خطاب بروكسل – الرئيس خلع امريكا وعانق اوروبا

25 يونيو 2016آخر تحديث :
خطاب بروكسل – الرئيس خلع امريكا وعانق اوروبا

بقلم: د. ناصر اللحام – معا

منذ ثلاثين عاما زرعت منظمة التحرير الفلسطينية استثمارا سياسيا ضخما في العلاقة مع الولايات المتحدة الامريكية ، وبدأ الامر بعد منتصف الثمانينيات وظهر الى العلن بعد مؤتمر مدريد عام 1991 ووصل ذروته وطرح ثماره عند توقيع اتفاق اوسلو في الحديقة الخلفية للبيت الابيض عام 1993 . ودأب الفلسطينيون على ذلك ربع قرن حتى وصلنا الى نتيجة الى شجرة امريكا عاقر ولا تطرح ثمار السلام ولا الصداقة أبدا .

المقربون من الرئيس لم ينفكوا يذكرون ما قاله الرئيس حسني مبارك للرئيس عباس في اخر لقاء لهما : ان أي زعيم عربي يتدفأ بامريكا سيبقى بردان ، وان أي زعيم عربي يتغطى بامريكا سيبقى عريان . ونستطيع ان نتخيل مدى تأثير كلمات الرئيس المخلوع مبارك على الرئيس ابو مازن من خلال خطاباته اللاحقة ، حيث كف ابو مازن عن التعويل على الولايات المتحدة في اي شئ ، بل وحين ظهرت وثائق ويكليكس للملأ ، سارعت انا لسؤاله عن الامر فابتسم وقال : ان الذي يخفي شيئا عن شعبه يتحمل مسؤوليته . ولم يستغرب أبدا التسريبات الامريكية عن زعماء الشرق الاوسط .

الشعب الفلسطيني لا يكنّ أي عداء للولايات المتحدة الامريكية ، بل ان أكثر عمل قامت به الثورة الفلسطينية والانتفاضات كلها ، انها كانت تحرق العلم الامريكي في بعض التظاهرات من شدة الغضب ، لكن وطوال مئة عام مضت لم تستهدف منظمة التحرير وفصائلها ، ولا التنظيمات الاسلامية وفروعها اي مواطن امريكي او مسؤول او شركة او سفارة لامريكا . بل حافظت على احترام علاقة صداقة من طرف واحد . ورغم ان امريكا تناصب العداء للشعب الفلسطيني من خلال دعم مطلق لجميع جرائم الاحتلال وفي جميع المحافل الدولية ، الا ان الشعب الفلسطيني لا يزال يراهن على ” صحوة ضمير ” قد تعيد الحق والعدالة الى هذه العلاقة .

الرئيس عباس الذس يمارس السياسة منذ 55 عاما ، يأس من واشنطن ، ومن الحزب الجمهوري والحزب الديموقراطي اللذان يحتكران صوت الناخب الامريكي بقوة المال والاعلام . ويبدو أنه وصل الى نتيجة ان واشنطن خلعت سروالها لتل ابيب وقطعت كل خطوط الرجعة . ولذلك ومنذ العام 2008 كف عن التعويل على اي حل يأتي من واشنطن ، وان اي تدخل أمريكي انما سيتسبب في تدمير جهود السلام وتخريب افاق الحل ، لان شركات السلاح واصحاب الكارتيلات هناك يستثمرون حياتهم في بقاء الصراع القائم بين العرب واليهود .

في العام 2013 حاول الرئيس الامريكي باراك اوباما ان يكسر هذه القاعدة ، ووعد بتدخل مباشر لاعادة قطار المفاوضات الى سكته ، لكن نتانياهو ويعلون أهانا اوباما بشكل شخصي وحفرا ضده حد وصل الامر بنتانياهو ان يذهب الى واشنطن ويخطب ضد اوباما . كما تعمّد نتانياهو ويعلون الى كسر انف جون كيري وتحقيره في كل مرة هبطت طائرته في مطار اللد.

واليوم يستطيع السفير الامريكي في تل ابيب أن يقرأ هذه المقالة ويضحك حتى يملأ صوته الغرفة ، وأن يقول ( ومن هي فلسطين حتى تتأثر بها امريكا العظمى ) . ولكن التاريخ أثبت كل مرة ان ما يرفضه الفلسطينيون سيرفضه العرب ، ويرفضه المسلمون ، ويرفضه احرار العالم . وانها مسألة وقت حتى يصار الى طرد السفير الامريكي من جميع العواصم العربية .

اليوم نستطيع ان نقول ان الرئيس عباس حرّر نفسه وحرّرنا من هذه العلاقة الفاشلة . وأن نقول ” وداعا للاحتكار الامريكي لعملية السلام ومرحبا بكل احرار العالم ودعاة السلام الدولي . وبالنسبة لجائزة نوبل للسلام التي حصل عليها اوباما ، يستطيع اوباما ان يضعها في طيره ، وطيره هو طائرة F35 التي أرسلها امس الى تل ابيب .

 

الاخبار العاجلة