أولوية القضية الفلسطينية

7 مارس 2017آخر تحديث :
أولوية القضية الفلسطينية

بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة

 في خضم التطورات العاصفة، التي تشهدها شعوب ودول الأمة العربية إن كان لجهة الصراع الداخلي وارتباطاته الخارجية على السلطة او الحروب البينية بين الدول الشقيقة او بينها وبين دول الإقليم الإسلامية، شهدت القضية الفلسطينية موضوعيا تراجعا نسبيا في اهتمامات الحكومات والدول وفي اوساط قطاعات معينة من الشعوب. وطفت على السطح القضايا الداخلية السياسية والاقتصادية والاجتماعية. لكن دون إعادتها للخلف، الأمر الذي فتح شهية البعض من الفلسطينيين والعرب ، كي يعلن كل من موقعه ولحساب أجندته وخلفيته الخاصة عن تراجع القضية الفلسطينية. وتركيب سيناريوهات وحلول سياسية تتوافق مع تلك الاستنتاجات القاصرة والغبية.

غير ان كل ما تقدم، إنما يعكس حقيقة واحدة، عنوانها بقاء القضية الفلسطينية مركز اهتمام الأشقاء العرب لأكثر من اعتبار، منها: اولا إدراك الجميع ان لا استقرار ولا أمن ولا سلام دون حل القضية الفلسطينية؛ ثانيا أيا كانت علاقات التطبيع بين الدول العربية من تحت او فوق الطاولة، لا يمكن ان تستقيم تلك العملية إلا عبر تسليم إسرائيل بخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وحل عادل لمسألة اللاجئين على اساس القرار الدولي 194؛ ثالثا الاهتمام الدولي المتزايد بحل مسألة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. لاسيما ان القيادة الفلسطينية كثفت جهودها السياسية والدبلوماسية لتحقيق المزيد من الإنجازات السياسية والدبلوماسية؛ رابعا حتى تلك المؤتمرات ذات الأهداف الخبيثة المشبوهة إن كان في اسطنبول او طهران او مؤتمرات ما يسمى الشباب في عواصم العرب والمسلمين والأوروبيين، تشير جميعها إلى حجم التكالب على القيادة الشرعية، والعمل على خلق بدائل عن منظمة التحرير أو هز العصا في وجهها. وهو ما يعكس اهمية وأولوية القضية الفلسطينية؛ خامسا تركيز المحادثات والبيانات السياسية الصادرة عن لقاءات القمم بين الزعماء العرب واقرانهم العالميين او بين الزعماء العرب انفسهم على قضية فلسطين كأولوية؛ سادسا عدم تخلي الإدارة الأميركية عن الحل السياسي للقضية الفلسطينية، رغم عدم حسم الشكل المناسب من وجهة نظر الرئيس ترامب ومرؤوسيه .. إلخ.

إذاً من خلال التدقيق الموضوعي في التطورات المرتبطة بفلسطين وقضيتها، يمكن الاستنتاج العلمي ومن دون إسقاطات وهمية او اعتباطية بشكل واضح إلى انها لا تزال تحتل المكانة الأولى عربيا. غير ان هذه الأولوية تحتم على الأشقاء العرب الرسميين، ان يكفوا عن التعامل المباشر مع ابناء الشعب الفلسطيني. لأن الجميع يعرف أن العنوان المركزي للشعب الفلسطيني، هو منظمة التحرير وقيادتها الشرعية. والحرص على تعزيز دور تلك القيادة برئاسة الرئيس محمود عباس، بغض النظر عن اي تباينات بينها وبين قيادة المنظمة. لا سيما ان الجميع يعلم ان القيادة الفلسطينية وممثلها الشرعي والوحيد، منظمة التحرير لم تعد طوع بنان هذا النظام او ذاك، كما لم تعد تسمح المعادلات الدولية لبعض اهل النظام العربي بفرض أجندتهم وحساباتهم الفئوية الصغيرة على القيادة والشعب الفلسطيني. وبذات القدر وأكثر تتعامل القيادة الفلسطينية بمنتهى الحكمة مع كل الأشقاء، وترفض الانجرار لمتاهة تأجيج الخلافات معهم، بل تحرص اشد الحرص على تجسير العلاقة معهم، وإبقاء الحرارة الدافئة في خطوط التواصل معهم. وعلى القيادات العربية بمستوياتها السياسية والأمنية الانسجام مع نفسها ومع ما تقوله داخل الغرف المغلقة مع القيادات الفتحاوية وقيادات السلطة والمنظمة، لا ان تعلن شيئا داخل الغرف ونقيضه خارج الغرف عبر الممارسات الخاطئة. هكذا سياسة لا تخدم العلاقات المشتركة. وبالتالي مطلوب كبح النزعات الخاطئة وردود الفعل غير المحسوبة.

ستبقى القضية الفلسطينية قضية العرب المركزية وبارادتهم، لأنها كذلك، ولأنها مرتبطة اشد الارتباط بقضايا المنطقة الإستراتيجية. وسيبقى الشعب والقيادة الفلسطينية برئاسة ابو مازن اشد حرصا على امتن واوثق العلاقات الأخوية مع الأشقاء العرب، شرط عدم تورطهم في الشؤون الداخلية الفلسطينية، وعدم محاولات بعضهم باعتبار نفسه وصيا على القيادة والشعب الفلسطيني، كما تفعل القيادة الفلسطينية مع الشعوب والأنظمة العربية. فهل يدرك الأشقاء حدود الممكن والمسموح في العلاقات الثنائية المشتركة أم سيبقى بعضهم واضعا الشريطة السوداء على عينيه؟

الاخبار العاجلة