لمن الشارع الآن ؟!

29 نوفمبر 2023آخر تحديث :
لمن الشارع الآن ؟!

صدى الإعلام _  الكاتب: موفق مطر – جملة التساؤل في العنوان نطقها خبير بالشأن الاسرائيلي، تستضيفه فضائيات عربية تحت هذا المسمى، ومقصده الشارع الفلسطيني، في سياق استنتاج نعتقد أنه كان خاطئا، ففي ذروة حملة الابادة الصهيونية على الشعب الفلسطيني في كل مكان من ارض الوطن (فلسطين )، لا يجوز توجيه الانظار بهذا المنحى الخطير، فالفضاء الاعلامي المفتوح بلا حدود، يدفعنا كما نعتقد نحو التحلي بالمسؤولية الوطنية الأخلاقية والسياسية على حد سواء، وذلك احتراما لدماء عشرات آلاف الشهداء الأبرياء في قطاع غزة والضفة بما فيها القدس، ونعتقد قبل الاسهاب بضرورة الرد على هذا التساؤل :” لمن الكلمة الآن في الشارع ؟ ” بجواب متحرر من أي استغلال سياسي ونقول: الشارع الآن للشعب الفلسطيني، ويجب ألا يكون بغير هذه الصيغة والصورة، الشعب كل الشعب، فأرواح ومقدرات ومصير الشعب الفلسطيني ليست معيارا لقياس مقام هذا أو ذاك، وإنما لقياس ما نحققه من انجازات على درب الحرية والاستقلال، ولقياس تمسك الشعب الفلسطيني بثوابته، وانجازاته السياسية وعلى رأسها منظمة التحرير الفلسطينية، ممثله الشرعي والوحيد، ودولة فلسطين، الحاضرة في قاموس القانون الدولي كنتيجة حتمية لنضاله التحرري الوطني.

الكلمة الآن للشعب الفلسطيني الذي تواجه قيادته وباقتدار حرب الابادة الدموية الصهيونية، وتعمل على محاصرتها وإطفاء نيرانها، وإسكات أسلحتها للأبد، عبر تجسيد الحل السياسي الشامل، والإقرار بحق الشعب الفلسطيني بقيام دولته المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية، وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية التي قضت بهذا الحق. والكلمة الأقوى التي لطالما كانت حاضرة في وجدان الشعب هي ان منظمة التحرير الفلسطينية كانت وستبقى الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، وأن هذا الشارع المؤمن بمنطلقاتها ومبادئها واهدافها مدرك بيقظة عالية لما تروجه وسائل إعلام مضادة للمشروع الوطني أو عبر وسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي و(السوشيال ميديا). ويلمس حجم الهجوم المنظم على رئيس وقيادة الشعب الفلسطيني، ومنظمة التحرير ومؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية، المتوازي مع هجوم منظم من وزراء في حكومة الصهيونية الدينية برئاسة نتنياهو، ونعتقد أن المتابع بتجرد إلا من العقلانية سيكتشف أن عشرات آلاف الأطنان من القنابل والقذائف التي فجرها جيش منظومة الاحتلال الاسرائيلية خلال هجمات حرب الابادة الدموية، كان يوازيها على الأرض عملية مبرمجة هدفها تفجير الوعي الوطني، والاخلال بتوازن الشارع، وإفقاده القدرة على تبصر ورؤية كيفية تحقيق وتجسيد المشروع الوطني الفلسطيني، فالشارع الفلسطيني مستهدف، والثوابت الوطنية مستهدفة، ولا يمكن لمنظومة الاحتلال تحقيق اهدافها إلا بتعميم حالة انفعالية، غالبة للعقلانية، وفي الحد الأدنى العقلانية، فالمقصود بالنسبة لمنظومة الاحتلال توسيع دائرة الانهيار في الشارع الفلسطيني، الذي عليه ترتفع مكانة القوى الوطنية الذي تمثله .

 

لا يجوز اخذ الشارع بمنظور الاستغلال السياسي، لأن خطيئة من هذا النوع ستنعكس سلبا على المصالح العليا للشعب، ولا يجوز لأي شخص يعتبر نفسه وطنيا عاقلا أن يذهب باتجاه تجزئة الشارع، وتقسيمه، فاللحظة المصيرية تحتم علينا رؤية الشارع بمنظار المسؤولية الوطنية الشاملة، على الأقل في هذه اللحظة حيث عشرات الآلاف من شعبنا يعيشون واقع الجحيم بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى وتفاصيل، شعبنا في كل شوارع الوطن عموما، وبالتحديد في قطاع غزة، حيث أكثر من مليوني مواطن فلسطيني غابت معالم الشوارع عن الوجود وحتى باتت الدماء وجثامين الشهداء العلامة الوحيدة على الأرض! وهذا وحده كفيل بأن نفكر لمن يجب ان يكون الشارع، ونعمل لأن يكون لأبناء هؤلاء الشهداء على امتداد جغرافية فلسطين وتاريخ شعبها، بعزة وكرامة وحرية واستقلال وسلام ..، فاللحظة مصيرية، والمؤامرة على الوجود الفلسطيني لم ولن تستثن أحدا .. فليس وطنيا، ولا شرعية له، من لا يحصر تفكيره وبرنامج عمله اليومي، بكيفية انقاذ شعبنا من ويلات المؤامرة الجارية عمليا وفعليا ومن مصائبها، فتعزيز صمود الشارع الفلسطيني، وتسليحه بالوعي الوطني السليم النقي، سيحميه من نكبة جديدة وهجرة قسرية، فالأولوية ليس السؤال لمن هذا الشارع الآن، وإنما لحماية هذا الجزء الأصيل من الشعب الفلسطيني في غزة من خطر موت يتعاظم، ومن تجويع، وتسريع ابادة موازية عبر نشر امراض قاتلة، ودعايات لمفاهيم تفتك بوعيه الوطني أولا .

الاخبار العاجلة