خطوة أميركية غير مسبوقة ضد عنف المستوطنين

4 فبراير 2024آخر تحديث :
رمزي عودة
رمزي عودة

صدى الإعلام _ الكاتب: رمزي عودة – أعلنت وزارة الخارجية الأميركية الخميس الماضي عن أول حزمة من العقوبات بموجب أمر تنفيذي جديد وقعه الرئيس الأميركي بايدن، وتستهدف أربعة مستوطنين من مرتكبي “أعمال العنف” في الضفة الغربية. وتشمل هذه العقوبات المنع من استخدام النظام المالي الأميركي ومنع السفر للولايات المتحدة وتجميد أصولهم المالية ومنع الأميركيين من التعامل معهم.

وجاء هذا القرار بعد عدة أشهر من التحذيرات الأميركية لحكومة نتنياهو بارتفاع وتيرة عنف المستوطنين ضد المدنيين الفلسطينيين، في الوقت الذي لا تقوم به هذه الحكومة بأي إجراءات لحماية هؤلاء المدنيين.

ليس هذا فقط، بل إن أجهزة الأمن الاسرائيلية تقوم بحماية المستوطنين الذين يقومون علانية بقتل الفلسطينيين وحرق ممتلكاتهم وهدم بيوتهم. وما مشاهد حرق حوارة وترمسعيا وتهجير الفلسطينيين من الأغوار ومسافر يطا إلا شاهد واضح وموثق على مئات الجرائم التي يتعرض لها الفلسطينيون من قبل المستوطنين اليهود.

تشير معطيات وبيانات وكالة الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) بأنها سجلت خلال الستة شهور الأولى من العام 2023 نحو 600 جريمة قام بها المستوطنون ضد المدنيين الفلسطينيين. وحسب هذه البيانات، فإن معدل هذه الجرائم شهريا بلغ 99 جريمة واعتداء في زيادة تمثل 39% عن المعدل الشهري لاعتداءات المستوطنين في العام 2022.

وأمام تصاعد حجم الاعتداءات على المدنيين الفلسطينيين، اعتبرت الخارجية الأميركية العام 2023 الأكثر عنفا من قبل المستوطنين، في الوقت الذي أشار اليه مركز الأورمتوسطي الى أن أكثر من 85% من هذه الهجمات تسجل ضد مجهول من قبل الأجهزة الأمنية الاسرائيلية. إضافة الى ذلك، فإن العدد القليل من هذه الجرائم، يواجه المستوطنون المتطرفون الذين يُلقى القبض عليهم أحكاما مخففة لا تتجاوز سنة أو سنتين، بالمقابل فإن الحكم الذي ينتظره طفل فلسطيني ألقى حجارة على سيارة إسرائيلية قد يصل الى 15 عاما.

رغم أن الخطوة الأميركية ضد عنف المستوطنين خطوة رمزية الى حد كبير، وقد تستخدمها إدارة بايدن في حملتها الانتخابية المقبلة من أجل تحسين صورتها، إلا أن الرد الاسرائيلي على هذه الخطوة لم يكن متوقعا، فقد اعتبرها وزير المالية الاسرائيلي سموتريتش بأنها معادية للسامية وتعهد باستمرار الاستيطان!.

أما نتنياهو فاعتبرها خطوة غير عادية وفي غير محلها مشيدا بالدور البطولي للمستوطنين في حماية إسرائيل!.

بالمقابل، فقد أشادت وزارة الخارجية الفلسطينية بالخطوة غير المسبوقة واعتبرتها تساعد في تحقيق السلام والاستقرار.

في الواقع، ومع الأخد بعين الاعتبار رمزية هذه الخطوة وعدم شموليتها، إلا أنه يمكن البناء عليها فلسطينيا، وذلك من خلال اتباع الخطوات التالية:

– تعزيز قيام منظومة القضاء والقانون الفلسطينية بالتعامل قانونيا مع اعتداءات المستوطنين وإصدار أحكام بحقهم وتصدير هذه الأحكام المرفقة بالوثائق والأدلة الى الدول الاجنبية بما فيها الولايات المتحدة الأميركية من أجل استصدار عقوبات دولية على المستوطنين المتورطين في هذه الجرائم.

– تعزيز الجهد الدبلوماسي الفلسطيني لتطوير الخطوة الأميركية من مرحلة فرض عقوبات على عنف المستوطنين الى مرحلة فرض العقوبات على عنف جيش الاحتلال الاسرائيلي في الضفة الغربية، وخاصة ان جرائم هذا الجيش ضد المدنيين والاطفال واضحة وصريحة وموثقة.

– تعزيز الجهد الدبلوماسي الفلسطيني لتوسيع نطاق الخطوة الأميركية لكي تشمل دولا أجنبية أخرى تقوم هي الأخرى بفرض عقوبات رادعة على المستوطنيين الذين يعتدون على الفلسطينيين، وهنالك العديد من الدول العربية والأجنبية التي يمكن بسهولة إقناعها بأن تتخد خطوات مماثلة للخطوة الأميركية.

وفي النتيجة، صحيح أن الخطوة الأميركية لفرض عقوبات على المستوطنين المتورطين في أعمال عنف ضد الفلسطينيين خطوة محدودة ولكنها خطوة غير مسبوقة ويمكن البناء عليها لفرض منظومة قانونية دولية ليس فقط لفرض عقوبات على عنف المستوطنين، وانما أيضا لتوفير نوع من الحماية الدولية للشعب الفلسطيني.

الاخبار العاجلة