حسن سليم
الاربعاء المقبل سوف يصادق المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر (الكابينيت)، على الاتفاق بين اسرائيل وتركيا، وسيحظى بتأييد وزير الجيش أفيغدور ليبرمان الذي كان معارضا له في وقت سابق، وستعود العلاقات بين تركيا واسرائيل الى سابق عهدها الدافئ، كما كان قد اعلن عنها السفير الاسرائيلي بكابي ليي، “بأن العلاقات بين البلدين سوف تعود إلى مسارها الطبيعي في أقصر وقت”، لعلمه بطبيعة الاتفاق المنجز منذ عام 2013، بين رئيس جهاز الموساد الاسرائيلي يوسي كوهين ومساعد وزير الخارجية التركي فريدون سنيرلي أوغلو، وتعهدت فيه إسرائيل بدفع تعويضات تقدر بـ20 مليون دولار إلى أقارب قتلى وجرحى سفينة مرمرة.
اسرائيل وتركيا، ليسا بلدين عدوين، حتى تحتاجا جهدا كبيرا لرأب الصدع بينهما، بل بينهما علاقات قديمة تعود الى تاريخ قيام دولة اسرائيل، فكانت تركيا ثاني أكبر بلد ذات أغلبية مسلمة بعد إيران تعترف بدولة إسرائيل في اذار 1949، لتصبح إسرائيل المورد الرئيسي للسلاح لتركيا، ويكون بينهما تعاون مهم في المجالات العسكرية، الدبلوماسية، الاستراتيجية، ويتفق البلدان حول الكثير من الاهتمامات المشتركة، سياسيا واقتصاديا وامنيا.
وما حدث ليس اكثر من اضطراب في العلاقة بين البلدين بعد حادثة سفينة مرمرة، التي اعتدت عليها قوات البحرية الاسرائيلية في عملية اطلقت عليها نسيم البحر، فجر يوم 31 من ايار 2010 ، واستهدفت نشطاء السلام في المياه الدولية للبحر الأبيض المتوسط، وما تسبب من مس بهيبة الدولة التركية، تتم الآن معالجته من خلال تحسين بنود الاتفاق “شكلا” بما يعيد للعلاقات دفئها القديم، ويزيل البرود “الظاهري” عنها.
ان قراءة المؤشرات للتعاون العسكري، وللتبادل التجاري، وللزيادة التي طرأت عليه، حتى في ظل ما قيل عن تجمد العلاقات بين البلدين، وارتفاع منسوب التبادل التجاري عام 2011 و2012 بنسبة 15%، ليصل الى ما يقارب ثلاثة مليارات دولار، يدرك ان العلاقة استراتيجية، ليس من السهولة السماح بالمساس بها، او توتيرها، ولهذا قدمت اسرائيل بعد حادثة مرمرة اعتذارا لتركيا، في اذار 2013، من خلال مكالمة هاتفية بين نتنياهو واردوغان، تعهد فيها الاول بدفع التعويضات لضحايا مرمرة، وتم مقابلته بقرار تركي بوقف الملاحقة القضائية لها.
تركيا التي لا ينقطع جهدها لتزعم “المرجعية السنية” في المنطقة، لمواجهة طهران “المرجعية الشيعية”، كانت قد اعلنت في موجة “بازار المقاومة”، عن تبني قضية قطاع غزة، واعلنت وعدا بانها لن تعيد العلاقات مع اسرائيل الى سابق عهدها، الا اذا رفعت الاخيرة الحصار عن قطاع غزة، وتركيا التي تستضيف على اراضيها قيادة حماس العكسرية، تتطلع الى رفع رصيدها في مواجهة التمدد الايراني الذي استفاد من لعب هكذا دور، بل ونجحت في شق صف قيادة حماس فيما يخص العلاقة مع ايران، واخذت تتصرف كوكيل عن قطاع غزة ، وصاحبة ورقتها.
الاتفاق المنتظر اشهاره يوم الاربعاء المقبل لن تشمل بنوده رفع الحصار عن قطاع غزة، كما كان قد اعلن مؤخرا وزير الخارجية التركي مولود أوغلو، بأن بلاده لن تتنازل عن شرط رفع الحصار، بل تم التنازل عن الشرط وفقا لما اعلنته القناة الثانية الاسرائيلية وموقع “حرييت ديلي نيوز” التركي، الاسبوع الماضي، وان ما سيقدم لقطاع غزة فقط، تسهيلات تتمثل بالسماح بإيصال مساعدات تركية للقطاع من خلال ميناء أسدود الإسرائيلي، والسماح لتركيا بتنفيذ مشاريع ذات صبغة انسانية في غزة. لكن المهم، وما ترى فيه اسرائيل انجازا لها، هو الحصول على وعد من تركيا ببذل جهود لإتمام صفقة تبادل أسرى بين حركة حماس واسرائيل، أو على الأقل ضمان تقديم حماس معلومات حول عدد الجنود الأسرى لديها ومصيرهم.
بالطبع لن تطعلنا حماس على ما دار في اجتماع اردوغان- مشعل، المفاجئ، يوم امس الاول، وان كان ثمة علاقة بين الاتفاق المرتقب توقيعه والعلاقة مع حماس وتواجد قادتها على الاراضي التركية، او ان كان الامر يتعلق بوعد انقرة بالمساعدة بشان الاسرى الاسرائيليين لدى حماس.