دونالد ترامب وإسرائيل!

31 يناير 2017آخر تحديث :
دونالد ترامب وإسرائيل!

بقلم: الدكتور ناجي صادق شراب – القدس

رام الله- صدى الإعلام– 31/1/2017 ماذا تريد إسرائيل من الرئيس الأمريكي الجديد غير الذي حصلت عليه من كل الإدارات السابقة؟ وكيف يرى الرئيس الأمريكي إسرائيل؟ فالعلاقات الأمريكية الإسرائيلية من الرئيس ترومان حتى الرئيس أوباما كما جاء في كتاب دنيس روس محكوم عليها بالنجاح. فالثابت الوحيد في السياسة الخارجية ألأمريكية في الشرق الأوسط هو إلتزام كافة الإدارات الأمريكية بأمن وبقاء إسرائيل، والتعهد بالتفوق العسكري النوعي على بقية الدول العربية. وثبات العلاقات بينهما لا يعني وجود بعض التفاوتات من إدارة لأخرى ، وتباين النهج والرؤية التى ترى فيها أمريكا دور إسرائيل في الإستراتيجية الأمريكية العليا. فإدارات معينه كإدارة ترومان وريغان وكلينتون وجورج بوش الابن تؤكد على القيم المشتركة التي تحكم العلاقة ، وهنا الإلتزام على اي إعتبارات أخرى. والبعد الديني واضح، الذي يربط بين بقاء إسرائيل وعودة المسيح المنتظر، وهنا تلعب الأصولية المسيحية دوراً هاماً.

وهناك إدارات اخرى مثلاً كإدارة أيزنهاور ونيكسون وجورج بوش الاب ترى العلاقة من منظور انها صفر مع حلفائه من الدول العربية. وذهبت الى ان العلاقات مع إسرائيل قد تحمل في طياتها قدراً من الضرر للعلاقة مع الدول العربية. أما إدارة الرئيس اوباما والتي أنهت علاقاتها بالنقيضين، إتفاق عسكري غير مسبوق مع إسرائيل يبلغ 38 مليار دولارإلتزاما بامن وبقاء إسرائيل، وبالإمتناع عن التصويت لقرار 2334 الذي يدين كل الإجراءات الإستيطانية في الأراضي الفلسطينية ، ويدعو إلى إنهاء الإحتلال الإسرائيلي وتبني حل الدولتين ، وهو ما اعتبرته إسرائيل خروجا عن علاقة الولايات المتحدة بإسرائيل، وهاجمته . وليس معنى ذلك ان الرئيس أوباما قد تخلى عن الإلتزام بامن وبقاء إسرائيل. وما ميز إدارة أوباما انه قد ميز بين البعد ألأمني والبعد السياسي ـ وان من حق الإدارة الاميركية ان تكون لها وجهات نظر مختلفة بشأن قضايا المنطقة كالملف النووي الإيراني ، والإستيطان وقيام الدولة الفلسطينية .

والسؤال اليوم بعد إدارة الرئيس ترامب كيف ستكون العلاقة ؟ وماذا يمكن ان تقدم إدارتها أكثر مما قدمته الإدارات السابقة ؟ بقراءة سريعة لخطاب ترامب الإنتخابي ، وخطاب التنصيب، يمكن القول ان نظرته قد تكون إمتداداً لإدارة الرئيس جورج بوش الأبن، تأثير الكنيسة الإنجيلية والأصول المسيحية ، والإنتماء لنفس الفكر اليميني التعصبي ، وموقفه من الإسلام الراديكالي ، وتجعلنا نذهب للقول انه يرى في إسرائيل نفس الصورة التي يحملها عن الولايات المتحدة ، وبداية التحول الذي قد طرأ على رؤيته بلقائه بلجنة ألأيباك وحرصه على الصوت اليهودي ، بعدها كان التأييد واضحاً لما تريده إسرائيل. وقد بدا الموقف المؤيد للرئيس ترامب من الضغط الذي مارسه على إدارة أوباما لعدم الإمتناع عن التصويت على القرار المذكور، وتعهده ان غداً ليس ببعيد، وان كل شيئ سيتغير بما فيه الدعم المقدم للمنظمة الدولية عقابا لها، ومطالبته بتغيير القرار ونقضه، وتعهده بنقل السفارة ألأمريكية من تل أبيب إلى القدس ناسفاً موقف كل الإدارات السابقة التي آثرت التاجيل في تنفيذ قرار النقل، ومما يمكن من التنبؤ برؤيته وسياسته إزاء إسرائيل فريق العمل الذي سيعمل معه في هذا الملف : تعيينه لفريدمان سفيرا له في إسرائيل وهو من اكثر الداعمين للبناء الإستيطاني ، ودعم إسرائيل، وتعهد بإدارة العلاقات من القدس التي له فيها سكن دائم، وتعيينه وليد فارس مستشاراً لشؤون الشرق الأوسط والمعروف بتحيزه لإسرائيل وكراهيته للفلسطينيين، وتعيينه صهره مبعوثا خاصاً للشرق الأوسط وإدارة ملف التفاوض، والمعروف بدعمه للنشاط الإستيطاني وأصوله اليهودية. لا شك هذا الفريق هو من قد يقرر سياسة الرئيس ترامب إزاء إسرائيل ، ويبقى السؤال ماذا تريد إسرائيل من مثل هذه إدارة؟

تريد إسرائيل ما هو أبعد من الإلتزام بأمن وبقاء إسرائيل، ومن المساعدات المالية والعسكرية ، تريد ما هو أعمق وأبعد في العلاقة ، وذلك بنقلة نوعية في العلاقات بينهما متجسداً في توقيع معاهدة دفاع مشرك تؤكد فيها الولايات إضافة لما سبق التعهد أن أي حرب على إسرائيل هي حرب على الولايات المتحدة ، وذلك في مواجهة التهديدات المشتركة كالإرهاب والقوة النووية الإيرانية ، ولذا تطالب الولايات المتحدة بمراجعة الإتفاق النووي ، وتعديله بما يضمن هذه الرؤية ألإستراتيجية.

وعلى مستوى القضية الفلسطينية تريد إسرائيل التخلص نهائيا من القضية الفلسطينية ،بما يتفق ورؤية اليمين الذي يحكم إسرائيل، بالتخلص اولا من حل الدولتين والتفكير في الحلول البديلة كالوطن البديل مع الأردن والحل الكونفدرالي ، والحلول المتعلقة بالحقوق الإنسانية ، والإعتراف بحق إسرائيل في التمدد الإستيطاني ، وضم الكتل الإستيطانية الكبرى كمعاليه أدوميم لإسرائيل بما يعني إستحالة قيام الدولة الفلسطينية .

إسرائيل تريد ما هو اكثر من نقل السفارة او الحماية في مجلس ألأمن، تريد ان تحدث تحولا في العلاقة لصالح إسرائيل أولا، وحتى لو جاءت على حساب مصالح الولايات المتحدة في المنطقة.

إسرائيل تريد بهذه المطالب التخلص من القضية الفلسطينية ، من ثم إلغاء كل قرارات الشرعية الدولية ومحوها من أرشيف الأمم المتحدة. حاولت إسرائيل التخلص من الشعب الفلسطيني وقضيته ولكنها فشلت رغم كل سياسات القوة والتهويد والإستيطان، واليوم تريد ما عجزت عنه لتقوم به إدارة الرئيس ترامب، من خلال فرض تسوية سياسية وحلول تهدر حق الشعب الفلسطيني في دولته ، وحقه في تقرير مصيره. ويبقى السؤال هل ستستجيب إدارة الرئيس ترامب لهذه المطالب التي تفوق قدرة السياسة الامريكية على تنفيذها؟ هذا ما قد تكشف عنه السنوات الاربع القادمة .

وتبقى إرادة الولايات المتحدة كدولة مؤسسات أكبر من قدرة الفرد الواحد حتى لو كان الرئيس ترامب. هذه السياسة والوعود والمطالب سيتوقف تنفيذها على الموقف العربي والفلسطيني ، وعلى محددات السياسة الأمريكية في المنطقة ، وعلى التحديات الكثيرة التي تنتظر ترامب. ويبقى السؤال ما هو الدور الذي يمكن ان يقوم به صهره كوتشينر كمنسق لعملية السلام؟ هناك فرصة لهذه التسوية لو أدرك ترامب ان هناك شعباً فلسطينياً له حقوقه المشروعة في أرضه، ومعه قوة الشرعية الدولية , يملك ترامب اوراقا كثيرة لإنقاذ ما تبقى من حل الدولتين فهل يضيع هذه الأوراق كما أضاعتها إدارة الرئيس أوباما على مدار ثماني سنوات؟

الاخبار العاجلة