“المنطقة 55”.. عيون أميركية ترصد سورية والعراق والأردن

5 فبراير 2024آخر تحديث :
“المنطقة 55”.. عيون أميركية ترصد سورية والعراق والأردن

صدى الاعلام- لم يتوان التحالف الدولي بقيادة واشنطن، عن حماية قاعدة التنف في المثلث الحدودي بين سورية والعراق والأردن، حيث يستهدف أي شيء يقترب من حرم هذه القاعدة المحددة بـ55 كيلومترا، لكن هذا الخط الأحمر تم اختراقه عدة مرات.

وما زالت التحليلات العسكرية تتناول موقع استهداف القوات الأميركية شمال شرقي الأردن، والذي يعتبره بعضهم “نقطة إسناد” لقاعدة “التنف”، مع التأكيد على أهمية كلتيهما.

“البرج T22” و”التنف”، قاعدتان أميركيتان، لم تكن الأولى معلومة، لكن الهجوم عليها في 28 كانون الثاني/ يناير الماضي، عزز فكرة المحللين، بأن وجودهما في محيط “المنطقة 55″، هو لتحقيق أهداف أمنية وإستراتيجية”.

وتشير كثير من التقارير، بأن البرج T22، قاعدة يستخدمها الجيش الأميركي لتقديم الدعم اللوجستي، وتحتوي على مئات الجنود، إضافة لمروحيات هجومية ومركبات عسكرية.

أما “التنف”، فتقع داخل الأراضي السورية عند المثلث الحدودي بين سورية والعراق والأردن، وتضم عددا من الجنود الأميركيين، وسبق أن تعرضت لهجمات بطائرات مسيرة، تمكنت القوات الأميركية من إحباطها قبل وصولها.

المحلل العسكري الأردني، هشام خريسات، قال للأناضول: “أهمية قاعدة البرج، تكمن في وجودها على خط الإمداد الشيعي المقدس (حسب التسمية الإيرانية) من طهران ومهران (في إيران) والزرباطيه وواسط والقائم (في العراق) والبوكمال ودمشق (في سورية) وبيروت (في لبنان)، وطول هذه المسافة هي 1500 كيلو متر”.

وأضاف خريسات وهو عميد ركن متقاعد، أن “طهران تقوم بتزويد ميليشياتها بالأسلحة من خلال هذا الخط”.

وأوضح أن “قاعدة البرج تقع ضمن امتداد قاعدة التنف، وكلاهما يقعان في منطقة محيطها 55 كيلو مترا، باتت تعرف لدى بعض العسكريين بالمنطقة 55”.

واعتبر أن الأهمية تكمن في “وقوعهما على الخط الذي يمر من بغداد عبر محافظة الأنبار، إلى وادي حوران على الحدود العراقية السورية، ثم إلى بادية الشام وتدمر وريف حمص الشرقي، وصولا إلى إدلب مقر تنظيم داعش الإرهابي بسورية”.

وعن مهمة هذه القواعد، قال خريسات: “القواعد ترصد تحركات إيران، وبعض أفراد الجيش العراقي المحسوبين على الحرس الثوري الإيراني، وخاصة من يعرفون باسم الولائيين”. ولفت إلى أن “طول الحدود الأردنية العراقية تصل إلى 176 كيلو مترا”.

وأوضح أن “قاعدة التنف تحتوي على منظومة دفاعية من نوع سيرام آلية التوجيه، وهي مدافع بذخيرة 20 ميلمتر، ولها ست فوهات، تطلق 4500 طلقة بالدقيقة الواحدة، وسيتم تزويد قاعدة البرج منها، لمواجهة المسيرات”.

وشدد على أن “وجود هذه القواعد بطريق الحرس الثوري، يشكل عائقا أمام تحقيق مشاريعهم بالمنطقة”.

ورجح خريسات أن تكون المسيرة التي استهدفت قاعدة البرج، من نوع صقر 1، مبينا أنها “إيرانية الصنع ومن طراز جديد، تطير لمسافة 100 كيلو مترا، ويبلغ وزن المتفجرات التي تحملها 40 كيلو غرام”.

ووفق خريسات، فإنه “على الأغلب أن المسؤول عن الاستهداف مجموعة تدعى أبو علي الأشتر (وفق تسميته)، ومعه 20 عنصرا تابعا لما يسمى حزب الله العراقي، وتم من قاعدة الإمام علي في البوكمال”.

وفي 28 كانون الثاني/ يناير الماضي، أعلنت القيادة المركزية الأميركية، في بيان، مقتل 3 جنود أميركيين في هجوم بطائرة مسيرة ضرب قاعدة شمال شرق الأردن قرب الحدود مع سورية.

وحمل المسؤولون الأميركيون وعلى رأسهم الرئيس جو بايدن، الجماعات المدعومة من إيران مسؤولية الهجوم.

ورفضت إيران اتهامات ضلوعها في الهجوم المذكور، وقالت إن “قوى المقاومة في المنطقة لا تتلقى تعليمات من إيران في قراراتها وتصرفاتها”.

وادّعت حركة المقاومة الإسلامية العراقية، في بيان عبر “تيليغرام”، أن مقاتليها “هاجموا بواسطة طائرات مسيّرة، 4 قواعد للأعداء، 3 منها في سورية، وهي قاعدة الشدادي، وقاعدة الركبان، وقاعدة التنف، والرابعة داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة وهي منشأة زفولون البحرية”.

من جانبه، قال المحلل العسكري العراقي، حاتم الفلاحي، إن “قاعدة التنف تكتسب أهمية بسبب موقعها الجغرافي الذي يشرف على مناطق متعددة من العراق وسورية والأردن، وقد شغلتها منذ زمن بعيد القوات الأميركية والبريطانية، وقوات مغاوير الثورة (مجموعة من العسكريين المنشقين عن النظام السوري وهدفها محاربة داعش، وتشكلت بين 2015 و 2016)”.

وأضاف الفلاحي، وهو عقيد ركن متقاعد، أنه في “عام 2016، حاولت القوات الأميركية أن تنسحب من هذه المنطقة، لكن الأردن أصرّ على بقاء هذه القاعدة التي تمنع تسلل تنظيم داعش الإرهابي”.

وأشار إلى أن “هذه النقطة مهمة جدا للقوات الأميركية، لمراقبة الخط الذي يربط إيران بسورية باتجاه لبنان والبحر الأبيض المتوسط”.

كما أنها نقطة مهمة أيضا “بالنسبة للتواجد الأميركي في سورية، في قضية التفاوض على مستقبل سورية”، وفق الفلاحي.

ولفت العقيد المتقاعد إلى أنها “كانت تسبب إزعاجا كبيرا للمليشيات العراقية التي تتواجد على الحدود، بالإضافة إلى المليشيات التي تتبع لقوات النظام السوري، لذلك هي كانت تكتسب أهمية إستراتيجية كبيرة جدا بالنسبة لجميع هذه الأطراف”.

وأوضح أن “البرج 22 يقع ضمن منطقة الركبان على بعد نحو 5 كيلومترا من التنف، وتشغله قوات أردنية وأميركية، وتتخذ من هذه المناطق قاعدة خلفية بالنسبة للقطعات المتقدمة في قاعدة التنف”.

أما عن مسألة تداعيات الاستهداف الأخير، أشار الفلاحي إلى أن “هذه الضربة ستكون لها تداعيات، خصوصا وأنها قاتلة بالنسبة للأميركان(..)، فهناك سنة انتخابية في الولايات المتحدة (من المقرر أن تجري في نوفمبر المقبل)، والمنافسة كبيرة جدا ما بين المرشح دونالد ترامب وبايدن”.

وأكد الفلاحي أن “ردود الفعل ستكون في العراق سياسية وعسكرية، خصوصا وأن المليشيات التي نفذت الضربة هي جزء من المنظومة الأمنية، وتخضع للقيادة العامة للقوات المسلحة”.

إلا أن “تفرد هذه المليشيات بالقرار، يعني أنها تعمل خارج إطار الدولة التي ارتبطت مع الولايات المتحدة باتفاقية أمنية خلال الفترة الماضية”.

أما تداعياتها العسكرية، فهذا يعني، وفق الفلاحي، أنه “يمكن ضرب الكثير من المقرات التي تنتشر في مناطق مختلفة من العراق”.

وحول المليشيات في سورية، فتوقع الفلاحي أن تكون “ضربات متبادلة بين القوات الأميركية وهذه المليشيات، والرد الأميركي لن يقتصر على هذه الأهداف فقط، فهناك مطالبات بشمول الداخل الإيراني”.

واعتبر أن “الخيارات الأميركية ليست كثيرة، لذلك قد تكون الضربات الأميركية على غرار الضربات الإيرانية عند مقتل قاسم سليماني (في بغداد 2020) ويتم الاتفاق على أهداف معينة”.

ويعد الهجوم على قوات أميركية في الأردن، الأول من نوعه منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، والأول الذي يُسفر عن سقوط قتلى أميركيين حسب الإعلان الرسمي.

ويرتبط الأردن والولايات المتحدة بتعاون عسكري وثيق، وقد وقّع البلدان عام 2021 اتفاقية تعاون دفاعي، يوفر الأردن من خلالها أماكن حصرية للقوات الأميركية تشمل 15 موقعا، وهذه الأماكن يتحكم الجانب الأميركي بالدخول إليها، ويجوز لهذه القوات حيازة وحمل الأسلحة في الأراضي الأردنية أثناء تأديتها مهامها الرسمية.

الاخبار العاجلة