هل سنقنع ترامب برفع الظلم عن شعب فلسطين؟!

21 مايو 2017
غزة

بقلم: موفق مطر – الحياة 

 الى أن نسمع من الرئيس الأميركي دونالد ترامب ما يخالف أبعاد ومعاني صورة الاستقبال المميز لرئيس الشعب الفلسطيني وقائد حركة تحرره الوطنية محمود عباس ابو مازن في واشنطن قبل اسبوعين تقريبا، فإننا سنبقى نسير على حبل التفاؤل بتوازن، تتطلبه حكمة السياسي وتقديراته للخطوة التالية.

 من البيت الأبيض الى شرق البحر الأبيض المتوسط هي الرحلة الأولى لرئيس الولايات المتحدة الأميركية ترامب بعد اكثر من مئة يوم في الحكم، وتدشين علاقة استراتيجية، وشراكة حقيقية مع دول المنطقة، تبدأ من الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية التي أراد أن تكون اولى علامات توجهاته ورؤيته لخارطة الشرق الاوسط السياسية الجديدة، وربما الجغرافية ايضا، اذا اخذنا بعين الاعتبار اصراره على صفقة حل سياسي للصراع الفلسطيني الاسرائيلي، ما يعني بالنسبة لنا دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة بعاصمتها القدس الشرقية، توائم مفهومنا لكلام ترامب حول حقنا في تقرير المصير.

تشير الارهاصات والتسريبات والتحليلات والاشارات الى امكانية تفهم الادارة الاميركية الجديدة برئاسة ترامب للموقف الفلسطيني، الذي سمعه من الرئيس محمود عباس أثناء زيارته الرسمية الأخيرة لواشنطن بدعوة من الرئيس ترامب، وتفيد ايضا بأن انهاء الاحتلال الاستعماري الاستيطاني الاسرائيلي، وقيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على حدود الرابع من حزيران بعاصمتها القدس الشرقية، سيمكن دول العالم الديمقراطي الحر من الانتصار على الارهاب واحلال السلام والاستقرار في المنطقة، ويؤمن المصالح الحيوية المرتبطة بالأمن القومي الأميركي، ما يعني اقرار دولة الاحتلال والقوى الاقليمية، والولايات المتحدة الأميركية بأن قيادة الشعب الفلسطيني يجب ان تكون شريكا حقيقيا فاعلا في صنع السلام، بما يكفل تحقيق أهداف البرنامج السياسي للممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، منظمة التحرير الفلسطينية، وانه دون هذه الشراكة، او اختصار الموقف بالتمترس وراء فكرة المساعدات للسلطة والحلول الاقتصادية، تحت يافطة التعاطف، لن تتحقق صفقة السلام التاريخية المأمولة كما تراها الادارة الأميركية الجديدة.

لقد اقتنعت ادارة الرئيس الأميركي ترامب المعنية بالقضاء على بنيان الارهاب المعشش في المنطقة الحيوية للمصالح الأميركية، بأن الأمن في اي دولة عربية وتحديدا تلك المرتبطة بعلاقة استراتيجية مع الولايات المتحدة سيبقى قابلا للاختراق، ما دامت الجماعات الارهابية تتخذ من القضية الفلسطينية ذريعة لجرائمها، كما اقتنعت الادارة الأميركية كما يبدو أن السلطة الوطنية استطاعت سحب ذرائع هذه الجماعات الاجرامية، بالحفاظ على بيئة فلسطينية نظيفة من هذه الجماعات المتعددة الأسماء والانتماءات والولاءات !!.

نجحت القيادة الفلسطينية في اقناع الادارة الأميركية – باعتبارها الشاهد والراعي لعملية السلام التي انطلقت في العام 1994- بأنها لا تستطيع الاستمرار بالالتزام بالاتفاقيات الموقعة مع اسرائيل، في ظل تنكرها لهذه الاتفاقيات وخرقها الدائم، واحداث تغييرات احادية على الأرض، وان المطلوب تدخلا اميركيا ناجعا وحاسما منسجما مع القوانين وقرارات الشرعية الدولية، حتى لا تفقد المنطقة الحيوية للعالم احد أهم عوامل استقرارها، ذلك ان القضية الفلسطينية وحلها وفق ما اقرته الشرعية الدولية، والاتفاقيات الموقعة مع اسرائيل في اوسلو، القاضية بقيام دولة فلسطينية مستقلة هي المفتاح وكلمة السر لارجاع المنطقة الى توازنها ومن ثم البدء بتنمية ثقافة السلام لدى شعوب المنطقة، بالتوازي مع محاصرة الارهاب وضربه ايا كان مصدره!.

والسؤال هنا: هل يتعلق الأمر بارادة الادارة الأميركية على اقرار صفقة تاريخية، أم بحسن ادارتنا للمعركة القانونية السياسية الدبلوماسية التي بدأها الرئيس محمود عباس وظفر حتى الآن بكل جولاتها في الأمم المتحدة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر – قرار اعتراف الأمم المتحدة بفلسطين دولة بعضوية غير كاملة – وقرار مجلس الأمن 2334، وقرارات اليونسكو التي اعتبرت القدس وحائط البراق ضمن الأراضي المحتلة في العام 1967، وغيرها من الانجازات ؟!

نعتقد يقينا أن الكل الوطني بامكانه ادراك حجم المسؤولية في هذه اللحظة التاريخية، حيث لا مجال ابدا لتقمص دور البطولة، بقدر حاجتنا الى التزام الحكمة والتعقل، والرؤية بعيدة المدى، فصورة البطولة التي قد يسعى البعض لرسمها بالدماء، يتهيأ نتنياهو لإحراقها لتأكل معها الأخضر واليابس الفلسطيني، أما إبطال المشروع الاحتلالي الاستعماري الاستيطاني، فإنه يحتاج الى أبطال من الوزن الثقيل يستطيعون رفع البراهين على الحق الفلسطيني وايصالها الى مستوى دماغ العقلية الأميركية، والاوروبية، التي تمكنت منه دعاية اللوبيات اليهودية، وجعلت بينه وبين الحق الفلسطيني حواجز لا يفككها الا عاقل حكيم، فمسمى البطل لا ينفع اي واحد منا فيما الشعب يحترق، لكن بامكان كل واحد منا ان يكون بطلا اذا رأى فلسطين في قلب الرئيس أبو مازن، فرئيس السلام، يستحق منا ان نكون كلنا معه عندما يقابل ترامب على مسافة شبر من مهد رسول المحبة والسلام، الفلسطيني عيسى المسيح عليه السلام… فنحن من سيقنع ترامب ان الرب مع المظلومين، وأن العدالة في العالم لن تتحقق الا برفع الظلم عن شعب فلسطين الذي خرج منه السيد المسيح عليه السلام.

Breaking News