خاص “صدى الإعلام”… الانتخابات المبكرة أداة نتنياهو للهروب المؤقت

21 مارس 2017آخر تحديث :
خاص “صدى الإعلام”… الانتخابات المبكرة أداة نتنياهو للهروب المؤقت

رام الله- خاص صدى الإعلام– 21/3/2017 اشتعل الخلاف داخل الحكومة الاسرائيلية بين رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو ووزير المالية عن حزب “كولانو” موشيه كحلون، بسبب إقامة هيئة البث الجديدة وانطلاقها، وصل إلى التلويح بإجراء انتخابات مبكرة، على الرغم من الجهود الحثيثة التي تبذل من أجل الخروج من هذا المأزق الداخلي في دولة الاحتلال.

تضاربت الآراء بين نتنياهو الرافض لإقامة هيئة البث، بزعم أن القانون الجديد يعطيها حرية كبيرة في التحرير، الأمر الذي لم يرق له وأدخله في حالة تخبط وصلت به إلى التلويح بإجراء انتخابات مبكرة في حال إقامتها على الرغم من أنه كان من أكثر المؤدين لها في السابق، علاوة على انعقاد اجتماع بينه وممثلي الأحزاب التي تشكل الائتلاف في إسرائيل، والتوصل إلى اتفاق، ليخرج علينا بعدها من جديد ليقول “إن حزب الليكود سيعارض الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع أطراف الائتلاف الحاكم”، ويحطم من جديد كافة الجهود المبذولة لمنع تفاقم هذه الأزمة.

جاءت تأكيدات إسرائيلية بأن أمر تقديم إجراء الانتخابات وارد، فقد أوردت صحيفة يديعوت أحرنوت العبرية في تقرير لها بأن رئيس الائتلاف الحكومي الإسرائيلي، دافيد بيتان، من كتلة الليكود قد أوضح بأنه من المحتمل أن يتم التوجه إلى الانتخابات.

الخروج عن الصمت… الانتخابات المبكرة هلوسة

اعتبر الرئيس الاسرائيلي رؤوفين ريفلين، التلويح بحل الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة بسبب قضية هيئة البث العام بـالـ”هلوسة”، بحسب ما نقل موقع يديعوت أحرنوت الالكتروني عن الرئيس ريفلين.

 وقال الرئيس الإسرائيلي “إنه توجد مشاكل كثيرة لدولة إسرائيل، وتقديم الانتخابات بسبب موضوع كهذا هو أمر زائد عن حده”، مشيرا إلى أن من يلوحون بتقديم الانتخابات “ليست لديهم نية جدية بتفكيك حكومة بسبب هذا الموضوع”.

وأضاف أن موضوع هيئة البث العام مهم جدا لكن تقديم الانتخابات بسببه “لا يقبله العقل، فدولة إسرائيل تقف أمام قرارات مصيرية في الموضوع الأمني والسياسي”.

تضارب آراء

ونقلا عن راديو جالييه تساهل، قال وزير المواصلات الإسرائيلي يسرائيل كاتس: “لا يوجد أي سبب لتقديم الانتخابات، ولا يوجد في الائتلاف خلافات حول مواضيع مركزية. ولا يتم التوجه إلى انتخابات بسبب خلافات إعلامية. وأمر كهذا يستوجب حلا وليس خلق أجواء انتخابية”.

وأضاف كاتس أنه “لم تجر مشاورات مع قيادة الليكود، ولم يتخذ قرار في هذا الموضوع في هيئة حزبية ملزمة، وإذا جرى بحث كهذا فإني سأقول موقفي وأنا مقتنع أنه لن يكون موقف فردي”.

وأيد كاتس موقف نتنياهو حيال عدم إغلاق سلطة البث، وقال: “كان ينبغي تنظيم الأمور، فقرابة ألف موظف (في سلطة البث المهددين بالفصل من العمل) موجودون في ضائقة ودراما كبيرة من الناحية العائلية والشخصية، وما كان ينبغي أن تصل الأمور إلى هذه الطريق، لقد قدت إصلاحات صعبة جدا في الموانئ والسماء المفتوح وفي مجالات صعبة أخرى… وأنا واثق أنه سيتم الاهتمام بالموظفين. ولكن من هنا وحتى الانتخابات الطريق طويلة. لا توجد أية حجة لتقديم الانتخابات”.

كذلك اعتبر الوزير يوءاف غالانت، من حزب “كولانو” برئاسة كحلون، إنه “مؤمن بأن نتنياهو وكحلون سيعرفان كيف يترفعان ويحلان الأزمة. وستخلي القضايا الصغيرة مكانها للقضايا الهامة فعلا، مثل الأحداث في سورية”.

وقالت عضوة الكنيست تسيبي ليفني، “إن البديل المفضل هو خطوة سياسية خلال دورة الكنيست الحالية. لكن إذا كان البديل الوحيد لتغيير الحكومة هو بواسطة انتخابات فإنني سأؤيد خطوة كهذه، نتنياهو ليس مهتما بمصير ألف موظف في سلطة البث سيفصلون من العمل”.

اليسار الإسرائيلي يقتنص الفرصة

استغل اليسار الإسرائيلي الأزمة، حيث أعلن حزب ميرتس الإسرائيلي اليساري انه سيتقدم خلال الأسبوع الحالي باقتراح قانون لحل الكنيست، بحسب ما أورده موقع إسرائيل 24 وترجمه “صدى الإعلام”، وقالت زهافا غالؤن، زعيمة الحزب: “بالإمكان طرد رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو من مقر رئاسة الحكومة استنادا لما يقرره الناخب أو استنادا لما يقرره القضاء.. وبما أن الاحتمال الثاني تميل أكثر فأكثر نحو الإدانة القضائية لنتنياهو، فنتنياهو يفضل أن يستبدل حكم القضاء بحكم الناخب”.

من ناحية أخرى، قال زعيم المعارضة البرلمانية الإسرائيلية، إسحاق هيرتسوغ ، إن الائتلاف الحزبي الذي يتزعمه “المعسكر الصهيوني”، سيعمل على تغيير بنيامين نتنياهو برئيس وزراء معتدل وذي مسؤولية.

وأضاف هيرتسوغ، بحسب ما نقلت الصحافة العبرية أنه سيجري اتصالات من أجل حشد واسع داخل الكنيست لسحب الثقة من الحكومة الإسرائيلية.

من جانبها قالت وزيرة الثقافة الإسرائيلية ميري ريغيف، “إنه لا يمكن لرئيس حكومة أن يكون في وضع يتم فيه تجاهل الاتفاقيات الائتلافية. دعم الليكود مقترحات تقدمت بها أحزاب أخرى والتي كانت لدينا مشاكل معها، وعلى الأحزاب الأخرى القيام بالمثل”، مضيفة أنه لا توجد هناك قضية مالية تستحق استخدام كحلون لحق النقض، نعم، سننهي كل شيء بسبب مبدأ احترام الاتفاقيات الائتلافية”.

إلى ذلك قالت وزيرة المساواة الاجتماعية الإسرائيلية، جيلا جمليئيل، من حزب الليكود، “لا يوجد هناك أي مبرر لإجراء انتخابات مبكرة. لدينا ائتلاف يمين قوي، ولا يوجد هناك سبب لخطوات متطرفة من شأنها تفكيك الحكومة. أدعو الجميع للدفاع عن الإئتلاف الحكومي”.

تعددت الأسباب والتحليلات

جاءت تحليلات المحللين السياسيين الإسرائيليين متعددة إلا أنها متقاربة إلى حد كبيرة في تفسير السبب الذي يدفع نتنياهو إلى التلويح بتقديم موعد الانتخابات، انصب معظمها على قضايا الفساد التي يتم التحقيق فيها مع نتنياهو، وأخرى حول صلابة الموقف الأمريكي الرافض لاستمرار الاستيطان في الضفة، والعرض الذي قدمه مبعوث ترامب لنتنياهو في زيارته الأخيرة لإسرائيل.

حيث أعاد محلل الشؤون السياسية لصحيفة هآرتس يوسي فيرتر تقديم موعد الانتخابات إلى لائحة الاتهام الموجهة لنتنياهو، فكتب فيرتر””يعلم نتنياهو بأن الشرطة توشك على التوصية بتقديم لائحة اتهام ضده، في الأسابيع القريبة، على الأقل في ملف المنافع الشخصية “القضية 1000″، والانتخابات، بموجب القانون الإسرائيلي، ستلجم خطوة كهذه، إلى ما بعد إغلاق صناديق الاقتراع. فطالما لم توضع توصية على طاولة النيابة العامة، بإمكان نتنياهو أن يفعل ما يشاء. وبعد وضع توصية كهذه يصبح نتنياهو معاق سياسيا. الخيارات تضاءلت، حيز المناورة تقلص. أصبح ضعيفا، سياسيا. ولذلك، إذا كان يسعى إلى وقف التحقيقات، فإنه يوجد منطق معين في إجراء انتخابات الآن، ولكن في حال خسر نتنياهو الانتخابات ولم يشكل الحكومة المقبلة فإن إجراءات التحقيق وتقديم لائحة اتهام ستتسارع”.

وانسجمت تحليلات ناحوم برنياع مع فيرتير، الذي فسر الأمر في مقال له  في صحيفة يديعوت أحرونوت على النحو التالي، “إن التفسير العقلاني الوحيد لخطوته موجود في مكان آخر غير هيئة البث، في تحقيقات الشرطة. حيث أن أعمال الفساد التي يخضع نتنياهو للتحقيق بشأنها ستثمر، عن توصية الشرطة بتقديم لائحة اتهام، وقرار بالتوجه إلى انتخابات جديدة ستجمد التحقيق وربما تفرغه من مضمونه. ونتنياهو سيدعي أن التحقيق ليس إلا مؤامرة من جانب اليسار. وسيجر ناخبي اليمين، أعضاء ائتلافه والمجتمع الإسرائيلي إلى جولة جديدة، بعد سنتين فقط من الانتخابات السابقة. وإذ بقي في الحكم سيدعي أنه لا حاجة للتحقيق، فالشعب نظفه من أية شبهة. وبعد ذلك سيشكل الائتلاف نفسه الذي سئمه اليوم”.

ومعاريف أيضا وافقت على الطرحين السابقين، فكتب المحلل في الشؤون السياسية بن كسبيت للصحيفة “التحقيقات هي السبب الأساسي الذي دفع نتنياهو لافتعال أزمة ائتلافية والتلويح بتقديم الانتخابات”، ولكنه أشار إلى سبب آخر، وهو المحادثات التي أجراها نتنياهو الأسبوع الماضي مع المبعوث الخاص للرئيس الأميركي، جيسون غرينبلات. ووفقا لعدة مصادر، نتنياهو ذُعر من لقاءاته مع المبعوث الأميركي. لقد أدرك كم أخطأ اليمين بالاعتماد على المسيح ترامب. وهو يخشى الصفقة النهائية، التي سيطرحها ترامب أمامه، وهي صفقة ستجعله يشتاق إلى أوباما، لأنه بالإمكان قول لا لأوباما”.

في حين يرى المحلل السياسي لصحيفة هأريتس الوف بن بأن الخلافات بين إدارة الرئيس الأمريكي ترامب ونتنياهو حول البناء الاستيطاني هي التي دفعت بنتنياهو إلى هذا التلويح.

وأضاف: “بترجمة ما جرى الى اللغة العبرية الواضحة، فقد طلب ترامب تجميد الاستيطان بحجم ونطاق اكبر مما يمكن لنتنياهو تقديمه من خلال مثل هذا الائتلاف الذي يقف على رأسه، فاذا قرر الاستجابة للطلب الامريكي سيقوم ضده نفتالي بينت ويسقط حكومته وسيقنع ناخبي اليمين بعدم منح نتنياهو فرصة اخرى، وستقوم حملة حزب البيت اليهودي الانتخابية على شعار “اردت حكومة يمينية وحصلت على يسارية”.

حيث رأى أن نتنياهو عاجز عن تفكيك الائتلاف الحاكم، لذا بحث عن حجة لتفكيكه بطريقة لا تظهره يساريا مقابل خصمه نفتالي بينت، وتوفر عليه مواجهة مع صديقه العزيز الرئيس ترامب قدر الامكان فوجد ضالته في النضال ضد “سلطة البث العمومي” اليسارية، بحسب ألوف بن.

إذن نحن أمام أزمة حكومية إسرائيلية تهدد بحل الحكومة الحالية وإجراء انتخابات مبكرة بسبب هيئة البث العامة الإسرائيلية، والتي يرى البعض أن هذه هي الحجة البائنة لنتنياهو، في حين ما وراءها أعظم.

 

الاخبار العاجلة