نتنياهو يخسر في الاستطلاعات.. ولكن متى سيسقط؟

19 يونيو 2023آخر تحديث :
باسم برهوم احتمالات ممكنة

صدى الإعلام _ الكاتب: باسم برهوم – في العقدين الأخيرين تقريبا لم يستطع أحد هزيمة نتنياهو في استطلاعات الرأي. وبقي يتربع على القمة حتى عندما كان يخسر الانتخابات العامة، اليوم نتنياهو يخسر موقعه لمصلحة زعيم “المعسكر الوطني” بني غانتس، والفارق بينه وبين نتنياهو توسع بحدود عشر نقاط (47 الى 36)، كما ان الائتلاف الحاكم هبطت مقاعده في الكنيست الى ما بين 50 و52 مقعدا. نظريا فإن نتنياهو وائتلافه الحاكم فقد شرعيته. لكن لا يزال يمتلك الشرعية البرلمانية ولا يزال رئيسا للوزراء ولا يمكن لأحد التنبؤ بموعد محدد لسقوطه.

التجارب والتاريخ يقولان لنا ان اي زعيم سياسي عندما يبدأ بفقدان بريقه وسحره تكون بداية نهايته ونتنياهو اليوم يمر بهذه اللحظة. وسرعان ما سيبدأ المقربون له بالقفز من قاربه المثقوب. هذا الثعلب المخادع الشعبوي بدأت اسهمه بالانحدار وأول من سيتخلى عنه المقربون منه في حزب الليكود، ومع ذلك قد لا يحدث ذلك في وقت قريب، فمصالح المؤتلفين في اليمين المتطرف يدركون انه ما ان ينفرط عقدهم فانهم لن يعدوا الى الحكم في وقت قريب.

ولم يعد سرا، فالجميع يدرك في إسرائيل ان الادارة الأميركية، إدارة الرئيس بايدن لا تريد ان تتعامل مع نتنياهو وعدد كبير من وزراء حكومته في مقدمتهم سموتريتش وبن غفير، كما لم يعد سرا ان هذه الإدارة ترغب بصعود غانتس تحديدا الذي بات يمثل وسط الخارطة السياسية في إسرائيل وأكثر عقلانية واعتدالا، كما ان غانتس يملك ائتلافا تتراوح مقاعده بين 64 و66 مقعدا مما يؤهله للصمود في الحكم لفترة اطول ويتخطى مأزق تكرار الانتخابات.

أسبوع بعد أسبوع يتراجع نتنياهو هو وائتلافه في استطلاعات الرأي، وفي مساء كل سبت يخرج مئات آلاف الإسرائيليين ضد محاولاته إخضاع السلطة القضائية لليمين الشعبوي المتطرف. وفي مرحلة تركز فيها الولايات المتحدة على الحرب الأوكرانية وعلى صراعها مع الصين فإنها تريد تخفيضا للعنف في الشرق الأوسط، ليس فقط في حلبة الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، بل ايضا على سبيل المثال في السودان، فواشنطن والرياض منخرطتان في محاولاتهما للجم الحرب الأهلية السودانية أو على الأقل منع خروجها عن السيطرة وتواجه اوروبا موجات اخرى من الهجرات.

بهذا المعنى فإن غانتس هو المناسب لهذه المرحلة.

ولكن في واشنطن نفسها هناك من لهم رأي آخر ويرغبون في استمرار نتنياهو وهم من محافظي الحزب الجمهوري، وخصوصا التيار الترامبي الذي طالما اعتبروا نتنياهو حليفا لهم حتى داخل الولايات المتحدة نفسها.

وفي الواقع نحن امام تشابك معقد للمصالح بين إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية يمتد لأدق التفاصيل. فإذا كانت واشنطن بجميع أطيافها تقف بالسراء والضراء مع إسرائيل بشكل عام، فهذه الأخيرة هي المشروع الأكثر نجاحا للمصالح الأميركية، ولكن في التفاصيل، فإن لكل من الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري ما يماثله في إسرائيل ويعتبره الأقرب له، لذلك نهاية نتنياهو تبدو أقرب في إسرائيل منها لدى يمين الحزب الجمهوري.

كل ما سبق هو أحد جوانب الأزمة الداخلية في إسرائيل، ولكن مأزق إسرائيل الحقيقي هو في الطبيعة المعقدة للديمقراطية، فهي بالشكل تبدو انها كغيرها من الديمقراطيات الغربية ولكن في العمق نجد انها ديمقراطية عنصرية وشعبوية لأنها تجيش الناخبين على نغمة الخطر الوجودي و”ارهاب الفلسطينيين”، كما انها ديمقراطية تغطي على سيطرة إسرائيل على شعب آخر هو الشعب الفلسطيني وتحتل ارضه. فالفارق بين نتنياهو وغانتس بما يتعلق بالاحتلال والشعب الفلسطيني هو فارق لفظي وبالنبرة أكثر منه حقيقيا وعمليا، كلاهما يتمسك بالاحتلال والاستيطان وحتى بالضم، ولكن احدهما يريد ذلك بشكل سريع وبطريقة استعراضية فجة لا تخلو من الوحشية تجاه الشعب الفلسطيني، والثاني بطريقة ناعمة وأقل سرعة وربما هذا ما يناسب واشنطن الآن.

نعود الى نتنياهو واحتمالات سقوطه، ففي اللحظة التي يشعر فيها الليكوديون انه اصبح عالة عليهم ويفقدون بسببه مصالحهم فإنهم سيبدأون بالتمرد عليه، كما يمكن أن يشهد الليكود انقسامات في المرحلة القادمة، وكلما شعر أقطاب الحزب ان نتنياهو يأخذهم للهاوية اقتربنا من لحظة التمرد وسقوط الائتلاف المتطرف.

حتى الآن ونتيجة للخوف لا يزال الائتلاف متماسكا، كما علينا ألا ننسى حجم الرشاوي التي قدمها نتنياهو للأحزاب الدينية والمستوطنين والصهيونية الدينية في الموازنة الأخيرة. فكل طرف نال ما يريده من الأموال وبسخاء، لذلك قد يطول الانتظار قليلا، الا ان نتنياهو لم يعد ملك إسرائيل، فنجمه آخذ بالأفول وهناك ملك جديد صاعد من صلب المؤسسة الأمنية.

 

الاخبار العاجلة