عن تصاعد النضال في مناطق 1948

28 يناير 2017آخر تحديث :
عن تصاعد النضال في مناطق 1948

بقلم: صادق الشافعي – الايام

رام الله- صدى الإعلام– 28/1/2017 كانت “أم الحيران” وطرد أهلها للمرة الثالثة، بعد أن كانوا رحّلوا من مساكنهم مرتين قبل ذلك، واستشهاد المربي يعقوب ابو القيعان، كانت الموقعة الأخيرة في سلسلة من الأحداث والاشتباكات في الأشهر الأخيرة دفعت الى المقدمة حقائق ثلاث.

ليس من هذه الحقائق ما هو جديد تماماً ولكن تفجر الأحداث يضعها في مركز الانتباه ويسلط عليها الأضواء، وربما يحسم الجدل حول بعضها.

الحقيقة الأولى، أن إسرائيل “لم تعد تطيق” وجود الفلسطينيين في حدود “دولتها ؟!” القائمة. هذه حقيقة ليست جديدة بل كانت واستمرت ولا تزال موجودة منذ اليوم الأول لقيامها.

هي، ربما سكتت عن بقائهم فيها لحسابات تتعلق بالوضع العام في زمن قيامها، ولضرورات تتعلق بالصورة التي أرادت ان تقدم نفسها ككيان سياسي جديد في المنطقة يتناقض مع واقع وطبيعة الأنظمة القائمة فيها.

لكن ذلك لم يمنعها من ممارسة كل أشكال الاضطهاد والتمييز العنصري ضدهم: من اغتصاب الأراضي والتهجير الداخلي، الى منع التمدد السكاني الطبيعي، إلى الحرمان من الخدمات الأساسية او تقديمها بحدودها الدنيا غير الكافية، الى إبقاء قرى وبلدات غير معترف بوجودها ومحرومة من كل الخدمات وإمكانات النمو والتطور كما حال ” ام الحيران”، الى التحقيق والاعتقالات المستمرة بالذات للنشطاء وأصحاب الرأي والانتماء، الى……

ولكن ذلك لم يمنع أيضاً، علو وتيرة وجدية دعوات ومشاريع ” الترانسفير” في كل فترة وظروف قدرت القيادة الصهيونية انها ملائمة لطرحها.

الآن يقول وزير الحرب الإسرائيلي ليبرمان خلال مشاركته بالمؤتمر السنوي لمعهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي: “المبدأ التوجيهي يجب أن يكون: تبادل أراضٍ وسكان، الكتل الاستيطانية يجب أن تبقى تحت السيادة الإسرائيلية، لن يتم نقل شخص واحد” (الأيام 25/1/2017).

ساهم في وصول دولة الاحتلال الى حالة “لا تطيق” معها وجود الفلسطينيين في دولتها عاملان:

الأول سيادة الفكر اليميني العنصري الاحتلالي الاستيطاني بشكل غير مسبوق لدى الأغلبية الساحقة من مجتمعها وقواها السياسية وائتلافها الحاكم.

والثاني، تناقض استمرار وجود الفلسطينيين مع توجهها الحاسم لإعلان نفسها دولة “يهودية” وهو توجه يتناقض مع حقيقة ان 20% من سكانها هم من غير اليهود (مسلمون ومسيحيون)، بقدر تناقضه مع التمسك بادعائها أنها دولة ديموقراطية.

هناك عامل ثالث ولكنه من الأهمية والأساسية بحيث يرقى ليكون هو الحقيقة الثانية.

الحقيقة الثانية، ان نضال جماهير الجليل والمثلث والنقب وصل الى درجة عليا من التجلي والفاعلية، والحقيقة، ان هذا النضال لم يتوقف منذ اليوم الاول لقيام إسرائيل، ولكنه وصل في السنوات الأخيرة الى درجة ومستوى لم تعد تستطيع ان تطيقه. فقد شهد النضال الوطني في هذه السنوات تطوراً ملحوظاً بكل أشكاله ومستوياته.

من ابرز تجليات هذا التطور، وحدته وتكامل قواه وأدواته في اطر جماعية محددة وذات قبول جماهيري، وعلى درجة عالية من التوافق والانسجام، أولها ” لجنة المتابعة العليا لشؤون الجماهير العربية”، ثم القائمة المشتركة في الكنيست، خصوصاً وان هذه الاطر تمد يدها الى الحركة الإسلامية للتنسيق والتعاون والنضال المشترك.

وقد نجحت هذه الأطر في إفراز قيادات وطنية تحظى بقبول واحترام واسعين من حركة الجماهير، خصوصا وان هذه القيادات تأتي من كل المكونات السياسية على تنوع خلفياتها الفكرية والتنظيمية ولا تقتصر على مكون او اثنين. فاصبح هناك قادة جماهيريون مثل: محمد بركة وايمن عودة واحمد الطيبي وحنين الزعبي وباسل غطاس…ومعهم الشيخ رائد صلاح، تجدهم حاضرين في كل ساحة وشوارع مدينة او قرية تقوم فيه الجماهير بنشاط نضالي او احتجاجي معين، يشاركونهم ويقودون نضالهم.

لقد وصل تحسس نتنياهو وخشيته من هذه الأطر الى تدخله المباشر بدعوة عنصرية للمصوتين اليهود للاستنفار والزحف الى صناديق الاقتراع لمجابهة الاقبال العربي الكثيف على الصناديق ينتخبون القائمة العربية المشتركة. لكن ذلك لم يمنع حصول القائمة العربية على ثلاثة عشر عضوا، وهو اكبر عدد يحصل عليه التمثيل العربي في الكنيست، ما جعلها الكتلة الثالثة.

الحقيقة الثالثة وقد تكون هي الأهم، هي المستوى الرائع والمبشر للتداخل والترابط والتكامل بين نضال جماهيرنا في الجليل والمثلث والنقب مع المسار العام للنضال الوطني الفلسطيني. ودون ان يعني ذلك إلغاء او التعارض مع حقيقة استمرار التمايز في العناوين والمهام المباشرة والأساليب التي يفرضها اختلاف الظروف الحاكمة.

ان حالة وحدة النضال الوطني ووحدة اهدافه الجامعة لم تكن يوما بمثل هذا الوضوح وبمثل هذا التكامل. وتجد هذه الحالة تعبيراتها المختلفة في اكثر من مناسبة واكثر من مجال بالذات في مجالات النضال الحقوقي والسياسي والجماهيري والتضامني وفي مجال الاسرى في سجون الاحتلال والدفاع عنهم، وغيرها.

ساعد في تشكل هذه الحالة، المستوى العالي الذي وصلته عنصرية دولة الاحتلال ومستوى رفضها للكل الفلسطيني وانها “لم تعد تطيق” وجوده، ليس فقط في حدود دولتها القائمة فقط، بل وعلى اي شبر من ارض فلسطين. كما ساعد في تشكلها درجة قمع دولة الاحتلال واضطهادها الموزع على كل التجمعات، وعماها عن الالتفات الى اي تمايز او التفات في الظروف والأوضاع.

ويبقى الوطن الفلسطيني بكل اهله، ولكل اهله في اي من مناطقه كانوا، وفي اي مكان خارجه تواجدوا.

الاخبار العاجلة