العرب و«هجوم» السلام

15 أبريل 2017آخر تحديث :
العرب و«هجوم» السلام

بقلم: هاشم عبدالعزيز عن الخليج الإماراتية

القمة العربية ال28 أعادت القضية الفلسطينية إلى أولوية الاهتمام. هذا إنجاز، لكن ما هو مثير أن بدأ التحرك العربي بعد ذلك يواجه بالتشكيك والاتهام وقراءة الأمور بتخبط وتناقض من قبل من يعتبرون أنفسهم أصحاب الوصاية على القضية الفلسطينية.

في هذا الشأن هناك من ذهب إلى إطلاق الأحكام على زيارات كل من الرئيس المصري والملك الأردني والزيارة التي سيقوم بها رئيس السلطة الفلسطينية للولايات المتحدة منها، أنها «محاولات بائسة ويائسة لاسترضاء الإدارة الأمريكية»، وأن «الإدارة الأمريكية لن تقدم أية حلول لصالح القضية الفلسطينية، وستحاول من خلال الدول العربية أن تلهث وراء إحياء مشروع التسوية للحصول على أكبر قدر من التنازلات السياسية والوطنية.

فيما حذر آخرون من «ضغوط أمريكية» ستمارس على القيادة الفلسطينية لقبول مبادرة سلام جديدة لا تتماشى مع المصالح الفلسطينية وتصب في مصلحة «إسرائيل».

فكيف جرت الأمور على الأقل حتى الآن؟

أولاً: لم تكن الزيارات الثلاث لاستجداء الحل الأمريكي، إنما لمعرفة موقف الإدارة الجديدة من الحل إذا كان لديها موقف غير الذي كان قد صدر عن الرئيس ترامب خلال حملته الانتخابية، وعلى أن تكون هناك رؤية عربية لمسار الحل بعد ذلك، ومن الطبيعي أن تجري مشاورات بين الزعماء الثلاثة للاتفاق على موقف مشترك.

ثانياً: الزعماء العرب لم يذهبوا للاستجداء، ولا لطلب التعليمات، فقبل أن تطأ أقدام أول الزائرين إلى واشنطن كان الحديث يجري حول مبادرة عربية تستوعب الأسباب التي قادت العملية التفاوضية إلى الفشل وترتكز على قواعد وضمان نجاح أي مفاوضات قادمة.

المبادرة العربية التي لم يعلن عنها رسمياً بعد، إنما تدعو إلى عقد مؤتمر دولي للسلام لتحميل الأسرة الدولية مسؤولياتها تجاه هذه الأزمة المتداعية وما يترتب عن نهج الاحتلال الوحشي على الشعب الفلسطيني في حياته وحقوقه ووجوده.

ثالثاً: في أبرز ما تردد وما يقال عن المبادرة العربية أنها تقوم على التمسك بحل الدولتين وأن ترعى الولايات المتحدة جولة مفاوضات جديدة في سقف زمني محدد يشهد توقفاً كاملاً لعملية الاستيطان والإفراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى القدامى.

كما تنص المبادرة العربية على عقد مفاوضات أولية بين مسؤولين رفيعي المستوى من الجانبين الفلسطيني وال «إسرائيلي» لبحث الخطوط العريضة للعملية التفاوضية واستكمال ما تم التوقف عنده في آخر المفاوضات التي أدارها وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جون كيري نهاية إبريل 2014م.

المبادرة تشير إلى أنه في حال نجحت المفاوضات الأولية سيتم الاتفاق على موعد ومكان انطلاق مفاوضات جدية على مستوى أكبر، وستجري هذه المفاوضات بناءً على توصيات ومخرجات مؤتمر السلام الدولي الذي تشارك فيه الدول العربية والأجنبية كافة.

السؤال الآن: ما المطلوب عربياً تجاه هذا التوجه والتحرك؟

لسنوات كانت الانتقادات مواجهة للدول العربية من أنها تخلت عن القضية الفلسطينية. والاستفراد بالفلسطينيين كان نتيجة لأخطاء فلسطينية ولضغوط أمريكية وكانت النتائج كارثية عمّقها الانقسام الفلسطيني.

من هنا ليس خطأ أن يكون هناك انتقاد ومن المفيد إثارة المحاذير وإعلان المخاوف. لكن الأمر الأهم هو:

1- إشراك الرأي العام الفلسطيني بكل أطيافه وتياراته في «هجوم» التسوية السلمية لأن المشكلة ليست في الإدارة الأمريكية وحسب، بل في العقيدة التي تتحكم بأركان الكيان الصهيوني، وهي عقيدة العدوان والاحتلال والاستيطان.

2- إطلاع الرأي العام العربي والعالمي على هذا التوجه العربي، الذي يهدف إلى إحقاق الحقوق المسلوبة للشعب الفلسطيني وإلى إرساء قواعد الأمن والاستقرار والسلام المطلوب لشعوب هذه المنطقة والمطلوب لعالمنا الدولي والإنساني بأسره.

إن «هجوم» السلام ليس خيار الضعفاء بل خيار من يتمسكون بالحقوق والقيم الإنسانية النبيلة، وهو مفتاح الخروج من دوامة الدمار التي يزيد مساحته المتلاعبون في «تل أبيب» وتركيا.

المصدر الخليج الاماراتية
الاخبار العاجلة