بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
قيادة الانقلاب في محافظات الجنوب تُصر على المضي قدما في خيارها التمزيقي لوحدة الأرض والشعب والقضية، رافضة الاستماع لصوت العقل والعقلاء في داخل حركة حماس وخارجها. تزين قيادات التخريب والتطرف لذاتها وللمضللين من انصار واعضاء الحركة انتهاكاتها وجرائمها، وتقلب الحقائق رأسا على عقب، وتعتقد ان ابناء الشعب لا يميزون بين الغث والسمين، وبين الأكاذيب والحقائق، بين المصالح الوطنية العامة وبين مصلحة تجار الدين والانقلاب الإخواني!
محمود الزهار، وصلاح البردويل عضوا المكتب السياسي لحركة حماس. أكدا بشكل قاطع مضي حركتهم في خيار الامارة، وأعلنا على الملأ، وهي ليست المرة الأولى، ولكنها البرهان القاطع والحاسم في اللحظة السياسية الجديدة. حيث اعلن الزهار على الملأ ودون ان يرف له جفن، أن حركة حماس “جعلت غزة “جنة”، ومن ينكر ذلك كاذب”! واضاف متغنيا بإنجازات حركته في الأمن فقال “الأمن والأمان فيها أفضل من دول عظمى”! وليكشف زيف ما تقدم، ويفضح سياسة حركته، ويميط اللثام عن إفلاسها ومآسيها، التي اورثتها لأبناء فلسطين في محافظات قطاع غزة، يقول “وغيرها من مشاكل بسيطة”. وحتى يهرب من مكاشفة الواقع والمواطنين، يحمل بعض “الخونة” المسؤولية عن “جعلها مشكلة كبيرة”. ويتابع بعناد هادف دعوة العباد لقبول العودة للظلام والماضي السحيق، فيقول “اجدادنا عاشوا بلا كهرباء مئات السنين، وصمدوا وحققوا الانتصارات”. فيما تقدم قال الزهار الشيء ونقيضه، ولكن عندما حاول وضع الإصبع على بؤس وتهافت السياسات، التي انتهجتها حركته على مدار الأحد عشر عاما الماضية، حمل المسؤولية لـ “الخونة” من ابناء الشعب، وهم الغالبية الساحقة، الذين خرجوا في الذكرى الـ48 لانطلاقة الثورة الفلسطينية، كما لم تخرج جماهير اي شعب في العالم من قبل، فلم يبقَ في البيوت سوى النواة الصلبة الضيقة من قادة وكوادر واعضاء الانقلاب الأسود، خرجت الجماهير لتعلن رفضها لخيار الانقلاب الحمساوي ومخرجات “جناته” القاتلة في الرابع من كانون الاول 2013، وقبلها وبعدها الكثير من المظاهرات والاحتجاجات، وآخرها كان في الشتاء الماضي عندما خرج المواطنون ليعلنوا رفضهم لـ”جنة” حماس، وطالبوا بالكهرباء وبالحياة الآدمية الكريمة وبعودة الوحدة الوطنية. وأكدوا رفضهم العودة للماضي السحيق، ولظلامية الإخوان المسلمين. وشدد أبناء الشعب على اعتزازهم بالسلف الصالح، وبنضالاتهم وإنجازاتهم، ولكنهم رفضوا ويرفضون العيش بذات السوية والمعايير، التي عاش بها الأجداد، وارادوا العيش الكريم وفق معاييرهم ومعايير عصرهم. ثم عن اي جنة يتحدث الزهار؟ وعن أي أمن وأمان، الذي يفاخر به أعظم الدول؟ ألم يسأل نفسه لمرة واحدة وهو واضع رأسه على المخدة، عن حجم ومستوى الأكاذيب وعمليات التضليل، التي يسوقها مع أقرانه في اوساط الناس، وعن عدد الحروب والدمار والموت، الذي جلبته حركته لأبناء فلسطين في الجنوب؟ وعن حالات الانتحار المتزايدة في محافظات الجنوب؟ وعن نسبة البطالة، التي تتجه يوما تلو الآخر نحو التفاقم؟ وعن الحصار الخانق، والاعتقال على الرأي والملاحقة على ما يكتب المرء في مواقع التواصل الاجتماعي؟ لكن الزهار وفق منطق التقية الإخواني، يستطيع ان يكذب قدر ما يشاء ليبرر جرائم وانتهاكات انقلاب حركته الأسود على الشرعية الوطنية، وليعلن بشكل قاطع رفضه لخيار المصالحة، وليركب رأس المجن دفاعا عن الامتيازات الشخصية والفئوية، التي أمنها له ولهم الانقلاب.
كان صلاح البردويل أكثر وضوحا فيما تريده وتسعى اليه حركته، فقال في مقابلته مع صحيفة ”القدس العربي”: إن “حماس، كما فعلت على مدار 11 سنة ماضية، تستطيع ان تفعل على مدار 11 سنة مقبلة، وستتاقلم مع اي وضع، وستجد الحلول لهذه الأزمات، ولن تعجز عن ذلك”. لخص البردويل الموقف دون رتوش، وأكد موقف حركته وقيادته الجديدة والقديمة بما لا يحتمل التأويل او الغموض، اختطاف القطاع نحو جهنم جديدة من الويلات والحروب والمصائب او وفق منطق الزهار “جنة” حماس القاتلة.
مع ذلك سيبقى التوجه دائما للعقلاء في حركة حماس، لأنصار الوحدة الوطنية لتوجيه الجهود كلها نحو العدو الإسرائيلي، الذي يستهدف كل فلسطيني بغض النظر عن انتمائه السياسي والفكري، ليوقفوا هذا المجون الأهوج والسام، الذي يعبر عنه الزهار والبردويل وغيرهم من اصحاب الامتيازات، وهو موجه للراكضين في متاهة الزهار والبردويل والانقلاب من الوطنيين، لعلهم يفيقون من لوثة تطرفهم وبؤس خياراتهم السياسية، ليعيدوا النظر فيما تخطط له قيادة الانقلاب، ويقفوا مرة واحدة مع صوتهم وحسهم وخيارهم الوطني، ويتمردوا على لعنة ولوثة الانقلاب الأسود.