‏”جنة” الزهار

30 مايو 2017آخر تحديث :
‏”جنة” الزهار

بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة

قيادة الانقلاب في محافظات الجنوب تُصر على المضي قدما في خيارها التمزيقي لوحدة الأرض ‏والشعب والقضية، رافضة الاستماع لصوت العقل والعقلاء في داخل حركة حماس وخارجها. تزين ‏قيادات التخريب والتطرف لذاتها وللمضللين من انصار واعضاء الحركة انتهاكاتها وجرائمها، وتقلب ‏الحقائق رأسا على عقب، وتعتقد ان ابناء الشعب لا يميزون بين الغث والسمين، وبين الأكاذيب ‏والحقائق، بين المصالح الوطنية العامة وبين مصلحة تجار الدين والانقلاب الإخواني!

محمود الزهار، وصلاح البردويل عضوا المكتب السياسي لحركة حماس. أكدا بشكل قاطع ‏مضي حركتهم في خيار الامارة، وأعلنا على الملأ، وهي ليست المرة الأولى، ولكنها البرهان القاطع ‏والحاسم في اللحظة السياسية الجديدة. حيث اعلن الزهار على الملأ ودون ان يرف له جفن، أن ‏حركة حماس “جعلت غزة “جنة”، ومن ينكر ذلك كاذب”! واضاف متغنيا ‏بإنجازات حركته في الأمن فقال “الأمن والأمان فيها أفضل من دول عظمى”! وليكشف زيف ما ‏تقدم، ويفضح سياسة حركته، ويميط اللثام عن إفلاسها ومآسيها، التي اورثتها لأبناء فلسطين في ‏محافظات قطاع غزة، يقول “وغيرها من مشاكل بسيطة”. وحتى يهرب من مكاشفة الواقع ‏والمواطنين، يحمل بعض “الخونة” المسؤولية عن “جعلها مشكلة كبيرة”. ويتابع بعناد هادف دعوة ‏العباد لقبول العودة للظلام والماضي السحيق، فيقول “اجدادنا عاشوا بلا كهرباء مئات السنين، ‏وصمدوا وحققوا الانتصارات”. فيما تقدم قال الزهار الشيء ونقيضه، ولكن عندما حاول وضع ‏الإصبع على بؤس وتهافت السياسات، التي انتهجتها حركته على مدار الأحد عشر عاما الماضية، ‏حمل المسؤولية لـ “الخونة” من ابناء الشعب، وهم الغالبية الساحقة، الذين خرجوا في الذكرى الـ48 ‏لانطلاقة الثورة الفلسطينية، كما لم تخرج جماهير اي شعب في العالم من قبل، فلم يبقَ في البيوت ‏سوى النواة الصلبة الضيقة من قادة وكوادر واعضاء الانقلاب الأسود، خرجت الجماهير لتعلن ‏رفضها لخيار الانقلاب الحمساوي ومخرجات “جناته” القاتلة في الرابع من كانون الاول ‏‏2013، وقبلها وبعدها الكثير من المظاهرات والاحتجاجات، وآخرها كان في الشتاء الماضي عندما ‏خرج المواطنون ليعلنوا رفضهم لـ”جنة” حماس، وطالبوا بالكهرباء وبالحياة الآدمية الكريمة وبعودة ‏الوحدة الوطنية. وأكدوا رفضهم العودة للماضي السحيق، ولظلامية الإخوان المسلمين. وشدد أبناء ‏الشعب على اعتزازهم بالسلف الصالح، وبنضالاتهم وإنجازاتهم، ولكنهم رفضوا ويرفضون العيش بذات ‏السوية والمعايير، التي عاش بها الأجداد، وارادوا العيش الكريم وفق معاييرهم ومعايير عصرهم. ثم ‏عن اي جنة يتحدث الزهار؟ وعن أي أمن وأمان، الذي يفاخر به أعظم الدول؟ ألم يسأل نفسه لمرة ‏واحدة وهو واضع رأسه على المخدة، عن حجم ومستوى الأكاذيب وعمليات التضليل، التي يسوقها ‏مع أقرانه في اوساط الناس، وعن عدد الحروب والدمار والموت، الذي جلبته حركته لأبناء فلسطين ‏في الجنوب؟ وعن حالات الانتحار المتزايدة في محافظات الجنوب؟ وعن نسبة البطالة، التي تتجه ‏يوما تلو الآخر نحو التفاقم؟ وعن الحصار الخانق، والاعتقال على الرأي والملاحقة على ما يكتب ‏المرء في مواقع التواصل الاجتماعي؟ لكن الزهار وفق منطق التقية الإخواني، يستطيع ان يكذب ‏قدر ما يشاء ليبرر جرائم وانتهاكات انقلاب حركته الأسود على الشرعية الوطنية، وليعلن بشكل ‏قاطع رفضه لخيار المصالحة، وليركب رأس المجن دفاعا عن الامتيازات الشخصية والفئوية، التي ‏أمنها له ولهم الانقلاب.‏

كان صلاح البردويل أكثر وضوحا فيما تريده وتسعى اليه حركته، فقال في مقابلته مع صحيفة ‏‏”القدس العربي”: إن “حماس، كما فعلت على مدار 11 سنة ماضية، تستطيع ان تفعل على ‏مدار 11 سنة مقبلة، وستتاقلم مع اي وضع، وستجد الحلول لهذه الأزمات، ولن تعجز عن ذلك”. ‏لخص البردويل الموقف دون رتوش، وأكد موقف حركته وقيادته الجديدة والقديمة بما لا يحتمل ‏التأويل او الغموض، اختطاف القطاع نحو جهنم جديدة من الويلات والحروب والمصائب او وفق ‏منطق الزهار “جنة” حماس القاتلة. ‏

مع ذلك سيبقى التوجه دائما للعقلاء في حركة حماس، لأنصار الوحدة الوطنية لتوجيه الجهود كلها ‏نحو العدو الإسرائيلي، الذي يستهدف كل فلسطيني بغض النظر عن انتمائه السياسي والفكري، ‏ليوقفوا هذا المجون الأهوج والسام، الذي يعبر عنه الزهار والبردويل وغيرهم من اصحاب الامتيازات، ‏وهو موجه للراكضين في متاهة الزهار والبردويل والانقلاب من الوطنيين، لعلهم يفيقون من لوثة ‏تطرفهم وبؤس خياراتهم السياسية، ليعيدوا النظر فيما تخطط له قيادة الانقلاب، ويقفوا مرة واحدة مع ‏صوتهم وحسهم وخيارهم الوطني، ويتمردوا على لعنة ولوثة الانقلاب الأسود.‏

الاخبار العاجلة