عندما يقول لك أحدهم “مش وقتو”؟؟!!

4 مارس 2024آخر تحديث :
باسم برهوم احتمالات ممكنة

صدى الإعلام _  الكاتب: باسم برهوم – سيطرة ثقافة الاستبداد لعقود، بل لقرون طويلة، وغياب الثقافة النقدية، بالاضافة الى ادمان العديد منا على ثقافة الانقسام والتشرذم والقبول بان تتحكم بنا اجندات الممولين الى درجة لم يعد لدى شعبنا الفلسطيني، بصفة عامة، نخب مميزة، يمكن أن تقوم بدور وطني ايجابي، ينتقد بهدف الخروج من دائرة تكرار الاخطاء المريعة التي نكررها هزيمة بعد هزيمة ونكبة بعد نكبة. فلا احد يقرأ التاريخ بعين نقدية ليتعلم منه.

في هذا المقال اتناول اولئك الذين ان اقترب إنسان من لحظة التساؤل وسأل الاسئلة التي يجب ان تسأل يقفز ليقول لك: “مش وقتو”، بمعنى اخرس واسكت ممنوع ان تسأل وتتساءل، والحجة اننا لا نزال في “المعركة”.

المشكلة ان اشباه هؤلاء كانوا في كل المراحل، كان مثلهم عندما فشلت ثورة العام 1936- 1939، وبدأنا نواجه بعضنا البعض، ومجتمعنا وقدراتنا الاقتصادية مدمرة. في حين كان اليشوف اليهودي، “مجتمع المشروع الصهيوني”، في ذروة نموه وكان قد اكتمل بمؤسساته واقتصاده وحتى في نواة جيشه، وتفاجأنا عندما قسمت لجنة بيل البلاد الى دولتين.

واشباه هؤلاء كانوا بكثرة من نهاية الحرب العالمية الثانية في ربيع العام 1945 وحتى اكتمال فصول نكبة الاعوام 1948 – 1949، كانوا يمنعون اي صوت يتساءل ويسأل لماذا وصلنا الى ما وصلنا اليه؟ لماذا قبلنا او رفضنا قرار التقسيم للعام 1947؟

المشهد رافقنا في كل المحطات والمراحل، وفي كل مرة كانت تتكرر الاخطاء ذاتها ويمنع في المقابل السؤال والتساؤل الى درجة اصبح معها من المحرمات ان تفكر بطريقة صحيحة ونقدية. ربما هذا الحال هو الحال التي يرغب ان يرانا عدونا به. لذلك هو لا يشعر بأي خوف وواثق دائما من انه قادر على هزيمة عقلنا قبل هزيمتنا الجسدية المادية، لأن تغيب العقل هو المدخل الرئيس للهزيمة.

خلال الحرب الحالية التي يجب ان نصنفها بانها نكبة جديدة بكل المعايير، وربما تقود الى تصفية القضية الفلسطينية تماما، وعندما نتساءل لماذا وصلنا الى حال النكبة مرة اخرى؟ وكيف جرى ما جرى وما هي اسبابه المباشرة واسبابه البعيدة؟ وهل كان هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر ضرورة في توقيته؟؟ وهل من قاموا به توقعوا النتائج الوخيمة، ام انهم واثقون من أن اخطاءهم ستدفن كما جرت العادة مع كل اخطائنا، وسنواصل التعميم واتهام “المؤامرة” الدولية ونواصل السير دون أن نجري اي تقييم لما نقوم به ويفعله الآخرون بنا؟؟


خلال هذا المشهد المريع الذي نعيشه يخرج لك نفس العقل العدمي، نفس العقل التعميمي، نفس العقل الموروث من قرون الاستبداد ليقول لك: “مش وقتو”، كان يمكن القبول بذلك فعلا لو كنا في كل مرة في الماضي نجري تقييما بعد كل هزيمة، التي غالبا حدثت نتيجة اخطاء ارتكبناها نحن وسهلنا عبرها لعدونا تحقيق نصره ونجاحه في تمرير مخططاته. لماذا يمنع علينا ان نتساءل في حين من تسبب في الكارثة واعطى للعدو المبرر لممارسة وحشيته الى اقصى حدودها لا يزال يسوق انه يتصرف بشكل سليم، وانه هو من يمتلك الحقيقة وحده دون غيره؟

اذا لم تدفعنا النكبة الحاصلة الآن في غزة، التي قد تأخذ معها كل القضية الفلسطيني الى التساؤل وطرح الاسئلة الضرورية لكي نتوصل للاجابات الصحيحة ونتعلم من اخطائنا، فمتى نتساءل؟

عندما صمتنا على ما قامت به حماس عام 2007، وبعضنا استخدم سياسة التبرير، وقبلها، وعندما صمتنا على كل الأخطاء التي ارتكبت في الانتفاضة الثانية. وقبلها وصولا الى نكبة العام 1948، التي لا يزال معظمنا لا يعلم اننا كشعب فلسطيني نتحمل جزءا كبيرا من اسباب وقوعها على هذا النحو الكارثي.

اقول نعم.. ان التساؤل والروح النقدية هي متاحة في كل الاوقات ومن الخطأ ان نؤجلها، لأنه وبعد ان يمر الحدث المريع غالبا ما كنا نطوي صفحة النقد معه لذلك نكرر الاخطاء، لذلك نهزم ولا نشعر بأننا هزمنا ونعتقد ان الهزيمة نصر، وهي ليست كذلك.

لماذا نغيب عقولنا بأيدينا؟

الاخبار العاجلة