الشعور بالزمن بين عامين لا معنى له في فلسطين

2 يناير 2024آخر تحديث :
باسم برهوم احتمالات ممكنة

صدى الإعلام _ الكاتب: باسم برهوم – بالنسبة للفلسطينيين الموجودين في قطاع غزة فالشعور بالزمن هو تلك اللحظة التي تمر بين قذيفة وأخرى، بين صاروخ تقذفه طائرة اف 16 او طائرة بدون طيار واخر، هم يعيشون لحظات الزمن بين الحياة والموت، تماما كحالة شخص محكوم عليه بالإعدام، فما حاجته للشعور بالزمن، في غزة الناس احياء حتى اشعار اخر، او قذيفة اخرى.

الفلسطينيون في الضفة يعيشون الزمن بطريقة اخرى، فهم يتوجعون على ما يحصل في غزة، والزمـن بالنسبة لهم هو الفارق بين اقتحام وآخر، ويشعرون به بطيئا وهم يقفون لساعات على الحواجز العسكرية، وفي المحصلة هم يعيشون حالة ترقب متعبة لما قد يحصل لهم لاحقا، فالزمـن هو حالة انتظار وترقب.

اما الفلسطينيون في الشتات، فهم يتنقلون الـزمن بين الحزن والخوف والتضامن وتعزيز التضامن من اجل وقف الحرب.

الشعوب الاخرى على امتداد العالم كانت تحتفل بكل اشكال الفرح اللحظات الزمنية الفاصلة، تلك الثواني، الفاصلة بين سنة وأخرى، وفي كل عواصم العالم كانت لحظات فرح وسعادة وتبادل التهاني والتمنيات بعام اكثر سلاما ومحبة وأن يحمل فرصا افضل لحياتهم الشخصة.

اما الفلسطينيون في غزة،فلم يكن لديهم الوقت لكل ذلك وانما هم وكما كل لحظات الزمـن يتمنون وقف الحرب، لان هذا الوقف هو وحده قد يمنحهم بعض الهدوء لتفقد اجسادهم ان كانت لا تزال سليمة، وتفقد من لايزال من اسرهم وأصدقائهم على قيد الحياة، وبعدها قد يفكرون بالزمن الذي يحتاجونه لإعادة بناء بيوتهم وحاراتهم ومدارسهم ومستشفياتهم، وإعادة تعبيد شوارعهم التي حرثتها جرافات ودبابات العدو.


اقرأ|ي أيضاً| لليوم الـ88.. تواصل عدوان الاحتلال على غزة


في غزة الناس يعيشون خارج الزمـن المتعارف عليه، فهم يبحثون عن فرص وليس عن زمن. فرص للحياة، فرص للحصول على غذاء او مأوى بين الخيام التي ازدحمت في المربع الاخير للنجاة عند الحدود مع مصر.

الفلسطينيون اينما كانوا شعروا ان الزمـن بين العامين لا يعنيهم، لانهم يمرون في محنة، ومن يكون في محنة لا يشعر بزمن البشر الاخرين، فهؤلاء لديهم ترف الوقت والانتقال من زمن الى زمن باريحية تامة، اما الفلسطيني فهو من يتلقى الضربات..فما اهمية الزمـن بالنسبة اليه؟ ربما صموده وحده من يعيد اليه زمنه، خارج زمن المهيمنين على العالم، الذين عاشوا لحظة الانتقال من عام الى عام دون ان يرمش لهم جفن لما يجري للفلسطيني من حرب ابادة في غزة، وحصار لمدن وقرى ومخيمات الضفة.

لقد اثبتت محنة الفلسطينيين الحالية، ان للطبيعة زمنا مختلفا عن زمـن البشر، صحيح ان الانسان وضع قياس الزمـن بناء على متغيرات الطبيعة اليومية والفصلية، انطلاقا من علاقة الارض بالشمس، الا ان الفسطيني في غزة توقف عن ربط الزمـن بالطبيعة، فهو يعيش تحت وطأة التنقل في المكان حسب انذارات جيش الاحتلال التي تأمره في كل ساعة مكان النجاة الوهمي الجديد الى ان انفصل عمليا عن المكان والطبيعة والزمن.

الفلسطيني في غزة مشغول بنجاته الصعبة هو يعيش في الوقت الضائع، فهو اما يموت او ينجو،فإن الصدفة وحدها قد تنقذه او تقتله، فما قيمة الزمـن اذن، وما هي قيمة لحظات الانتقال من سنة مضت وسنة جديدة اتت؟

 

الاخبار العاجلة