عن سلفيت التي لم تعد تُشبه اسمها!!

1 مارس 2017آخر تحديث :
عن سلفيت التي لم تعد تُشبه اسمها!!

رام الله- صدى الإعلام– 1/3/2017 تُظهر الاحصاءات الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني وهيئة مقاومة الجدار والاستيطان، وأصوات الجرافات التي تعمل هنا وهناك في أراضي محافظة سلفيت.. والأعين التي ترى كيف تتحول البؤر الصغيرة إلى مستوطنات كبيرة، تتمدد وتتمد لتشبه المدن،  أن سلفيت لم تعد تشبه اسمها المأخوذ من “سل” وتعني السّلة، و”فيت” بالكنعانية وتعني العنب، دلالة على شهرتها بزراعة العنب.

هكذا يمكن القول إن الاستيطان يقلب ديموغرافية سلفيت.. ويحولها الى غير اسمها و”جسدها”.. وأكثر من ذلك، ينتزع روحها الخضراء!

فمنذ البدايات الأولى للاستيطان في محافظة سلفيت عام 1975، والاحتلال يصادر ويسلب وينهب أراضيها، مقيما على مساحات شاسعة منها البؤر والمستوطنات الآخذة بالتوسع مانحة نفسها صفة “الشرعية”.

ويُرجع خبراء في مجال الاستيطان، أسباب هذا التغول الاستيطاني المكثف في سلفيت إلى موقعها الجغرافي المتميز، وبسبب خصوبة تربتها، ولتربعها على أحد أهم الأحواض المائية في الضفة الغربية؛ فضلًا عن الرغبة الاسرائيلية في فرض الأمر الواقع على الفلسطينيين، ولفصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها عبر زرع كتل استيطانية تقطع التواصل الجغرافي والسكاني وأوصال الوطن الفلسطيني.

18  تجمعا فلسطينيا بعدد سكان يقارب الـ 74 ألف نسمة، حسب إحصائيات 2017، يقابلها 24 مستوطنة ما بين سكانية وصناعية. وفيما يقيم في  مركز المحافظة “مدينه سلفيت” حوالي 12 ألف نسمة، يقيم في مستوطنة “ارئيل” أكبر المستوطنات الجاثمة على أراضي المحافظة حوالي 25 ألف مستوطن، ناهيك عن عدد طلاب جامعة “أرئيل” والذي يقدر بـ 25 ألف طالب، وبالتالي فان عدد السكان نهاراً في “ارئيل” يشكلون 4 أضعاف سكان مدينة سلفيت.

ويقول الباحث في مركز أبحاث الأراضي رائد موقدي: إن نسبة الأراضي المخصصة للبناء الفلسطيني في المحافظة تشكل حوالي 6% فقط من المساحة الإجمالية، بمقابل 9% لصالح المستوطنين، وبالتالي فإن نصيب الفرد الفلسطيني من مساحة البناء حوالي 150 مترا مربعا بمقابل 700 متر لصالح المستوطن الواحد، وهو ما ينذر بخطر  كبير جداً على المنطقة.

وبيّن موقدي: أن الاحتلال يسعى الى إقامة تكتل استيطاني يسيطر على أكبر مساحة من الأرض تصل الى 70% من أراضي محافظة سلفيت، وما هو منفذ على أرض الواقع يصل حالياً إلى 40%، ومع الوقت تتمدد تلك المستوطنات وتتوسع لتتصل مع بعضها البعض وترتبط بشبكة طرق ومياه  وكهرباء وصرف صحي.

ويؤكد رئيس بلدية سلفيت عبد الكريم زبيدي، على أن هناك تسارعا في وتيرة التوسع الاستيطاني في السنوات الثلاث الأخيرة، حيث يستخدم الاحتلال سبله الخاصة بالإدعاءات الدينية والتوارتية وغيرها لتشجيع الاستيطان في المحافظة، لدرجة أن الغالبية العظمى من المستوطنات المقامة على أراضي سلفيت شهدت بناء وحدات جديدة وتوسعة في المخطط الهيكلي الاستيطاني، والتي التهمت مئات الدونمات الزراعية من أراضي الزاوية و سرطة وبروقين ودير استيا، وتهدد الإرث التاريخي الفلسطيني في كفر الديك ودير بلوط وغيرها.

وفيما يتمدد الاستيطان وينتشر كالسرطان، يقول موقدي، يحول الاحتلال دون توسعة وتطوير المخططات الهيكلية لبلدات وقرى المحافظة، والتي لم يتم توسعة معظمها منذ السبعينات، وليعيش بذلك عدد كبير من السكان تحت نُذر الخطر.. وتحت تهديد الجرافات الإسرائيلية وإنذارات وقف البناء والهدم بحجة البناء في مناطق “جيم”.

وبحسب مركز المعلومات أريج فان ما مساحته 15,808 دونما (15.8 كم مربع) كمنطقة “أ”، في حين تم تصنيف 35,107 دونما (35 كم مربع) من أراضي محافظة سلفيت كمنطقة “ب”، فيما خضع ما تبقى من أراضي المحافظة 152,792دونما (152.8 كم مربع) الى تصنيف منطقة “ج.

الجدير ذكره، أن ما يقارب 90 % من السكان في محافظة سلفيت يعيشون في المناطق المصنفة “أ” و”ب” والتي تشكل مساحتها الإجمالية 25% من مساحة المحافظة الكلية, في حين يعيش السكان المتبقون في المنطقة المصنفة “ج” والتي تشكل 75% من مساحة المحافظة الكلية، حيث الجزء الأكبر من الأراضي الزراعية والمساحات المفتوحة ومناطق التنمية المستقبلية والتي تشكل مصدر دخل رئيسي للفلسطينيين في المحافظة.

وتخضع في محافظة سلفيت ما مساحته 68,374 دونما من الأراضي الى تصنيف “أراضي دولة”، أي ما نسبته 33.5% من المساحة الكلية للمحافظة، علماً أن هذه الأراضي التي تصنف أراضي دولة، يتم تخصيصها لاحقا للبناء الاستيطاني وللمشاريع التوسعية الاستيطانية التي تخدم المشروع الاستيطاني الإسرائيلي، فيما تصنف مساحات واسعة أخرى تقدر بـ 18,397 دونما، تقع الى الغرب من المحافظة، على أنها “منطقة عسكرية مغلقة” يحظر على الفلسطينيين دخولها أو الاقتراب منها.

وتشير المعطيات، الى أنه عقب الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية في العام 1967، قامت اسرائيل ببناء 196 مستوطنة اسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، منها 24 مستوطنة إسرائيلية على أراضي محافظة سلفيت. وتحتل هذه المستوطنات اليوم ما مساحته 18,890 دونما (18.9 كم ²)، 9.2 % من المساحة الكلية لمحافظة سلفيت، ويقطنها ما يزيد عن 51,000 مستوطن اسرائيلي. (قاعدة بيانات أريج، 2015).

وفي محافظة سلفيت تم وضع مخطط هيكلي لـ 24 مستوطنة اسرائيلية، بحيث تصل مساحة المخطط الهيكلي لهذه المستوطنات مجتمعة 39,309 دونمات ، مع العلم بان المستوطنات الاسرائيلية تحتل  18,890 دونما من مساحة محافظة سلفيت..  وما بين الأعوام 1996 – 2009 تم بناء 13 موقعا استيطانيا في المحافظة والتي باتت تعرف فيما بعد بالبؤر الاستيطانية.

ويقول نائب أمين سر حركة فتح علي جاسر القاق لـ”وفا”: إن سياسات الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة عملت على منح مكافآت ومحفزات اقتصادية مباشرة للمستوطنين والسلطات المحلية للمستوطنات والشركات بهدف تشجيع الهجرة للمستوطنات المقامة على أراضي محافظة سلفيت، والتي تم تعريفها حسب القانون الاسرائيلي كمناطق افضلية قومية (مناطق تطوير) “أ” او “ب”، بحيث تقوم ست وزارات اسرائيلية بتقديم المنح والمكافآت وتخفيض في الضرائب وإيجار الأراضي وتجهيز البنى التحتية  لمن يسكن المستوطنات أو يستثمر فيها، مثل وزارة الإسكان ومديرية ادارة أراضي الدولة ووزارة الصناعة والتجارة ووزارة المالية .

ويأتي تزايد عدد المستوطنين في محافظة سلفيت متماهيا مع تصريحات نتنياهو بأنها “شرفة تل ابيب”، وتصريحات ليبرمان الأخيرة بأن “الشريط الاستيطاني من مستوطنة “أرئيل” حتى مستوطنة “روش هعاين” سيتم ضمه لإسرائيل في الحل النهائي.

وتظهر كل الإحصاءات والأرقام والدراسات والتصريحات والنوايا الاسرائيلية، بما لا يدع مجالا للشك، ان سلفيت الصغيرة مساحة وسكاناً، باتت عنوانا كبيرا للأطماع الاحتلالية في أراضي الضفة الغربية.

المصدر: وفا/ علا موقدي

الاخبار العاجلة