبطولة، الذي اختار أن يستشهد مع مرضه القاسي المؤلم مرفوع الرأس في معتقلات الاحتلال، ولا يطلب العفو من رئيس وزراء دولة الاحتلال، رفض مبدأ الذل والتنازل، ليقدم نموذجا وطنيا فلسطينيا في الإباء، وإبقاء رأسه، ورأس شعبه الفلسطيني مرفوعا.

ومن جهته صلاح الحموري، الذي لم يتنازل عن مبدأ الدفاع عن حقوق المقدسيين بالعيش بكرامة في مدينتهم، الذين هم أبا عن جد أبناء هذه المدينة، الحموري لأنه لم يقبل الظلم لأبناء شعبه جردته سلطة الاحتلال من مواطنته الفلسطينية المقدسية ونفته.

يستشهد أبو حميد وهو في عمر الخمسين، أمضى منها 32 عاما في معتقلات الاحتلال، آخرها عندما قام جيش الاحتلال بأسره في ذروة الانتفاضة الثانية عام 2002 وحكم عليه 7 مؤبدات مع 50 سنة سجن إضافية، أي أن سلطات الاحتلال ستواصل اعتقاله حتى بعد مماته.

لقد رفض ابو حميد العبودية، وكان من حقه أن يقاوم الاحتلال الذي مارس عليه وعلى أهله ظلما مركبا قاسيا، فقد شردت العصابات الصهيونية آل أبو حميد، ومارست ضدهم سياسية التطهير العرقي في حرب عام 1948، وطاردتهم إسرائيل في مخيم اللجوء بعد استكمالها احتلال فلسطين في حرب عام 1967 .


للمزيد: غانتس: إسرائيل لن تعيد جثمان الشهيد ناصر ابو حميد


حياة ناصر أبو حميد المليئة بقصص الكفاح، ورحيله التراجيدي كأبطال الأساطير الاغريقية، هو اختصار للتاريخ الملحمي للشعب الفلسطيني منذ أكثر من مائة عام، هي اختصار لتاريخ شعب رفض الرضوخ لمبدأ بلفور ومنطق الظلم الاستعماري ولتزوير الصهيونية للتاريخ.

أبو حميد عاش ومات مقاوما، صقلت شخصيته الوطنية الانتفاضة الاولى، أصيب خلالها بعدة رصاصات ونجا من الموت، وأصبح في الانتفاضة الثانية قائدا وطنيا.

في نموذجي الاغتيال، نموذج أسير، يمنحه القانون الدولي كل الحق بمقاومة الاحتلال، وتركته سلطات الاحتلال يموت ببطء مع السرطان في زنزانة، ونموذج صلاح الحموري الذي قاوم الاحتلال على طريقته القانونية، في كلا النموذجين واصل المحتمع الدولي صمته المريب، واصل تواطؤه مع الصهيونية العالمية. المجتمع الدولي مارس سياسة الفصل العنصري عندما كال بمكياليين، لذلك فإن هذا النظام الدولي هو المجرم الحقيقي، ويداه ملوثتين بدم الشعب الفلسطيني ولا ضمير له.

يدرك الشعب الفلسطيني حجم الظلم، ويدرك مدى التواطؤ الدولي مع إسرائيل، ومن هنا يأخذ كفاحه الوطني هذا البعد الملحمي، فهو يجسد حقيفة غير قابلة للطمس، أو حقيقة لا تقبل أن يطمسها أحد، هو يقاوم كي يواصل البقاء والصمود على أرضه، هو لا يقاوم الاحتلال الإسرائيلي وحسب، هو يقاوم الانحطاط الأخلاقي والسياسي لعالم يدير ظهره للقانون الدولي، والأهم أن شعبنا الفلسطيني واثق من النصر وسينتصر .

 

الاخبار العاجلة