ترامب يترك نتنياهو طليق اليدين

25 مارس 2017آخر تحديث :
ترامب يترك نتنياهو طليق اليدين

بقلم: جيمس زغبي (أكاديمي أمريكي – لبناني مؤسس ومدير المعهد العربي الأمريكي – موقع “لوب لوغ”) – الخليج الاماراتية

يبدو أن إدارة ترامب تتفق مع استنتاج كل رئيس أمريكي وقائد للقيادة المركزية منذ حرب الخليج الأولى ( 1991 ) أن حل النزاع الفلسطيني – «الإسرائيلي» ضروري من أجل تعزيز الأمن الإقليمي ودعم المصالح الاستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط. ولكن إدارة ترامب تترك «إسرائيل» تتصرف كما تشاء.

عندما ينظر إلى الوضع الإقليمي من هذا المنظار، لا يعود نضال الفلسطينيين من أجل العدالة غاية بحد ذاته، وإنما بالأحرى الثمن الذي ينبغي دفعه حتى تستطيع الولايات المتحدة مؤازرة حلفائها الإقليميين من أجل التصدي لزعزعة الاستقرار، سواء من قبل عراق صدام حسين، أم إيران، أم كيانات إرهابية ليست بدول.

وهذا التقييم الجديد للدور الوظيفي لسلام فلسطيني – «إسرائيلي» جعل الرئيس ترامب يبدو وكأنه تراجع عن بعض المواقف الاستفزازية للمرشح ترامب بشأن هذه المسألة. فهو يتوانى في نقل السفارة الأمريكية من «تل أبيب» إلى القدس، وعبر عن تحفظات إزاء برنامج التوسع الاستيطاني «الإسرائيلي»..

وكل هذه «الإشارات»، التي تزامنت مع الزيارة التي قام بها مؤخراً المبعوث الأمريكي الخاص جيسون غرينبلات إلى «إسرائيل» وفلسطين، أثارت توقعات بأن من الممكن أن تكون إدارة ترامب جادة بشأن تحقيق «صفقة كبرى» تشمل تحقيق سلام فلسطيني – «إسرائيلي» وترتيبات أمنية إقليمية بمشاركة «إسرائيل». وما عزز هذه التوقعات هو تقارير تحدثت عن أن زيارة غرينبلات أثارت قلق نتنياهو وهدأت مخاوف الرئيس الفلسطيني محمود عباس.

غير أنني لا أتفق مع هذا التقييم المتفائل، لأنني أبقى، لأسباب متعددة، متشائماً بشأن آفاق مجمل هذا التحرك الأمريكي.

 أولاً، القيادة «الإسرائيلية» ليس لديها مصلحة في أي حل يلبي الحد الأدنى من المطالب الفلسطينية. فعندما كان نتنياهو في واشنطن، كرر مراراً أنه يريد «مفاوضات من دون شروط مسبقة»، ولكنه أعطى إشارة واضحة على أن هذا ينطبق فقط على الفلسطينيين، حيث إنه عرض في الوقت ذاته شروطه المسبقة غير القابلة للتفاوض: اعتراف فلسطيني ب«إسرائيل» ك «دولة يهودية»، وسيطرة أمنية «إسرائيلية» كاملة على مجمل الأراضي الواقعة إلى الغرب من نهر الأردن. وهذان الشرطان المسبقان يعنيان مطالبة الفلسطينيين بأن يقبلوا وضع أشقائهم الفلسطينيين داخل «إسرائيل» ذاتها كمواطنين من الدرجة الثانية، وأن يقبلوا إبقاء الضفة الغربية تحت سيطرة عسكرية «إسرائيلية» دائمة.

وثانياً، هناك مسألة المستوطنات. فقد تحدثت تقارير عن أن نتنياهو يسعى للحصول من إدارة ترامب على اتفاق يكون أفضل من ذلك الذي حصل عليه رئيس الوزراء «الإسرائيلي» الأسبق أرييل شارون من الرئيس الأمريكي جورج بوش. و«الإسرائيليون» يريدون أيضا موافقة الولايات المتحدة على استمرار التوسع الاستيطاني خارج ما يسمونه «الكتل الاستيطانية» التي يعيش فيها أكثرية المستوطنين في الضفة الغربية. علاوة على ذلك، نتنياهو لن يقبل وضع حدود لما أسماه «الإسرائيليون» من طرف واحد «شرق القدس»، الذي هو في الواقع امتداد واسع من أراضٍ تشكل حوالي 10 % من الضفة الغربية ويشمل 222 قرية فلسطينية. كما أن نتنياهو لن يقبل أي قيود في وادي الأردن – حيث استولى «الإسرائيليون» على معظم الأراضي الخصبة هناك وأخذوا يستغلونها. وهذان الشرطان المسبقان يعنيان أن ما سيتبقى للفلسطينيين هو سلسلة «كانتونات» غير مترابطة لا يمكن أبداً أن تشكل كياناً قابلاً للحياة.

 ونتنياهو يريد الاحتفاظ بالسيطرة على ما يسميه «أرض «إسرائيل»، وقد وسع المستوطنات من أجل تحقيق هذا الهدف. غير أنه يتظاهر بموافقته على «حل دولتين» من أجل تخفيف الضغط الدولي عن «إسرائيل»، وفي هذه الأثناء يواصل بناء مزيد من المستوطنات وتعزيز السيطرة «الإسرائيلية» على مزيد من الأراضي الفلسطينية.

الاخبار العاجلة