لنقف إلى جانب أهلنا في غزة قولا وفعلا

10 أكتوبر 2023آخر تحديث :
باسم برهوم احتمالات ممكنة

صدى الإعلام _ الكاتب: باسم برهوم – بعد أن تلقت إسرائيل هزيمة مدوية، على الرأي العام أن يلتفت إلى أن الحديث لم يعد يدور عن استخدام إسرائيل القوة المفرطة ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، وإنما هي اليوم تستخدم الوحشية المفرطة، ما تقوم به الحكومة الإسرائيلية هي ترجمة لفشلها الأمني والعسكري بسياسة العقاب الجماعي، بل القتل الجماعي، فهذه الحكومة لم تعد حتى تلتزم بشكلية القانون الدولي بإبلاغ المواطنين في المنازل والبنايات المراد قصفها بالإخلاء وإعطائهم مهلة لبضع دقائق للقيام بذلك. ولكن منذ يوم أمس الأول تقوم الطائرات الحربية الإسرائيلية بتدمير البنايات على ساكينها دون أي انذار. تفسير ذلك أن إسرائيل التي باتت تتلقى دعما كاملا من واشنطن والدول الغربية، لم تعد تكترث إذا ما ارتكبت جرائم حرب، وأن يدها مطلقة أقلها في المرحلة القليلة القادمة.

حتى كتابة هذا المقال فقد استشهد 475 شهيدا، قسم، وجلهم مدنيون، وقسم كبير منهم نساء وأطفال، بالإضافة إلى أكثر من 2500 جريح، وتدمير عشرات المباني والبنى التحتية ومساجد ومستشفيات ومدارس.

وإذا ما أخذنا النوايا الإسرائيلية بالتصعيد تجاه القطاع، فإن هناك مخاوف من أن تقوم إسرائيل بمزيد من الجرائم وتقوم باستخدام سياسية الأرض المحروقة، بحجة أنها تعد لعملية عسكرية برية واسعة في القطاع.

ومنذ العام 2008 – 2009، أي منذ أول عدوان إسرائيلي على غزة ضمن سلسلة من الاعتداءات الستة، فإن أكثر من 7 آلاف مواطن استشهدوا وعشرات آلاف جرحوا. وشعبنا في القطاع منذ 16 عاما يخضع للحصار والتجويع ومحروم من أبسط أنواع الحياة الإنسانية، انطلاقا من كل ذلك، ومما يجري الآن من قتل وتدمير، على الكل الفلسطيني الوقوف إلى جانب غزة وأهلها.

إلى جانب فرحتنا بهزيمة إسرائيل، يجب أن تبقى عيوننا على الغزيين الذين يدفعون فاتورة النصر من دمهم وأرزاقهم وأعصابهم ونفسياتهم وأطفالهم. بمعنى بالضرورة أن نعمل على خطين: خط الفرح والتعبير عنه، وفي نفس الوقت تحريك حملات التضامن والدعم مع شعبنا في غزة.

العالم المنافق يروج دعايته المسمومة بأن الفلسطينيين هم المعتدون “الإرهابيون” ليبرر الوحشية الإسرائيلية ويعطيها الضوء الأخضر ويؤمن لها التغطية الإعلامية والدبلوماسية والسياسية لتقتل بدم بارد، هذا العالم عندما تكون إسرائيل في مأزق يضع صراع عمره أكثر من قرن وربع، ويضع جانبا الظلم الفظيع والمتجدد الذي لحق ويلحق بالشعب الفلسطيني ويهب لنجدة إسرائيل ويعطيها الحق بسفك الدم الفلسطيني كيفما تريد.

قليلة هي وسائل الإعلام الغربية التي لا تزال، وفي ذروة التضليل، تتحدث أن قضية فلسطين هي السبب الرئيس لكل هذا الدم والتوتر، ولا تزال تتحدث أن في وسط كل ما يحدث هناك مدنيين فلسطينيين أبرياء تقوم إسرائيل بقتلهم دون مبرر حقيقي.

هناك حاجة أن نرفع صوتنا وأن نتواصل مع العالم أجمع، ونبقي مسألتين في وعيه، الأولى أن المشروع الصهيوني جاء بالأساس بهدف إلغاء وجود الشعب الفلسطيني، وأن إسرائيل هي من يحتل الأرض والشعب، وبالتالي لا يمكن توقع أي استقرار بدون إنهاء الاحتلال وإيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية. المسألة الأخرى هي أن لدى الشعب الفلسطيني مدنيين أبرياء وليس إسرائيل وحدها، العالم لا يرى إلا مدنيين إسرائيليين ويغمض عينه عن المدنيين الفلسطينيين الذين تمزق الآلة العسكرية المتوحشة الإسرائيلية أجسادهم وممتلكاتهم البسيطة، وينسى أن الغضب الفلسطيني ينبع من ظلم عميق ومن إحباط وفقدان الأمل الذي طال أمده.

المعادلة صعبة وظالمة كما هي على امتداد زمن الصراع. ولكن لا مجال لنرى شعبنا في غزة ينزف ونحن نكتفي بالاحتفال على منصات التواصل الاجتماعي، وكأننا كما الغرب لا يهمنا موت الفلسطينيين نتيجة سوء التقدير أو نتيجة الإيحاء بأن إسرائيل على وشك أن تنتهي ولا يهم أن يموت بعض الفلسطينيين المدنيين بآلة القتل الإسرائيلية. المعادلة الأكثر جدوى أن نرى الصورة كاملة، وأن نرى هزيمة إسرائيل ونفرح لها ولكن دون أن نترك أطفال غزة يموتون ولا نلتفت.

إسرائيل الجريحة، والتي تلقت ضربة قوية، ستكون أكثر وحشية، والعلم المنافق سيعطيها الوقت لتنهش من لحمنا قبل أن تقول الكلمة السحرية “لا بد من ضبط النفس وعدم استخدام القوة المفرطة”. على أهلنا في غزة أن يشعروا أننا معهم فعلا لا قولا، والنداء هنا موجه لكل الشعب الفلسطيني أينما وجد وعندما نقف موحدين نكون فاعلين ومؤثرين أكثر.. غزة تنزف اليوم لنقف معها بكل الوسائل.

الاخبار العاجلة