هل تنكشف حماس الأخرى؟

7 مايو 2017آخر تحديث :
هل تنكشف حماس الأخرى؟

بقلم: يحيى رباح – جريدة الحياة الجديدة

 منذ وقوع الإنقسام عبر انقلاب مسلح نفذته حماس ضد الشرعية الفلسطينية وضد حكومة وحدة وطنية كانت برئاستها في الرابع عشر من حزيران 2007 بعد أن تشكلت الحكومة على اثر اتفاق مكة، والانقسام يأخذ مسارات غير مسيطر عليها، رغم كثرة الاتفاقات على قاعدة ورقة المصالحة المصرية، ورغم كثرة الآمال بالعودة إلى المصالحة الوطنية التي هي هدف أعلى، وقوة إضافية لمشروعنا الوطني الفلسطيني، وكانت الحقيقة الكبرى التي لاحظها وسجلها الكثيرون فلسطينياً وعربياً ودولياً، أن هناك في الخفاء في مناطق الظلال، في شقوق التآمر، حماس أخرى غير تلك التي تتفاوض معها الشرعية الفلسطينية وفتح وجميع فصائل الكل الوطني، حماس أخرى تعبد الانقسام، وتعتبره مشروعها الأساس، وهديتها الثمينة التي تقدمها للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين، الذي وصل إلى الحكم – ولو إلى حين، وكانت هذه الحماس الأخرى تقطع كل طريق للتواصل، وتفجر كل مشهد للتوافق، وتدحض كل اتجاهات الوحدة، تضع قطاع غزة الذي يعاني من مشاكل كثيرة في طريق معاكس لكل أمل، وهذه الحماس الأخرى أخذت تعزز حضورها في قطاع غزة مستغلة كل الممكنات، حتى لقد ظهر الشق واضحاً بين حماس التي نعرفها، ولها مكتب سياسي يرأسه خالد مشعل، ولها مجلس شورى، ولها مشتركات مع كل فصيل فلسطيني، حتى لو كان هذا المشترك مجرد أننا نعيش في قطاع غزة الذي انسحبت منه إسرائيل من طرف واحد في خريف 2005، وقالت مراكز أبحاثها في حيثيات الانسحاب إن قطاع غزة ذاهب حتماً إلى أن يصبح مشكلة متفاقمة، وبدل أن تتحمل إسرائيل أعباء وتكاليف هذه المشكلة المتفاقمة فلتتحملها الشرعية الفلسطينية لعرقلة صعودها إلى الاستقلال.

حماس الأخرى، لم تعلن عن وجودها مثل بقية الانقسامات التي وقعت في الساحة الفلسطينية، لأن الانقسام في الفقه الإسلامي هو ردة، والردة لا تستدعي سوى الإبادة، وبالتالي حالت الثقافة الإسلامية دون خروج فصائل أخرى من جسم حركة حماس، ولكن خرجت منها حماس الأخرى التي تعطل المصالحة وتعمق الانقسام، حماس الأخرى التي توافق على حكومة التوافق ولكن هي تعلن من تركيا على لسان صالح العوري أنها هي التي اختطفت الشبان المستوطنين وقتلتهم متسببة في إغراق القطاع وفلسطين كلها في حرب ثالثة، حماس الأخرى التي شاهد الناس في قطاع غزة تجلياتها العجيبة، خلال الحرب الثانية على قطاع غزة التي بدأت بقيام إسرائيل بإغتيال القائد الحمساوي الكبير أحمد الجعبري، وبعد اغتياله فوجئ أهالي القطاع بالدكتور محمود زهار، يرتدي بدلة عسكرية مرقطة، ويتجول في القطاع وهو يحمل بندقيته إم 16، والتي شاهد فيها الناس بعض كبار أسرى حماس ينضمون إلى إضراب الأسرى الكبير بينما ميليشيا فتحي حماد تقمع وتلاحق وتعتقل المئات من أبناء فتح وتزج بهم في السجون، وآلاف من الأمثلة التفصيلية الأخرى التي رآها شعبنا كل يوم، ونتعجب أشد العجب، هل هؤلاء يريدون المصالحة بأي شكل من الأشكال؟

بل لعل المثال الأكبر على وجود حركة حماس الأخرى، أنه في أعقاب ثورة 30 يونيو في مصر، وفض اعتصام رابعة العدوية، ووضع محمد مرسي في السجن كخاتمة لمشهد الهزيمة الكبرى، وجدنا هذه الحماس الأخرى، وعلى عكس مفردات الأخوان المسلمين في العالم، تفتح أبواب العقول لمراجعات كبرى، ورغم أن الأخ خالد مشعل رئيس حماس دعا بقوة وبإصرار الى ضرورة إجراء هذه المراجعة، إلا أن ذلك استغرق وقتاً طويلاً جداً، ومناقشات جادة، ووتمردات خطيرة لفضح كل الأسرار، وتكشف كل الارتباكات، إلى أن صدرت الوثيقة، وثيقة حماس، بالحد الأدنى للحد الأدنى، وأعلنت الوثيقة بعد أربع سنوات، ولكن المشهد كان واضحاً لا يمكن إخفاءه، حماس الأخرى لا تعترف بأية مراجعة، ولا تتراجع عن أي قفزات في الفراغ، فإلى أين تصل الأمور، وهل نرى في حماس إنشقاقات معلنة، وهل نرى في حماس محطات عنف جديدة ضد حماس الأصلية التي نعرفها ونتواصل معها بحوار مفتوح طوال السنوات؟؟؟ علينا أن ننتظر ونراقب، وفي ظني لن يطول الانتظار.

الاخبار العاجلة