الحرب تتسع.. ماذا نريد.. وأين هي مصلحتنا؟

5 فبراير 2024آخر تحديث :
باسم برهوم احتمالات ممكنة

صدى الإعلام _ الواقع يقول إن الحرب تتسع وإن مساحتها الجغرافية بدورها تتسع. صحيح ان الاطراف المعنية لا تزال تقول انها تتجنب الذهاب لحرب شاملة في المنطقة، ولكن قبل اسابيع فقط لم تكن الحرب كما هي اليوم، مما يؤكد ان كل السيناريوهات ممكن ان تقود الجميع الى حرب شاملة حتى وان لم تكن خيارهم، وهي حرب ستكون مدمرة لدول وشعوب واقتصاديات المنطقة، وقد لا يسلم منها بلد.

والاخطر دخول دول كبرى لساحة المعركة بشكل مباشر او غير مباشر ما قد يجعلها تطول وتلحق دمارا اكثر وتستنزف كافة الاطراف وخاصة دول المنطقة.

السؤال هنا يتعلق بنا نحن الشعب الفلسطيني: ما الذي نريده وكيف ستنعكس حرب كهذه علينا وعلى القضية الفلسطينية وماهي المخاطر التي قد نتعرض لها، وما هي الفوائد ان كان هناك فوائد قد نحصدها نحن؟ ثم اين هي مصلحتنا مع اتساع الحرب ام مع وقفها؟

في البداية لا بد ان نشير ان المنطق يقول ان مثل هكذا حـرب، المقصود حرب إقليمية شاملة او واسعة، هو امر بعيد الاحتمال، لأسباب عديدة، اولها ان الولايات المتحدة الأميركية لا تريد ان تغرق بحرب تستنزف قواها، وقد لا تحصد منها النتائج المرجوة، كما انها تعيش سنة انتخابات رئاسية، وليس من الوارد ان تشغل نفسها بحرب بهذا الحجم، خصوصا انها لا تمثل امرا ملحا لها ولمصالحها، صحيح ان واشنطن قد ترغب في تقييد حركة طهران وتقلص نفوذها في المنطقة، ومنعها من التحول الى تهديد إستراتيجي، ولكن هي الآن لا تعتقد ان ايران تمثل مثل هذا التهديد بعد، بالرغم من كل ما يحدث.

من جانبها ايران، لا يمكن ان يكون هناك عاقل في طهران يرغب في حرب شاملة قد تدمرها قبل غيرها، كما لا تستطيع ايران المراهنة على اي دعم جدي لها من الصين وروسيا، قد ترغب الاخيرتان باستنزاف الولايات المتحدة الأميركية، ولكن لن تقفا مباشرة مع طهران. خصوصا ان روسيا منشغلة في الحرب الاوكرانية.

كما ان دول المنطقة لا ترغب ولا تريد التورط بحـرب شاملة تلحق بها وباقتصادها أضرارا يصعب اصلاحها في وقت قريب، خصوصا ان هذه الدول، وخاصة الخليجية منها، تميل للسياسات التنموية منها الى الحرب المدمرة.

والاهم ان الحرب الشاملة تمثل كارثة للاقتصاد العالمي، الا اذا كانت حربا سريعة تنتهي خلال اسابيع قليلة، وهو امر غير مرجح، خصوصا ان ليس هناك حشود عسكرية اميركية كافية، كما لا تمتلك واشنطن تحالفا دوليا واسعا يسمح لها بخوض حـرب كبيرة وسريعة، ولا تمتلك شرعية ولو شكلية تغطي بها حربها هذه.

لذلك قد تستمر الحرب ضمن الايقاع الذي هي فيه، قد تكون وتائرها صعودا وهبوطا ولكن لن تتحول الى حرب واسعة، الا إذا حصل خطأ هنا او هناك يخرج الامور من نطاق السيطرة وقواعد الاشتباك الحالية، وبهذا المعنى ان سيناريو الشد على الأصابع هو المرجح حتى اللحظة.

ولكن لنفترض توسعت الحـرب، وهو احتمال يبقى موجودا، او ان تتسع الى مستوى لا تصل معه الى حرب شاملة ولكن حرب وتائرها قوية وسريعة تأخذ الانتباه عن ما يجري في غزة، فالسؤال ما هي مخاطر مثل هكذا سيناريو على الشعب الفلسطيني؟

الخطر الاول، والذي تنتظر إسرائيل فرصته بفارغ الصبر، وتقوم بعملية تطهير عرقي وتهجير الفلسطينيين على نطاق واسع، قد يحصل ذلك في لحظة يكون فيها العالم منشغلا بحدث كبير. يهدد السلم العالمي فعلا. تل أبيب لن تتورع والحالة هذه من المحاولة، وانها قد تشمل غزة والضفة، فهذه من وجهة نظر، فرصة إسرائيل التي قد لا تتكرر ابدا، وبالتالي هي لن تتردد وستحاول فعلا.

اما الخطر الثاني فهو ان تستغل إسرائيل الفرصة ايضا وتلحق بالواقع الفلسطيني اكبر قدر من الدمار، وان تدمر امكانية الحياة وبالتالي تقود الى نفس الهدف وتجري هجرة قصرية بطريقة غير مباشرة. ويأتي الخطر الاخير بان تنتهي الحرب بخريطة جديدة للشرق الاوسط لا تكون فلسطين عليها، الامر الذي يعني ان زمنا طويلا قد يمر قبل ان تعود.

ما هي المصلحة الوطنية الفلسطينية في كل ما يجري؟

المصلحة الفلسطينية الحقيقية هي وقف الحرب، وبدون اي تأخير او توسيع، خصوصا ان لا ثقة بان الاطراف المتحاربة الكبرى سيكون همها مصلحة الشعب الفلسطيني، فمصالحها هي الأهم، فعلى صعيد ايران فإن مصلحتها الاساسية ستكون المحافظة على نفسها ومصالحها، وبالتحديد مصلحة النظام في ايران في الحفاظ على نفسه، والحالة هذه فإن آخر هم لها سيكون الآخرين.

المصلحة الفلسطينية هي في عدم توسيع الحـرب، بل ووقفها اليوم، لأن إسرائيل مهما لحق بها من ضرر ستجد من يأخذ بيدها ويعيد اشفاءها بسرعة ولكن من يشفينا نحن؟ بالأمس فقط صوت مجلس النواب الاميركي بمنح إسرائيل اكثر من 17 مليار دولار، والولايات المتحدة ويهود العالم مستعدون ان يمنحوا إسرائيل ما تحتاج له، اما الـ 17 مليار فهي لدعمها للاستمرار بالحـرب وفي تدمير مقدرات الشعب الفلسطيني اكثر فاكثر.

في حين لا يتلقى الشعب الفلسطيني والسلطة الفلسطينية الشرعية اي دعم من اي طرف عربي ولا غير عربي، بل على العكس يتوقف الدعم لوكالة الغوث “الاونروا”.

وبما ان الحال كذلك، فإن هناك حاجة ان نخرج من دائرة انقساماتنا ونفكر بخطة لانقاذ انفسنا في ظرف هو في غاية الخطورة، فقط عندما نمتلك رؤية موحدة يمكن ان نتمكن من الصمود ونبقي انفسنا على الخارطة، أما البديل فهو وصفة للفناء.

 

الاخبار العاجلة