الدافع الديني يقف خلف الاستيطان في محافظة سلفيت

12 فبراير 2017آخر تحديث :
الدافع الديني يقف خلف الاستيطان في محافظة سلفيت

بقلم : م. عمر السلخي/ رئيس مجلس ادارة مركز عبد القادر ابو نبعه الثقافي

 ان اقامة 23 مستوطنة غير شرعية على اراضي محافظة سلفيت وشق الطرق الالتفافية وما تفرضه من أمر واقع يشكل محاولة لاقتلاع المواطن الفلسطيني من أرضه وطمس هويته وتحطيم البنية الاجتماعية والثقافية والعمرانية لبلدات وقرى المحافظة  والحد من تطورها العمراني ، معتمدين على دوافع دينيه وتاريخيه مغلفه بحجج سياسيه وامنية.

 الاستيطان في الفكر الصهيوني:

 تشكل التوراة بأسفارها الخمسة مجمل الادعاءات التي تستند إليها الصهيونية لتبرير الاستيلاء على ارض فلسطين ، وتبدأ عند الوعد التوراتي بأن الرب قطعه مع “إبراهيم”: “لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى نهر الفرات”

فمنذ بداية الاستيطان اليهودي في فلسطين في النصف الأخير من القرن 19 حيث وصل عدد المستوطنات في نهاية العهد العثماني 40 مستوطنة يسكنها 12 ألف مستوطن، ومع صدور وعد بلفور بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، استطاعت الصهيونية السيطرة على %5.5 من فلسطين التاريخية.

ونتيجة لحرب 1967م احتلت إسرائيل سيناء والقطاع والضفة والجولان واقترح نائب رئيس الوزراء آنذاك يغئال آلون خطة للاستيطان في الأراضي المحتلة عرفت باسم “خطة آلون”، وعليه تم بلورة البرنامج الاستيطاني في الضفة والقطاع، وقامت إسرائيل باختيار أماكن المستوطنات بناءاً على إستراتيجية الامن وتأمين العمق الإستراتيجي المتمثل بحماية الحدود  القابلة للتوسع.

دوافع الاستيطان

يتفق معظم الباحثين  على أن الدوافع التاريخية ، والدينية ،  والأمنية ، والسياسية، والاقتصادية ، والديمغرافية، والنفسية ، هي التي أسهمت في تسريع حركه الاستيطان رغم اختلافهم على أولوية هذا الدافع أو ذاك ، فالباحث ( ديفد جريسمان )  يرى أن الدافع التاريخي والديني كان أقوى من غيره ، متفقا بذلك مع المجلس الاستيطاني الأعلى الذي يعزو هذا الاستيطان الى ” الأصول التاريخية و التوراتية”.

أما الخبير في شؤون الاستيطان يحائيل ادموني والذي شغل منصب مسؤول دائرة الاستيطان في مجلس الوزراء الإسرائيلي منذ الأعوام الأولى للاحتلال وحتى السبعينات فانه يمزج بين جميع العوامل الدينية والتاريخية  والأمنية باعتبارها جميعا تخدم الهدف الاستراتيجي الإسرائيلي وهو إقامة دولة (إسرائيل الكبرى ) القوية المسيطرة .

اما الحركات اليسارية الاسرائيلية كحركة السلام الآن تعتبر أن الدافع السياسي هو الأقوى في تطور الاستيطان ووجوده وذلك عكس ما كتبه معظم الباحثين الاسرائيليين الذين يغلبون الدافع الديني على أي دافع آخر للاستيطان ، والدليل على ذلك ، إن كل موقع استيطاني حاول القائمون عليه ربطه بجذور تاريخية ودينيه توراتية .

الزعم التاريخي والديني للوجود اليهودي في فلسطين ومنطقة سلفيت

لقد وضع المنظرون والمؤرخون اليهود نظرياتهم حول الوجود اليهودي في فلسطين ومنها منطقة سلفيت بناءً على نصوص توراتية بالدرجة الأولى ، وقليلون منهم من اعتمد على الوقائع الأثرية ، وقد جعلوا لهذا الوجود أقدمية زمنيه تساير معظم العصور التاريخية التي مر عبرها تطور التاريخ الإنساني ، فحسب  ديفد جريسيمان   ومن خلال مشاركته في الموسوعة التاريخية ” لأرض إسرائيل ” نسب الوجود اليهودي إلى عدة عصور تاريخيه ، منها العصر البرونزي متضمنا جميع مراحل هذا العصر كأقدم إشارة للوجود اليهودي في هذه المنطقة ،  لتصل إلى تسعين موقعا ، مثل : تل بلاطة، تفوح ويعتقد جريسيمان أن الوجود اليهودي في بداية العصر الحديدي ( 1100 ) ق .م ، وقد تعاظم هذا الوجود خصوصا بعد خراب شكيم الكنعانية على يد الملك افي بن جدعون ، ويرى  إسرائيل فنكلشتاين أن الوجود اليهودي في القرنين الثامن والتاسع قبل الميلاد قد اتسع في المنطقة حيث شمل  152 موقعا ، انتشرت في جميع أنحاء المنطقة .

 الزعم الديني والتاريخي اساس لبناء المستوطنات في محافظة سلفيت

لقد تم بناء المستوطنات على اسس دينية  وتاريخيه في محافظة سلفيت فمستوطنة ارئيل  أقيمت على أراضي سلفيت و كفل حارس ، وكلمة ( حارس ) تعني الفخار بالعبرية ، والفخار المذكور حسب الأسطورة الإستيطانية ، هو ذاته الفخار الذي دفن مع ( يهوشع بن نون ) ، الذي يزعم اليهود أن قبره موجود في قرية ( كفل حارس ) . وحسب الأسطورة اليهودية : ” إن صورة فخارية مكتوب عليها : هذا الذي أوقف الشمس هي ذاتها القطعة الفخارية التي تدل على وجود (يهوشع بن نون ) في المكان”.

وقرب القبر نمت شجرة بلوط كبيرة ، يزعم اليهود أنها ترمز إلى شعب ( إسرائيل ). وتعبيرا عن هذا الاعتقاد أقيمت مستوطنة أرئيل التي يرمز اسمها إلى القدس والمعبد المقدس فيها كما اعلن مؤسسوها .

اما مستوطنة القانا اولى المستوطنات التي اقيمت في محافظة سلفيت على أرض مسحة وعزون عتمه فقد أخذت اسمها من النص التوراتي ” وكان تخم بني افرايم حسب عشائرهم … وجاز التخم من تفوح غربا إلى وادي قانه  ، وكانت مخارجه عند البحر” في ذات المنطقة ، قرب الموقع استوطن الكنعانيون والفلسطينيون ، وإلى الغرب قليلا من الكانا دارت المعركة الكبرى بين بني إسرائيل والفلسطينيين وهزم فيها بنو إسرائيل ، وعلى أثر ذلك خربت شيلو، وهدم المعبد فيها ، ولعل هذه المستوطنة اليوم ترمز إلى تلك المعركة التاريخية .

في حين ان  مستوطنه كفار تفوح  أخذت مكانها بناء على الأسطورة الدينية والتاريخية التي تقول : ” إلى منسي تكون ارض تفوح ، ومن تفوح إلى حدود منسي إلى أبناء افرايم “

والمدينة التاريخية تفوح تعرف مع التل (تل ابو الزرد ) القريب من المستوطنة ، إنها هي ذاتها المعنية في النص التوراتي السابق وأنها تعود إلى أبناء افرايم احد أسباط بني إسرائيل ، وتقول الأسطورة أيضا : أن الأرض الصالحة للزراعة حول المدينة تعود إلى ( قبيلة منسي ) ، وقرب الينابيع التي في أسفل التل يوجد موقع أطلق عليه ( ياشوفي ) .

استهداف ارضي الوقف الاسلامي في محافظة سلفيت

ان عمليه الاستهداف الممنهج التي ينفذها المستوطنون بحق المساجد والمقامات واراضي الوقف في محافظة سلفيت ، تكشف  دوافع الاستيطان الدينية والتي تسببت في حرق مسجد ياسوف عام 2009 ومسجد بروقين عام 2011 ومسجد ديراستيا عام  2014 وعمليات التجريف لاراضي الوقف الاسلامي  في ظهر صبح وخربة ابو البصل وتنظيم الزيارات للمقامات الاسلامية في كفل حارس ، تشكل مؤشرات خطيرة تعكس عمليات التعبئة والتحريض من قبل التيارات اليمينية الاسرائيلية المتطرفة للمستوطنين .

الاخبار العاجلة