إضراب الأسرى وإنهاء الاحتلال

20 أبريل 2017آخر تحديث :
إضراب الأسرى وإنهاء الاحتلال

بقلم: عوني صادق عن الخليج الإماراتية

في تزامن مع يوم الأسير الفلسطيني، الذي يصادف يوم السابع عشر من شهر نيسان/ إبريل، وبدعوة من عضو اللجنة المركزية لحركة (فتح)، مروان البرغوثي، بدأ ما يقرب من (1500) من الأسرى الفلسطينيين، والأسيرات الفلسطينيات، موزعين في (22) سجناً «إسرائيلياً»، إضراباً جماعياً ومفتوحاً عن الطعام، بهدف استرداد جملة من المطالب والحقوق سبق لهم أن أنجزوها عبر مسيرة كفاحية شاقة، ثم عادت سلطات الاحتلال وانتزعتها منهم في السنوات الأخيرة، وزادت من إجراءاتها القمعية والعنصرية واللاإنسانية ضد الأسرى.

وفي مؤتمر صحفي عقدته «هيئة شؤون الأسرى» و«مركز الإحصاء الفلسطيني» عشية يوم الأسير، استعرضا فيه أوضاع الأسرى في السجون «الإسرائيلية» من خلال الأرقام، جاءت الإشارة إلى أن نحو (مليون) حالة اعتقال تم تسجيلها بدءاً من العام 1968، وأنه يوجد حالياً في السجون «الإسرائيلية» نحو (7000) أسير وأسيرة، منهم (56) أسيرة (بعد الإفراج عن عميدة الأسرى لينا الجربوني يوم الأحد الماضي)، و(300 طفل)، و(500) سجين إداري. واستشهد تحت التعذيب وإهمال الأوضاع الصحية للأسرى نحو (200) سجين. وفي السنتين الأخيرتين شنّت سلطات الاحتلال هجمة شرسة على الأسرى، وسنّت أو شرعت في سن (13) قانوناً ومشروع قانون ضد الأسرى، شددت فيها العقوبات الموقّعة عليهم. وأحد المشاريع نص على إعدام الأسرى، وهذه عقوبة غير معمول بها في الكيان الصهيوني.

وقد جاءت الدعوة لهذا الإضراب بعد أن استنفد الأسرى كل الوسائل الممكنة، بحيث لم يبق أمامهم إلا الإضراب المفتوح عن الطعام، وهو آخر الأسلحة في الجعبة، لتحقيق مطالبهم التي ضمّت قائمة احتوت على (13) مطلباً لتحسين ظروف اعتقالهم، وتتعلق بالزيارات والتواصل مع العالم الخارجي، وأوضاعهم الصحية، وحقهم في مواصلة تحصيلهم الدراسي من داخل السجون. وبعد توجيه الدعوة للإضراب، تحرّكت سلطات الاحتلال للتشويش عليها عبر بث الشائعات والتهديدات. وأصدرت وزارة الأمن الداخلي بياناً قالت فيه «إننا لن نخوض في مفاوضات مع الأسرى، وسننزل عقوبات على الذين يشاركون في الإضراب، وهم الذين سيتحمّلون النتائج» ! وواضح أن سلطات الاحتلال تخشى أن يؤدي الإضراب إلى تداعيات ومواجهات مع قوات الاحتلال لا تأمن عواقبها أمنياً وسياسياً!

إن إضراب الأسرى، وإن كان مطلبياً في الأساس، إلا أنه ليس بلا بعد سياسي. فالأسرى لم يصبحوا أسرى إلا بسبب نشاطهم وفعاليتهم السياسية قبل الاعتقال. ومن هنا يصبح التضامن معهم في نضالهم المطلبي جزءاً من النضال السياسي العام، وهو ما يستدعي التفافاً شعبياً واسعاً يدعم تحركهم ومطالبهم، وكذلك يستدعي موقفاً من الجهات الرسمية لا يقل دعماً وتأييداً. لقد ساهم (اتفاق أوسلو) في تراجع الحركة الأسيرة، وشجّعت مواقف السلطة الفلسطينية المتخاذلة والمتواطئة من خلال (التنسيق الأمني) سلطات الاحتلال على هجمتها الشرسة عليهم. وشيء طبيعي أن تتراجع حركة أسيرة، تلعب قيادتها السياسية الدور الذي تلعبه السلطة الفلسطينية. وفي الإطار نفسه، لعب (الانقسام) ورخاوة الفصائل تجاه سياسات السلطة دوراً يختلف في الدرجة فقط، ولا يشفع للسلطة ما تتظاهر به من دعم للأسرى في المحافل الدولية، أو في منظمات حقوق الإنسان. كما لا يشفع للفصائل (المعارضة) للسلطة أن ينتمي العدد الكبير من الأسرى لهذه الفصائل! ولا يغيب عن المراقب أن الأسرى صاروا (ورقة سياسية) تستخدمها السلطة والفصائل في مناكفاتها وتآمرها على بعضها وتنافسها الفئوي والفصائلي، دون أن يعود على الأسرى إلا المزيد من أعدادهم وسوء المعاملة التي يلقونها! وحتى تلك (الصفقات) التي تتم بين فترة وأخرى ويتم فيها تبادل للأسرى، تنتهي إلى نتائج هزيلة، حيث في نفس الأسبوع الذي يطلق فيه سراح عدد من الأسرى، تعتقل سلطات الاحتلال أكثر منهم، وتعود لاعتقال عدد آخر ممن أطلق سراحهم! إن من يتساهل أو يفرّط في القضية الوطنية الأساس، يتساهل ويفرّط في القضايا المتفرعة عنها كلها، والأسرى واحدة من القضايا الكبرى التي يتبع التساهل فيها التساهل في القضية الأساس. مع ذلك، فإن (وحدة الموقف) في قضية الأسرى يظل ممكناً لو أخلصت السلطة والفصائل لقضية الأسرى.

لقد كان ضمن الخطايا التي ارتكبتها القيادة الفلسطينية التي فاوضت على (اتفاق أوسلو)، خطيئة ترك الأسرى للتفاوض، لكن (الاتفاق) الذي أعطى الحق لسلطات الاحتلال بدخول (مناطق السلطة) لاعتقال (المشبوهين) والذي فرض عليها تسليم (المطلوبين) لجيش الاحتلال، تركا قضية الأسرى دون حل بل وأبقى الباب مفتوحاً لمزيد من الاعتقالات والجرائم التي ترتكب يومياً بحق الأسرى، والمواطنين المرشحين ليكونوا أسرى!

إن هذا الإضراب يمثّل اختباراً لوحدة الشعب ووحدانية القضية الوطنية، ونجاحه لن تتوقف نتائجه عند الأسرى بل ربما يكون مقدمة لإنهاء الاحتلال.

المصدر الخليج الإماراتية
الاخبار العاجلة