سقوط إسرائيل الأخلاقي لا يمكن ترميمه

13 نوفمبر 2023آخر تحديث :
باسم برهوم احتمالات ممكنة

صدى الإعلام _ الكاتب: باسم برهوم – إسرائيل، في نظر غالبية الدول، والرأي العام، هي اليوم قاتلة للاطفال، دولة تمارس الابادة الجماعية، تقصف المستشفيات والمدارس تقطع الكهرباء والماء عن اكثر من مليوني انسان، والعالم يرى ان آلة حربها تدمر كل شيء بلا اي حرج وتهجر السكان بمئات الالاف.

هذا الواقع الوحشي لا يمكن ان ينظر اليه الا كونه سقوطا اخلاقيا من الصعب ترميمه، وان العالم لن يغفر بسهولة بان تكون الدولة اليهودية الوحيدة، كما تصف إسرائيل نفسها. مسؤولة عن كل جرائم الابادة.

لقد تعامل العالم مع إسرائيل بانها دولة يهودية صغيرة بين دول عربية معادية، وفي الغرب تم تسويق إسرائيل بانها “الدولة الديمقراطية” الوحيدة في المنطقة، وانها امتداد للعالم المتمدن والحضارة الغربية. ونتيجة لهذا التسويق تمت معاملة إسرائيل وكانها دولة فوق القانون الدولي ومن غير المسموح محاسبتها، كما سمح لها بألا تلتزم بقرارات الشرعية الدولية، وان تتنصل حتى من الاتفاقيات التي وقعتها هي.

وحشية الحرب التي تقوم بها إسرائيل في قطاع غزة لن تزول من ذاكرة الرأي العالم العالمي بسرعة، واصبحت الدولة اليهودية في نظر العالم دولة توراتية تقوم بحروب ابادة، كما كانت عليه البشرية قبل 3 الاف عام عندما كان قانون الغاب هو من يحكم. وعلى صعيد راهن سوف يتذكر العالم ان إسرائيل الجديدة هي ايضا وليدة الحقبة الاستعمارية العنصرية والمتوحشة في القرن التاسع عشر، وهي الحقبة التي ابادت خلالها الدول الاستعمارية الشعوب الاصلية واباحت قتلها وتطهيرها عرقيا.

ويكتشف العالم ان إسرائيل ليست دولة ديمقراطية وانما هي دولة كان نتنياهو والاحزاب الدينية الصهيونية يعملون قبل الحرب على تحولها الى دولة الشريعة اليهودية، دولة اصولية مغلقة وفاشية. وبالاضافة الى ذلك فقد ثبت ان الديمقراطية والاحتلال لا يمكن ان يلتقيا، وان الاحتلال والمستوطنين هم من يسيطر على الدولة “الديمقراطية”، ويتصدون لكل من يقترب من فكرة السلام وحل الدولتين، ويحاولون داخليا بإضعاف التيارات اللبرالية واليسارية، وخلاصة ذلك ان الحقيقة التي بدا الرأي العام الدولي يكتشفها ان هذه الدولة ما هي الا دولة صهيونية عنصرية وفاشية، واليوم يضاف لكل ذلك انها وحشية وبربرية.


لا تبكوا علي سأنتصر بمفردي”.. جمهور الأفريقي التونسي يتضامن مع غزة


الحرب لا تزال مستعرة، ولا يبدو ان نهاية قريبة لها، فانها وكلما توحشت إسرائيل سوف تكون في ورطة اخلاقية كبيرة مهما حاول الاعلام او شركات العلاقات العامة تبييض صفحتها. فما يجري من الصعب ان يمحى من ذكرة الرأي العام، وان صور قتل الاطفال وتدمير المستشفيات والمدارس ومنازل الناس وتهجيرهم ستبقى ملتسقة بتاريخ إسرائيل… السؤال الان: هل سيواصل العالم معاملة إسرائيل وكانها فوق القانون ولا تخضع للمحاسبة؟

هناك حالة نادرة، ففي حين يتولد الانطباع بأن الراي العام قد بدا يكتشف حقيقة إسرائيل كدولة عنصرية تقوم بجرائم حرب، فإن الحكومات الغربية تقوم بتغطية وتبرير الوحشية، وهي كما يبدو تواصل هذه السياسة، انطلاقا من الحقيقة الكلاسيكية ان إسرائيل تمثل القاعدة الاهم للمصالح الأميركية والغربية، وربما ياتي السؤال الثاني: هل ستتحمل هذه الدول تبعات هذا السقوط الاخلاقي؟ وكيف ستواصل الدول الغربية الادعاء بانها دول تدعي الديمقراطية وتدعم القانون الدولي وحقوق الانسان؟

لقد اسقطت هذه الحرب الوحشية ورقة التوت التي كانت إســرائيل تخفي حقيقة انها دولة احتلال وعنصرية واصبحت اليوم غير اخلاقية. كما انكشفت حقيقة الفكرة الصهيونية التي هي جذر الوحشية التي يراها العالم، وهذا الاستسهال في عمليات التطهير العرقي. ومن الناحية الفلسطينية، فإن لدينا فرصة لفرض التمييز بين اللاسامية ومسألة نقد الممارسات الإسرائيلية ونقد الاحتلال، ولدينا فرصة اكبر لاقناع العالم ان جوهر المشكلة هو استمرار الاحتلال وحرمان الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير المصير على ارض وطنه. والاهم ألا تذهب هذه التضحيات دون محاسبة إسرائيل على جرائمها ودون اجبارها على انهاء الاحتلال.

 

الاخبار العاجلة