مأزق اليوم التالي للحرب يتواصل.. ما العمل؟

11 فبراير 2024آخر تحديث :
باسم برهوم احتمالات ممكنة

صدى الإعلام _ بعد مضي أكثر من أربعة أشهر على الحرب على قطاع غزة، فإن اليوم التالي للحرب لا يزال سؤالا دون إجابة، وربما هذا هو السبب الرئيس لاستمرار الحرب، فلا أحد يمتلك إجابة واضحة لكيف سيكون عليه واقع القطاع بعد الحرب، ما يشير إلى أن الجميع في مأزق أو على الأقل الجهات الجادة التي تريد فعلا أن تتوقف الحرب، لأن مساعيهم تصطدم أولا، بمواقف نتنياهو الذي من مصلحته إطالة عمر الحرب وتحقيق إنجاز يخفف من مسألة محاسبته وإبقائه في المشهد السياسي الأكبر، وثانيا، مواقف حماس التي تريد ضمان وجودها السياسي ودور لما بعد الحرب، لأنها تدرك أن نزع سلاح قطاع غزة هو الهدف الذي تسعى إليه الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل، كما تسعى حماس إلى ضمان أمن وسلامة قيادتها السياسية، لذلك من مصلحتها أن تحصل على مثل هذه الضمانات قبل أن تسلم المحتجزين الإسرائيليين لديها.
المأزق ليس فقط بسبب هذين الموقفين، موقف نتنياهو وموقف حماس، بل هناك شكوك في مدى جدية واشنطن، سواء بما يتعلق بسير الحرب وإعطائها الغطاء لإسرائيل كي تكمل أهدافها، وادعائها بأنها لا تستطيع وقف الحرب.

والأمر الثالث، يتعلق بجديتها بما يتعلق بحل الدولتين، ولا تملك تصورا، أو لا تريد أن تبلور تصورا، قبل أن توشك إسرائيل إنهاء حربها على غزة وضمان ألا يشكل القطاع تهديدا أمنيا لإسرائيل في المستقبل. وهناك مأزق يتعلق بالموقف العربي والإقليمي، فالدول العربية لا تملك حتى الآن ولم تقدم مبادرة موحدة، وإقليميا، فإن إيران تماطل وتخلق مناوشات هنا وهناك كي تكون شريكا في أي ترتيبات لما بعد الحرب. والقوى الإقليمية تعيش حالة صراع فيما بينها، مع غياب كامل للثقة ما يجعل من بناء أي رؤية لحل أي مشكلة في أي بلد في الشرق الأوسط مسألة صعبة، فما بالك في فلسطين نقطة التقاء الإستراتيجية، ونقطة الصراع على المصالح عبر التاريخ.

أما القضية الأهم أن هناك رؤيتين في الواقع الفلسطيني، رؤية القيادة الشرعية المعترف بها دوليا، والتي تحددت بالنقاط التالية:

أولا، وقف إطلاق النار وقفا تاما.

وثانيا، وحدة قطاع غزة والضفة والقدس الشرقية، وأن أي حديث عن دولة فلسطينية، أو حل الدولتين يرتكز بالأساس لهذه الحقيقة. وهي الحقيقة التي ينص عليها اتفاق أوسلو، الوحدة الجغرافية للضفة والقطاع. 

وثالثا، السلطة الوطنية الفلسطينية منفتحة على وجود قوات عربية ودولية لمرحلة انتقالية محددة يتم خلالها إعادة بناء قطاع غزة، مع إعادة بناء مؤسسات فلسطينية في القطاع تنهي الانقسام وتعيد وحدة الوطن الفلسطيني.

رابعا، إن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وهي مفتوحة الأبواب لانضمام كل القوى الفلسطينية إليها، وخامسا وأخيرا الانتخابات التي ستجرى بعد إتمام المرحلة الانتقالية وضمان وحدة الجغرافية الفلسطينية في ظل نظام سياسي واحد، وكأي انتخابات ديمقراطية تحكم أي أغلبية تفوز مع احترام مبدأ التدول السلمي للسلطة.

هذه الرؤية تضمن للجميع مكانا للذهاب نحو المستقبل، بالمقابل هناك حماس التي لا تتعاطى حتى الآن مع المبادرة، وتصر على تحكمها الخاص في قطاع غزة، بالرغم من إدراكها أن هذا الأمر لم يعد واقعيا بعد إعادة احتلال إسرائيل للقطاع. 

ربما على حماس أن تكون واقعية أكثر، وأن ترى في المبادرة مصلحة لها ومصلحة للشعب الفلسطيني في هذه المرحلة الصعبة، كما عليها تحمل المسؤولية من منظار وطني فلسطيني، وليس من منظار مصالح الآخرين، أو مصالحها هي كحركة جزء من التنظيم الدولي لجماعة الإخوان.

وفي الواقع سنواصل البقاء في مربع المأزق، ربما لفترة طويلة، خصوصا أن هناك سنة انتخابات في الولايات المتحدة الأميركية، وكل ما اقتربنا أكثر من موعد هذه الانتخابات، لن تكون واشنطن وحدها المشلولة عن أي عمل جدي، وإنما أيضا الأطراف الإقليمية والدولية تصبح في حالة انتظار، وكل طرف يحاول أن يحتفظ بأوراقه ورهاناته للمرحلة الجديدة، وقد يكون فيها رئيس مختلف في البيت الأبيض.

وبما أن الحال قد يكون كذلك، فإن الاهتمام بالوضع الإنساني في غزة، ومنع مخططات التهجير يبقى على رأس الاهتمامات الفلسطيني، إلى جانب فتح حوار فلسطيني داخلي يهيئ للمرحلة الجديدة بنعي كل أشكال الانقسام، انطلاقا من مبدأ “فلسطين أولا”.


 

الاخبار العاجلة