ضرورة الاعتذار

25 فبراير 2017آخر تحديث :
ضرورة الاعتذار

بقلم: عمر حلمي الغول  – الحياة

 شهدت العاصمة الإيرانية الأسبوع الماضي نشاطا سياسيا تمثل بعقد المؤتمر الدولي السادس لدعم الانتفاضة الفلسطينية. حضره لفيف من القوى والشخصيات الاسلاموية وبعض فصائل العمل الوطني. وفي حمأة الانفعال والتساوق مع الجغرافيا السياسية حمل رمضان عبدالله شلح، رئيس حركة الجهاد الإسلامي “السلطة الوطنية المسؤولية عن الانقسام، ليس هذا فحسب، إنما اتهمها بإعاقة عمل المقاومة وانتفاضة القدس في الضفة الفلسطينية” وهو يدرك في قرارة نفسه، انه جانب الصواب في المسألتين، اللتين قلبهما رأسا على عقب. يعلم المرء موقف حركة الجهاد من اتفاقيات اوسلو، ورأي الحركة في العديد من المفاصل السياسية. غير ان قيادة الحركة حرصت طيلة الأعوام الماضية على النأي بنفسها عن الصراعات الداخلية. ولم تحدد موقفا حاسما من خيار الانقلاب الحمساوي الأسود، وبقيت تراوح في دائرة الغموض. حتى عندما طرح الدكتور شلح مبادرته السياسية والإصلاحية، التي برأيي انها لم تكن أكثر من رفض اتفاقيات اوسلو الميتة، بتعبير آخر لم تتضمن جديدا يمكن اعتباره اساسا صالحا لمعالجة قضايا الساحة السياسية والداخلية، رغم تغني العديد من القوى السياسية بها، وهم يدركون، انها لم تحمل جديدا. بقي ماسكا العصا من المنتصف. المهم ان شلح تخطى ضوابط سياسة الجهاد الإسلامي في تصريحه الأخير، موقعا نفسه وحركته في المحظور الوطني، لانه تطاول على الرئيس والسلطة في آن واحد، مع انه يعرف ومن موقع التجربة لحركته، ان حركة حماس، فرع جماعة الإخوان المسلمين في فلسطين، هي المسؤولة عن الانقلاب والانقسام، ويعلم ان السلطة لم تكن يوما ضد اي فعل وطني لدعم كفاح الشعب الفلسطيني لا في الضفة ولا في غزة ولا في اي مكان. ولكن ضمن ضوابط العملية السياسية والالتزامات العربية والإقليمية والدولية.

ومع ذلك يسأل المرء رئيس حركة الجهاد الإسلامي: لماذا لم يُفعل خيار المقاومة، الخيار الوحيد وفق بيان مؤتمر طهران، الذي شارك به، من محافظات الجنوب او من جنوب لبنان او من اي بقعة بما في ذلك الضفة الفلسطينية؟ ومن الذي منعه من إطلاق الصواريخ وحفر الأنفاق او استخدام الطائرات وكل ترسانته العسكرية؟ أم انكم في حركة الجهاد تخشون حماس وبطشها، كما فعلت بكم الف مرة منذ الانقلاب الأسود عام 2007، إن كان في احتلال المساجد وطردكم منها او في ملاحقة مناضليكم وقتلهم او جرحهم او اعتقالهم؟ اين ابداعكم وفنون حربكم وشعاراتكم الكبيرة؟ أم ان الفلسطينيين في الضفة الغربية ليسوا ذات شأن في حساباتكم، وهم اولاد الجارية، الذين يجب ذبحهم نتاج السياسات غير المسؤولة؟ لماذا يجوز الصمت في غزة، حيث تتوفر قاعدتكم العسكرية الأساسية، وتلتزمون بما تمليه قيادة الانقلاب الإخواني وفي الضفة تريد ان تعمل أسداً؟ ومع ذلك، ان كنت وقياداتك وكوادرك قادرا على عمل شيء لماذا لم تعمل؟ وهناك اسئلة كثيرة جدا على تصريحك في طهران، تطالك وتطال مواقفك ومواقف حركتك بعلامات استفهام، ليس الآن محل إثارتها.

مع ذلك، القيادة الشرعية برئاسة الرئيس ابو مازن، الذي تعرفه جيدا، هم الأحرص على المقاومة الشعبية والسياسية والدبلوماسية وفي كل ميادين الحياة، وهي التي جرى الانقلاب عليها، وعلى شرعيتها. وهي التي قدمت كل التنازلات الممكنة لجسر الهوة، وطي صفحة الانقلاب الأسود في غزة، وتوطيد وتعزيز الوحدة الوطنية، لأن نجاح وانتصار المشروع الوطني، لا يكون بغير ما تقدم. وتعي القيادة الشرعية مسؤولياتها الوطنية والقومية، وتعمل بمنتهى الحكمة والشجاعة لحماية الذات الوطنية، وتعزيز اي إنجاز وطني مهما كان صغيراً. ورغم التفوهات المسيئة لشخصك قبل غيرك، والمتناقضة مع الواقع، ومع مواقف الجهاد الإسلامي السابقة، فإن الرئيس عباس والقيادة ستعتبر ما بدر من مواقف على لسانك مجرد تطير غير مقصود، ونتاج تأثيرات الجغرافيا السياسية. غير ان ذلك يحتم على شخصك الاعتذار عما ذكرت، وتصويب الأمور، وعلى حركة الجهاد ان تبقى خارج حسابات ومنطق الإمارة السوداء والإخوان المسلمين وكل دولة او قوة في المنطقة او الإقليم تعمل على الإساءة للقضية الوطنية والمشروع السياسي الفلسطيني ومنظمة التحرير الفلسطينية، والعمل سويا مع كل فصائل العمل الوطني لتجذير وتقوية اواصر الشراكة والوحدة وطي صفحة الانقلاب الحمساوي.

الاخبار العاجلة