صدى الاعلام_”نتيجة مزلزلة” و”كارثة وجودية للديمقراطيين”، هكذا خرجت أبرز عناوين الصحف الأوروبية اليوم الأربعاء في تحليلها لفوز المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية دونالد ترامب على منافسته الديمقراطية كامالا هاريس في السباق إلى البيت الأبيض.
وكتبت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية أن “ترامب لديه تفويض لإصلاح الولايات المتحدة بطريقة راديكالية للغاية. لن تكون هناك عودة إلى الوراء بعد النتيجة المزلزلة للانتخابات الأميركية”، مقدرة أن “إعادة انتخاب ترامب تشكل كارثة وجودية للديمقراطيين” من شأنها “تغيير قواعد اللعبة بالنسبة لحلفاء أميركا”.
واعتبرت الصحيفة أنه لو انسحب الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن “قبل 6 أشهر، لكان لدى الديمقراطيين وقت أطول لاختيار مرشح أفضل من هاريس، التي أظهرت أداء يمكن وصفه -في أحسن الأحوال- بأنه متواضع عندما انتقل البحث إلى الاقتصاد، وهو موضوع بذلت قصارى جهدها لتجنبه”.
ومن جانبها، رأت صحيفة تايمز البريطانية أن “الحزب الديمقراطي أخطأ في تقدير الفارق في الحماسة (بين أنصار الحزبين المتنافسين) وبالغ في تقدير موقفه على الأرض. ويبدو أن هذه الثقة بحماسة النساء لصالح هاريس كانت في غير محلها”، مذكّرة “بأن وضعا مماثلا حدث مع هيلاري كلينتون عام 2016”.
ورأت تلغراف، وهي صحيفة بريطانية أخرى، أن “كامالا هاريس قادت أسوأ حملة رئاسية في تاريخ الولايات المتحدة الحديث”، قائلة إن “نائبة الرئيس لا يمكنها أن تلوم إلا نفسها”. وأشارت إلى أن “العرض الذي قدّمته للشعب الأميركي كان فارغ المضمون تماما، وقام على أساس أي شخص إلا ترامب”.
وفي فرنسا، وصفت صحيفة لوموند ترامب -في افتتاحيتها- بأنه “عائد إلى السلطة مدفوعا بغريزته السياسية ورغبته في الانتقام”، معتبرة أن “الملياردير الجمهوري حقق عودة تاريخية إلى القضايا التاريخية في سن 78 عاما، رغم انتكاساته القانونية وطروحاته المتهورة”.
أما في إسبانيا، فكتبت صحيفة إلباييس اليسارية أن فوز ترامب مرده إلى “طريقة عدوانية وذكورية خالية من العقد في التفاعل مع الآخرين، تحل فيها الإهانات الفظة أو الألقاب الجارحة محل الحجج”، وأضافت أن “الفائز هو الوحش الموجود داخلنا جميعا”.
ورأت الصحيفة أن ترامب “نجح في تحديد هذه الغرائز الأساسية، وتمثيلها في شخصه، وتغذية تعطشه للانتقام، وتوليد أقوى آلة من المعتقدات والمعلومات والمشاعر الكاذبة في تعبئة انتخابية غير مسبوقة”.
رهان محفوف بالمخاطر
كتبت صحيفة “تريبون دو جنيف” السويسرية في افتتاحيتها أنه “بسبب ضياعهم في خليط التقدمية المنفتحة على كل الاتجاهات، بما يشمل الفئات الأكثر تجذرا في الأقليات أو الأكثر طائفية، خسر الديمقراطيون الاشتراكيون، بالمعنى الواسع للمصطلح، ما كان سبب قوتهم: أي الشعبية”.
كما اعتبرت صحيفة “نويه تسورخر تسايتونغ” اليومية الناطقة بالألمانية في سويسرا أن “الأميركيين قاموا برهان محفوف بالمخاطر بانتخاب دونالد ترامب للبيت الأبيض، وهو أمر لا يمكن التنبؤ به”.
وأضافت أنه “من المؤكد أن الضوابط والتوازنات التي ينص عليها الدستور الأميركي تنطبق أيضا على ترامب، لكن من المحتمل أن يتجاهلها الجمهوري ويسبب الفوضى في واشنطن وعلى الساحة الدولية”.
في بولندا، كتبت صحيفة جيتشوسبوليتا أن “المشكلة الكبرى، من وجهة نظرنا، هي أن أوروبا غير مستعدة تماما لترامب. ليس ثمة زعيم في أوروبا في الوقت الحالي قادر على أخذ زمام المبادرة في المجتمع الغربي (… ) تمر فرنسا وألمانيا بأزمة سياسية خطيرة”.
وأضافت “على أوروبا أن تؤدي واجبها بسرعة كبيرة على صعيد قيادة الغرب، قبل أن يتولى المسؤولية شخص مثل (رئيس الوزراء المجري) فيكتور أوربان أو (الرئيس الروسي) فلاديمير بوتين نفسه”.
وفي ألمانيا، رأت صحيفة “دير شبيغل” أن “انتصار ترامب يشكل نقطة تحول سياسية، ليس فقط بالنسبة إلى الولايات المتحدة، بل للعالم أجمع أيضا”.
وكتبت أنه “من المتوقع حدوث تغييرات هائلة في السياسة الخارجية والأمنية الأميركية، التي من المرجح أن تكون لها تداعيات سلبية، خصوصا بالنسبة للأوروبيين. يرى ترامب العالم بمثابة غابة لا ينطبق فيها إلا قانون الأقوى”.
حرب أوكرانيا
وفي أوكرانيا كتب موقع “كييف بوست” مقال رأي للكاتبة يوليا مينديل رأت فيه أنه مع إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية، امتلأت وسائل التواصل الاجتماعي بالدراما بشكل متوقع، خصوصا في ما يتعلق بمستقبل أوكرانيا. كان عديد من الخبراء والصحفيين مقتنعين بأن رئاسة دونالد ترامب ستكون كارثة لأوكرانيا. ومع ذلك، فإن الواقع أكثر هدوءا من هذه الدراما على وسائل التواصل، إذ لم يقدم أي من المرشحين مكسبا واضحا لأوكرانيا.
وتقول الكاتبة إنه بعد متابعتها الدقيقة لحملتي المرشحين، لاحظت أن موقف ترامب الأكثر وضوحا تجاه أوكرانيا كان دعوته إلى “إنهاء الحرب”. وفسر كثيرون هذا كدعوة مبطنة للاستسلام، لكن الحقيقة أكثر تعقيدا. هذه الرسالة “تلامس شريحة أقل صخبا من الأوكرانيين– أولئك الذين يعيشون تحت القصف اليومي، الذين تحولت حياتهم إلى دورة مستمرة من الدمار منذ الغزو الروسي الشامل”.
واعتبرت الكاتبة أن الدعوات إلى وقف الحرب، ولو مؤقتا، للحفاظ على الأمة غالبا ما يتم رفضها بوصفها ساذجة، خاصة من قبل أولئك البعيدين عن خطوط المواجهة. يجادل المنتقدون بأن “بوتين سيهاجم مرة أخرى”. ومع ذلك، يبدو أن هذا المنطق يتطلب منا تبرير الخسائر البشرية الهائلة واحتمالية فناء أوكرانيا بناء على تهديد مستقبلي افتراضي. وقالت إن ذلك مفاده باختصار “نموت الآن لتجنب الموت المحتمل لاحقا”.
وترى الكاتبة أن الحل العسكري البحت لم يكن يوما طريقا قابلا لتحقيق النصر لأوكرانيا، حتى مع الدعم المالي والعسكري غير المحدود من الغرب، “لكن علينا مواجهة الحقيقة المؤلمة: تكلفة هذه الحرب تستنزف تدريجيا الأساس الذي تقوم عليه الأمة الأوكرانية”.
وفي المقابل، نشرت صحيفة إزفيستيا الروسية مقالا للكاتب الروسي ديمتري سولونيكوف، عالم السياسة ومدير معهد تطوير الدولة المعاصرة، قال فيه إنه من الصعب التنبؤ بخطوات دونالد ترامب المقبلة، ورأى أنه شخص غريب الأطوار وله أحيانا أفكار متناقضة تماما. بناء على خطابه الانتخابي، يمكننا استنتاج أنه سيتبع سياسة عدائية من موقع القوة، من موقع السيد المتحكم في العالم.
ويضيف سولونيكوف أن ترامب سيحاول وقف الصراع بين روسيا وأوكرانيا، وسيضغط على كلا الجانبين لتحقيق ذلك.
من جانبه، يعتقد دينيس دينيسوف، مدير معهد مبادرات حفظ السلام وعلم الصراعات، وخبير في الجامعة المالية التابعة للحكومة الروسية، أن ترامب سيركز في المقام الأول على قضايا التوظيف والسياسة الداخلية.
ويقول: “من المنطقي تماما أن لا يهتم بالشؤون الخارجية خلال الأسابيع والأشهر الأولى من توليه. ومع ذلك، سيصبح أكثر نشاطا على الصعيد الخارجي بمرور الوقت. خلال الحملة الانتخابية، أدلى بعدة تصريحات، لكني لا أعتقد أن هناك كثيرا من التغيير في سياسة واشنطن. ستواصل أوكرانيا تلقي الأسلحة والتمويل، كما لا يوجد سبب لانتظار أي مقترحات تفاوضية حقيقية تناسب روسيا. لذلك أعتقد أن الصراع سيستمر”.