الجميع يخطئ.. هل حماس معصومة عن الخطأ؟

11 يناير 2024آخر تحديث :
باسم برهوم احتمالات ممكنة

صدى الإعلام _ الكاتب: باسم برهوم – في إعلام حماس وحلفائه يكثرون من الأخبار عن مسؤولين إسرائيليين سابقين، أو من المعارضة أو حتى في الصحافة الإسرائيلية وبعض المسؤولين الرسميين الإسرائيليين الحاليين يتحدثون فيها عن إخفاقات إسرائيل يوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، أو حتى عن إخفاقات خلال العملية العسكرية، وينتقدون بشدة نتنياهو وحكومته، كما يتناول إعلام حماس ويكثر الحديث عن تشكيل إسرائيل للجان تحقيق، وهذا بالمناسبة تقليد إسرائيلي في كل الحروب، وتقوم حماس بإبراز ذلك وكأنه انتصارات لها، من دون أن نسمع لمرة واحدة أن حماس قد أخطأت هنا أو هناك، ولكن وكما هو معروف فإن من نهج حماس وكافة فصائل الإسلام السياسي هو نقد الآخر ونقد إخفاقاته وأخطائه، ولكن لا حماس ولا هذه الفصائل “الجهادية” أجرت لمرة واحدة تقييما واعترفت أنها أخطأت، فهم يتصرفون بأنهم جند الله المعصومون عن الأخطاء.

دعونا نتابع معا ما كان على حماس أن تتوقف عنده وتقييم تجربتها وتقول للرأي العام إنها إما أخطأت أو أصابت.

أولا: بعد انتخابات العام 2006، والتي فازت بها حماس وشكلت حكومة إسماعيل هنية، ومن ثم ترأست حكومة وحدة وطنية بعد اتفاق مكة، السؤال هنا: هل يمكن لحماس أن تكون سلطة وفي نفس الوقت مقاومة في ظرف مثل الظرف الفلسطيني؟ ألا تستحق هذه التجربة تقييما، والغريب أن حماس تتمسك بشدة وحتى الآن وبعد كل ما حصل في قطاع غزة بسلطتها وتكرس مقاومتها وهذا الدم النازف من أجل الحفاظ على هذه السلطة، وكأن هذه الأخيرة أصبحت هي الهدف وليس أي شيء آخر.

ثانيا: الانقلاب العسكري، أو ما تطلق عليه هي “الحسم العسكري”، الذي قامت به عام 2007، وقاد إلى أخطر انقسام في تاريخ الشعب الفلسطيني، وهو الذي أوصلنا إلى النكبة الحالية، التي نعيشها اليوم، ألا يستحق ذلك اعترافا بأن هناك خطأ قد حصل نتيجة هذاالانقلاب.

ثالثا: عملية السابع من تشرين الأول/ أكتوبر وبالرغم ما فيها من إعداد وتنفيذ لافت من الناحية العسكرية، ولكن بعد كل هذا العدد الكبير من الشهداء (حوالي 30 ألفا)، وهذا العدد الهائل من الجرحى (60 ألفا)، والدمار الشامل، ألا يستحق أن تقول حمـاس لنا إن هذه العملية كان فيها قدر من المغامرة والانتحار، والمشكلة الأكبر أن تواصل حـمـاس المكابرة وتعطي لآلة الحرب الإسرائيلية كل الوقت لتكمل حرب الإبادة الجماعية وتكمل تدمير القطاع والذي سيقود حتما إلى التهحير القسري أو الطوعي.

رابعا: الموقف من منظمة التحرير الفلسطينية وطرح حماس نفسها بديلا لها، ألم تلاحظ حماس كم كلفت هذه السياسة وهذا النهج الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية، وأعطى إسرائيل وجميع المتربصين بالوحدة والتماسك الفلسطيني فرصة للتشكيك بصفة المنظمة التمثيلية للشعب الفلسطيني، ألم تدرك حماس أن هذه لعبة خطيرة جدا وأنها قد تقود إلى تصفية القضية الفلسطينية برمتها، لو كانت حماس حريصة على الوحدة الوطنية وعلى المنظمة وإصلاحها لانضمت إليها وبدأت العمل من الداخل.. ألا يستحق هذا الموقف إلى مراجعة.

خامسا، وجود الغالبية العظمى من قيادة حـماس بالخارج، رغم أنه ثبت أن الخارج لا يحميها، هروب قيادة حمـاس من القطاع، وعدد كبير من هذه القيادات هرب قبل أسابيع قليلة من السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، هروبهم وترك المواطنين في غزة وحدهم يتلقون عنف إسرائيل وجنونها.. ألا يستحق ذلك تقييما وأن تقدم حماس تفسيرا لهذا الهروب للقيادات مع عائلاتهم.

سادسا: تحالفات حـماس الإقليمية، وأن تضع نفسها في خدمة أجندات الآخرين، الأمر الذي دفع الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية ثمنا باهظا له. هناك العديد من القضايا التي كان على حماس الاعتراف بأنها ارتكبت أخطاء بشأنها وكان أثرها كارثيا على الشعب الفلسطيني، كالسؤال، مثلا: هل كانت كل هذه الحروب على غزة ضرورية، خمس حروب في عقد من الزمان، هل قامت حـماس بتحصين الجبهة الداخلية في قطاع غزة بما يكفي لمواجهة حرب من هذا الحجم، أم أن المهم أن تقوم بالأعمال وعلى الشعب أن يدفع ثمن مغامراتها؟ وإذا اتفقنا أن لا أحد معصوم عن الخطأ، فلماذا لا تعترف حـماس بأخطائها، وإذا كان لا بد من ذلك، لماذا لا تبادر حـماس لتحمل المسؤولية عن أخطائها وتحاول وقف الحرب من خلال مبادرات عملية، وإذا كانت حماس حريصة أن تكون جزءا من المستقبل فإن الخطوة الاولى تبدأ بالاعتراف بالأخطاء.

الاخبار العاجلة