حاكم مصرف لبنان يرفض ولاية جديدة

20 فبراير 2023آخر تحديث :
حاكم مصرف لبنان يرفض ولاية جديدة

صدى الإعلام _أعلن حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة أنه قرر ترك منصبه عند انتهاء فترته الحالية في يوليو حتى وإن طُلب منه الاستمرار لفترة جديدة، لينهي ثلاثة عقود اتسمت بسياسات مثيرة للجدل، شهدت انهيارا ماليا للبلاد.

ويرى مراقبون أن مغادرة سلامة لمنصبه ستفتح فصلا جديدا في أزمة وصفها البنك الدولي بأنها واحدة من أسوأ الأزمات على مستوى العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر.

وقال سلامة في مقابلة مع قناة القاهرة الإخبارية مساء الأحد إنه لم يُطلب منه العمل لفترة جديدة وأنه يرى أن الفترة الماضية كافية.

وأضاف “ما حدا طلب مني التجديد بس حتى لو طلب بعتقد بأدي، الله كريم”.

وقد يؤدي قرار عدم الترشح لولاية أخرى إلى مزيد من الأزمات، من خلال إجبار السياسيين على إيجاد مرشحين لمنصب مخصص للطائفة المسيحية المارونية، كجزء من ترتيبات تقاسم السلطة الطائفية في لبنان. وينص القانون على أنه إذا كان المقعد شاغراً، فإن النائب الأول للحاكم -وهو مسلم شيعي- سيتولى مهامه حتى يتم تعيين بديل دائم.

ويخضع لبنان لحكومة تصريف أعمال منذ العام الماضي، وسيؤدي شغور منصب شاغر في واحد من أرفع المناصب في لبنان إلى زيادة الضغط على السلطات لتحديد خلف محتمل.

ويرفض رئيس البرلمان اللبناني نبيه برّي تسليم النائب الأول لحاكم مصرف لبنان (الشيعي) حاكمية مصرف لبنان بالإنابة، كذلك الأمر بالنسبة إلى نائب الحاكم الدرزي.

وتقول مصادر سياسية إن لا أحد يمكنه تحمّل مسؤولية دولار بمئة ألف ليرة إذا شغُر منصب الحاكم. وبالتالي تعمل القوى السياسية على مشروع قانون يُجدّد فيه لحاكم المصرف المركزي رياض سلامة لولاية جديدة.

ويحظى سلامة، الذي تولى منصبه في عام 1993، بمزيد من الاهتمام في الداخل والخارج منذ أن بدأ النظام المالي اللبناني في الانهيار عام 2019.

وأدى الانهيار إلى منع معظم المدخرين من استخدام حساباتهم المصرفية ودفع أكثر من 80 بالمئة من سكان لبنان إلى الفقر.

في غضون ذلك، يخضع سلامة للتحقيق في لبنان وخارجه في مزاعم اختلاس. وقال وزير المالية اللبناني يوسف خليل إنه سيكون من الصعب إيجاد بديل له عند انتهاء فترته الحالية.

وأكد سلامة أن الأزمة الاقتصادية الحالية في لبنان ترجع إلى استمرار حالة عدم الاستقرار السياسي التي تعصف به وأن أسعار الصرف الموازية سببها عدم كفاية احتياطاته من النقد الأجنبي.

وأضاف “الحرية المتروكة بالسوق عشان معنديش احتياطي كفاية للتدخل”.

وخفض لبنان هذا الشهر رسميا قيمة عملته المحلية لأول مرة منذ أكثر من عقدين إلى 15 ألف ليرة للدولار بنسبة 90 بالمئة، وألغى سعر 1507.5 ليرة للدولار.

ولا يزال هذا بعيدا عن السوق الموازية التي حامت حول مستوى قياسي بلغ 80 ألف ليرة مقابل الدولار خلال الأسبوع الماضي.

وأضاف سلامة أن احتياطيات لبنان الحالية من النقد الأجنبي تبلغ عشرة مليارات دولار وأنه يرغب في توحيد أسعار الصرف، وهو أحد مطالب صندوق النقد الدولي لحصول لبنان على تمويلات للمساعدات بقيمة ثلاثة مليارات دولار.

ولفت حاكم مصرف لبنان المركزي إلى أن “الاحتياطي اليوم 15 مليارا، 10 مليارات بقدر استعملهم بالخارج والباقي دولارات محلية”.

وتتضمن شروط الصندوق المسبقة أيضا تدقيقا لوضع الأصول الأجنبية للمصرف المركزي، ومنها الذهب.

وقال سلامة إن احتياطيات “الذهب بلبنان قيمته تساوي بحدود 17 مليارا”.

وكان المصرف المركزي قد أعلن في نوفمبر 2022 أن “شركة تدقيق عالمية متخصصة ومحترفة” استكملت عملية تدقيق لموجودات خزينة مصرف لبنان من الذهب (سبائك ونقود معدنية)، لكنه لم يعلن قيمة الذهب.

وأكد سلامة أن إغلاق المصارف لثلاثة أسابيع في 2019 أدى إلى حالة من الهلع والخوف عند المودعين، الذين تحركوا بشكل سريع نحو المصارف لسحب كل أموالهم، وهذا الأمر لا يستطيع أي بنك في أي دولة بالعالم تلبية كل الطلبات فورا.

وأوضح حاكم مصرف لبنان، أنه كان هناك انعدام ثقة من قبل المواطنين بالمصارف، وهذه قلة الثقة تكمن في عدم قدرة المواطنين في سحب أموالهم في الوقت الذي يروه مناسبا لاحتياجاتهم، مؤكدا أن فقدان الثقة جعل هناك تراجع في إمكانيات القطاع المصرفي والقطاعات الاقتصادية في لبنان، وكذلك في الدورة المالية للدولة.

وأكد أن السوق السوداء في لبنان هي خارج سيطرة المصرف المركزي، ويتم تداول فيه سعر الدولار حسب الحاجة، موضحا أن الأموال التي دفعت خلال العام الماضي من أجل الاستيراد من الخارج كان 19 مليار دولار.

وشدد سلامة أن لبنان توقف عن دفع المستحقات على الديون الخارجية للسندات اللبنانية المشترية بالعملات الأجنبية دوليا، فحالة التعثر وضعت الدولة في مكان العاجز على تمويل احتياجاته.

رأى أن كل هذه الأزمات تم ترجمتها بارتفاع سعر صرف الدولار تجاه الليرة اللبنانية، مؤكدا أن الأزمة السياسية التي يعيشها لبنان في الفترة الحالية لم تساعد في إيجاد حلول سريعة للاقتصاد اللبناني.

وأضاف أن البعض ينتقد المصرف ويوجهون اتهامات لاذعة له، وذلك لأهداف شخصية بعد فشل الكثيرين في إيجاد حلول لأزمات البلاد الاقتصادية.

وأشار إلى أن التحويلات التي من المصارف أو من حسابات الأشخاص إلى مصارف أخرى لا تمر بمصرف لبنان.

واعتبر أن “المركزي ليس سبب الأزمة لكن تحويل الأنظار إليه جعله كبش محرقة”، موضحاً، أن “منصة صيرفة لخدمة المواطن إنما الدولة خلقت العجز الذي راكم الديون من خلال الموازنات”.

كما أعلن سلامة أن الخسارة تصل إلى 50 مليار دولار بين القطاعين الخاص والعام في لبنان والودائع باقية ما دام مصرف لبنان لم يُفلس، مضيفاً “نحتاج إلى أن تكون منصة “صيرفة” هي منصة للتداول علماً أنها تسجل كافة عمليات تداول الدولار وهي لا تعمل بمبدأ السرية المصرفية والهدف أن تعمل على توحيد أسعار الصرف”

وقال سلامة أن قوى سياسية نجحت في عرقلة النظام الماليّ في لبنان وقد أسميتهم سابقاً بـ”صانعي اليأس” ونأمل أن تستمرّ مؤسسة مصرف لبنان بقدراتها ومع خروجي من البنك المركزي أكون قد طويتُ صفحةً من حياتي.

جاء ذلك بعد تصاعد وتيرة انهيارات الليرة اللبنانية لتصل إلى مستويات قياسية جديدة متدنية مقابل الدولار الأميركي، والتي بلغت ذروتها الأسبوع الماضي.

حيث أشعل المودعون بعض أفرع البنوك اللبنانية، ورصدت وسائل إعلام لبنانية إن عدد من البنوك في البلاد تعرضت لهجمات من جانب عدد من المودعين الغاضبين من عدم الحصول على أموالهم، حيث وصل الأمر إلى إضرام النيران فيها.

بيد أن الليرة انهارت في وقت لاحق، نهاية الأسبوع الماضي، لتهبط إلى مستويات قياسية جديدة عند 80 ألف ليرة للدولار في السوق السوداء وفقًا لوسائل الإعلام اللبنانية.

ووفقًا لوسائل إعلام لبنانية قفز سعر صرف الدولار في السوق السوداء مقابل الليرة بحوالي 16000 ليرة في 8 أيام.

ليرتفع سعر صرف الدولار من مستوى 64 ألفا إلى 80 ألف ليرة للدولار الواحد، حيث تفاقمت الخسائر بعدما فقد مصرف لبنان القدرة على التدخل كقائد للسوق من خلال منصة صيرفة.


للمزيد: إغلاق معبر حدودي رئيسي بين باكستان وأفغانستان


الاخبار العاجلة