لو يعود الزمن بغزة إلى العام 2005 ونعيد ترتيب أمرنا

28 ديسمبر 2023آخر تحديث :
باسم برهوم احتمالات ممكنة

صدى الإعلام _ الكاتب: باسم برهوم –  في آب/أغسطس عام 2005 انسحبت إسرائيل من قطاع غزة، واخلت مستوطناتها وسوتها بالارض قبل ان تخرج.

وكان هناك اتفاق فلسطيني إسرائيلي ان يبقى معبر رفح مفتوحا لـ 24ساعة للمواطنين ومئات الشاحنات، التي ستاتي عبر معبر كرم ابوسالم، كما نص الاتفاق عى بناء ميناء دون اي تدخل من إسرائيل، اضافة الى اعادة بناء المطار الذي دمره الجيش الإسرائيلي في بداية الانتفاضة الثانية.

في تلك السنة كانت هناك احاديث مكثفة حول خطط لتطوير قطاع غزة، وكيفية استغلال الاراضي التي كانت المستوطنات والمعسكرات الإسرائيلية عليها، وتحويلها اما الى مناطق زراعية تعمل باساليب حديثة، او مرافق سياحية، واخرى منطقة صناعية.

وكانت الامال والتطلعات كبيرة وساد الاعتقاد ان غزة ستصبح رئة الدولة الفلسطينية المستقلة التجارية والاقتصادية، خصوصا ان العمل كان قد بدأ لاستخراج الغاز، الذي كان سيدرعلى الخزينة والشعب الفلسطيني المليارات، وتصبح الدولة الفلسطينية قابلة للحياة وتحقق اكتفاء ذاتيا على الصعيد المالي، وان تكون قادرة على تطوير نفسها ضمن خطط للتنمية باستمرار.

وبالرغم من ان الواقع على الارض في قطاع غزة كانت تسوده الفوضى وتعدد مصادر القرار والسلاح غير المنضبط، فإن الامال بقيت معقودة ان يستغل ويستفيد الشعب الفلسطيني من هذه الفرصة لتقديم نموذج انمائي وحضاري واستثثماري يشكل رافعة للدولة الفلسطينية.

في حينها بدأ الافراد كما الشركات يتحدثون عن فرص الاستثمار، وعن الامكانيات والافاق التي باتت في متناول اليد، الحديث عن قطاع خدمات متطور، قطاع تجاري يزدهر مع وجود ميناء ومطار ومعبر حدودي بري يعمل كل الوقت. شواطئ غزة الساحرة ستتحول الى مناطق سياحية، فالقطاع يمتلك ساحل طوله 41 كيلومترا، وهو اقل بقليل من الساحل السوري على المتوسط 65 كم، بمعنى انه يكفي لميناء كبير وشواطئ استجمام، يمكن ان تستقطب السياحة الداخلية والخارجية، وان نرى الفنادق والأسواق، والمناطق الصناعية. دعونا نسأل ماذا لو عدنا الى العام 2005 ونعيد تركيب المشهد ليقود الى هذا الازدهار، ويكون القطاع رئة الدولة الفلسطينية؟ لعله سؤال صعب ومر في مثل هذه الظروف القاسية التي يدمر خلالها قطاع غزة عن بكرة ابيه. ويتحول الى منطقة غير قابلة للحياة، ويشهد حرب ابادة على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي، ولكن اهمية السؤال هو ان نفكر معا كيف وصلنا الى ما وصلنا اليه من كارثة ودمار؟ وان نقيم التجربة ونتفادى تكرارها في المستقبل، وألا يبقى الشعب الفلسطيني يدور في حلقة مفرغة وألا يستفيد من تراكم المكاسب مهما كانت بسيطة احيانا؟ نتساءل ماذا لو كنا اكثر تنظيما، ولدينا مجتمع يؤمن بسيادة القانون، وان نبتعد عن استخدم القوة لحل خلافاتنا الداخلية، ماذا لو لم تقم حماس بانقلابها ولم يحصل الانقسام وفصل قطاع غزة عن الضفة وعدم سيطرت القيادة الوطنية الشرعية على كل جغرافيا الوطن وقراره؟ لماذا فشلت كل المحاولات لاستعادة وحدة الوطن، وتعمق الانقسام واصبح في قطاع غزة نظام سياسي وايديولوجي مختلف عن ما هو في الضفة؟ وهل كان ضروريا ان يخوض القطاع خمس جولات من القتال مع إسرائيل، ويقتل بها الاف المواطنين وتدمر بها مقدرات غزة. ونحاول إعادة البناء في كل مرة؟ لقد كان بالإمكان ان يكون المشهد الوطني في قطاع غزة مختلفا.

ومن هذه النقطة ايضا يمكن ان نعمل لليوم التالي بعد الحرب بطريقة مختلفة،وان نبدأ من النقطة التي تهنا فيها بحزيران/ يونيو عام 2007 ونلغي هذا الانقلاب وكل تداعياته.

بالتأكيد قطاع غزة يستحق مستقبلا افضل ومختلفا، الواقع صعب جدا ولكن لن نفقد الأمل بان نعود إلى السراط المستقيم.

 

الاخبار العاجلة