خبراء يناقشون مسارات السياسية البريطانية تجاه القضية الفلسطينية

31 مايو 2017آخر تحديث :
خبراء يناقشون مسارات السياسية البريطانية تجاه القضية الفلسطينية

رام الله-صدى الاعلام-31-5-2017-ناقش عدد من الخبراء والباحثين والنشطاء المهتمين بالقضية الفلسطينية اتجاهات السياسية البريطانية تجاه القضية والتأثيرات المحتملة لخروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، جاء ذلك في ندوة نظمها منتدى التواصل الأوروبي الفلسطيني “يوروبال فورم” يوم الثلاثاء -23 مايو/أيار الجاري في لندن ، حيث أدار الندوة زاهر بيراوي رئيس منتدى التواصل الأوروبي الفلسطيني الذي طرح بدوره أهم التساؤلات التي من المتوقع أن تساعد إجابتها في تحديد اتجاهات السياسة البريطانية حول القضية الفلسطينية، كما تساهم في فهم آليات التأثير على هذه السياسة وتساعد المنظمات التضامنية ومجموعات الضغط في التأثير على هذه السياسات لصالح القضية الفلسطينية.

مناقشة محاور الندوة بدأت بحديث البروفيسور كامل حواش، نائب رئيس المجلس البريطاني الفلسطيني للسياسات ونائب رئيس حملة التضامن البريطانية مع فلسطين والذي قدم عرضاً تفصيلياً عن الدور التاريخي لبريطانيا في احتلال فلسطين بدءأ من وعد بلفور والانتداب البريطاني، مرورأ بخطة التقسيم ثم النكبة ونشاة إسرائيل.

تجاهل لقرار مجلس الأمن رقم 2334  وتهديد لمجلس حقوق الإنسان

 وقد ركز حواش على قرار مجلس الأمن 2334  الذي يعتبر أول قرار يُمرر في مجلس الأمن يتعلق بإسرائيل وفلسطين منذ عام 2008، حيث حث القرار على وضع نهاية للمستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، ونص على مطالبة إسرائيل بوقف الاستيطان في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وعدم شرعية إنشاء إسرائيل للمستوطنات في الأرض المحتلة منذ عام 1967. وانتقد حواش تجاهل الحكومة البريطانية والحكومات الغربية هذا القرار في سياستهم في التعامل مع ملفات الصراع في الشرق الاوسط، حتى ان بعض التعبيرات المستخدمة في التصريحات والبيانات متطابقة تماماً مع ما هو منشور على موقع وزارة الخارجية الإسرائيلية وكأن الاسرائيلين هم الذين يحددون هذه السياسات ومثال ذلك ما قام به ممثل بريطانيا لدى مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة حين اتهم المجلس بانه “متحيز ضد إسرائيل”.

الاحتفال بوعد بلفور وخفض للتمثيل الفلسطيني في لندن

 كما انتقد حواش إصرار الحكومة البريطانية على الاحتفال بوعد بلفور رغم العرائض التي قدمت وعدم الاعتذار عن ما تسببه هذا الوعد من مأسي وويلات على الشعب الفلسطيني. وتطرق حواش الى سياسة الحكومة البريطانية مع التمثيل الفلسطيني في المملكة المتحدة ورفض إعطاء السفير الفلسطيني الجديد تأشيرة دبلوماسية للدخول لبريطانيا، وما تسرب عن اتجاهها نحو تخفيض التمثيل الفلسطيني بريطانيا. وتوقع حواش بأن السياسة البريطانية بعد الانفصال عن الاتحاد الاوروبي ستتجه نحو المزيد من الانحياز والتأييد لدولة الاحتلال لأسباب عديدة، منها أن المملكة المتحدة تسعى للحصول على صفقات تجارية مع الولايات المتحدة وإسرائيل، ومن المرجح أن يتم الضغط عليها لتبني سياسات مؤيدة لإسرائيل. كما توقع حواش ان تسن الحكومة البريطانية تشريعات وقوانين تحاول الحد من عمل حركات مقاطعة الاحتلال وحركات التضامن مع فلسطين، وأي حركات تنتقد الاحتلال مذكراً باعتماد الحكومة البريطانية التعريف الجديد لمعاداة السامية، والذي أصبح يضم أي شجب حاد لدولة إسرائيل، مشيراً إلى أنه بهذه الطريقة فإنه لا يستطيع أحد التفريق بين نقد اليهود، الذي يعد معاداة للسامية، وبين نقد سياسات إسرائيل ضد الفلسطينيين، وبناء على ما سبق، رأى حواش أن خطوة الاعتراف بفلسطين من قبل الحكومة البريطانية ما زالت أمراً غير ممكن في الفترة المقبلة في ظل كل هذا التغيرات.

أمريكا وبريطانيا تسعى لإضفاء الشرعية على الاحتلال الاسرائيلي

 نادية حجاب – الكاتبة والمحللة السياسية  والعضو المؤسس لمجموعة “الشبكة” للاستشارات السياسية،  والباحثة في  مؤسسة الدراسات الفلسطينية ركزت في مداخلتها على تأثير تحالف شمال الأطلسي على سياسة بريطانيا وقالت ان التوجه الغربي بشكل عام يتجه نحو مزيد من التأييد لإسرائيل وبريطانيا جزء لا يتجزا من هذا التوجه وليس غريبا ان سياسات بريطانيا تندرج ضمن هذه السياسية سواء قبل الانفصال او بعده. وذكرت حجاب أن هذا التوجه يهدف الى اضفاء المزيد من الشرعية للاحتلال الاسرائيلي في الضفة الغربية وبالنهاية يريدون أن يصلوا الى محو كلمة “فلسطين” من القاموس، وأكدت بأن نزع الصفة القانونية عن إسرائيل يحتاج إلى وضع قوانين دولية تجرم الاحتلال وتحمي الحقوق الفلسطينية مشددة على ضرروة الاستفادة من القوانين الدولية والدفع نحو الاعتراف بالحقوق الفلسطينية في كل من اوروبا وأمريكا. كما اشادت بنجاح حملات مقاطعة الاحتلال والتضامن مع فلسطين ودعت الى تكثيف الجهود والتعاون بين هذه المنظمات.

المجتمع الدولي يستمر في التغاضي عن محاسبة إسرائيل

 رئيس جمعية المحامين العرب في لندن، المحامي صباح المختار ركز في مداخلته على انتهاكات إسرائيل للقوانين الدولية وأشار إلى أن المجتمع الدولي يستمر في التغاضي عن محاسبتها على الرغم من أن هناك قضايا قانونية رفعت ضد قادة الاحتلال باعتبارهم مجرمي حرب. ودعا المختار الجالية الفلسطينية وانصارها الى التفكير والحشد باتجاه رفع قضايا قانونية في بريطانيا ضد إسرائيل لمحاسبتها على جرائمها.

وأعرب المختار عن تفاؤله بمستقبل القضية الفلسطينية في بريطانيا حيث ذكر انه لو عدنا في الزمن للوراء إلى بداية السبعينات لرأينا انه لم يكن هناك ذكر لقضية فلسطين ولا حتى معرفة لاسم فلسطين، وكان الشعب البريطاني لا يعرف إلا إسرائيل فقط ولم يكن يجرؤ احد على انتقادها، اما الان فالحراك لأجل فلسطين لا يتوقف بل هناك انتقاد دائم لممارسات إسرائيل في الأوساط الشعبية وعلى المستويات الرسمية أيضا. وذكر ان هناك حاجة دائمة لحشد الجهود في بريطانيا من أجل فلسطين والقضية الفلسطينية والتأقلم مع التغييرات في المشهد السياسي في المملكة المتحدة.

رغم الانحياز لإسرائيل يبقى دور بريطانيا مهم لتحريك ملف الصراع

 النائب العمالي السابق في مجلس العموم البريطاني، والناشط المعروف في الدفاع عن القضية الفلسطينية، مارتن لينتون ذكر أن الدول الوحيدة في اوروبا القادرة على استئناف عملية السلام في الشرق الأوسط هي المملكة المتحدة و فرنسا وألمانيا ، لكن فرنسا والمانيا لم تستطع أن تأخذ زمام المبادرة وبالتالي هناك فرصة للمملكة المتحدة أن يكون لها دور في تحريك ملف الصراع سواء قبل الانفصال او بعده. وقدر لينتون خطوة الاعتراف بفلسطين من قبل مجلس العموم البريطاني والخطوات التي سبقت ذلك، كما سرد أيضا سياسات الحكومة البريطانية تجاه القضية الفلسطينية وانحيازها الدائم لإسرائيل وذكر لينتون أيضا أن الحكومة البريطانية تقوم  بإدانة المستوطنات بشكل متكرر، ولكنها لا تعدو كلمات فارغة إذا لم تتخذ أي إجراءات بشأنها ، حتى ان نواب الكنيسيت الاسرائيلي يبدأون بالضحك اذا تم ذكر ان بريطانيا تدين الاستطيان لانهم يؤمنون ان الحكومة البريطانيا لا تعني ذلك حقا.

و انتقد لينتون الخطاب الاعلامي للحكومة البريطانية تجاه الاحداث الجارية في الاراضي المحتلة والتعاطف دوما مع الضحايا الإسرائيلين وتجاهل الفلسطينين. كما انتقد لينتون احتفال الحكومة بوعد بلفور قائلا “اخبرو رئيسة الحكومة ان هذا الامر سيكون سلبيا جدا”. ودعا لينتون الى عزل اسرائيل اقتصاديا مطالبا الحكومة البريطانية بأن تتخذ نفس السياسة التي انتهجتها في موضوع اوكرانيا، وأن تفرض العقوبات على إسرائيل لوكانت جادة في إلزامها بالقانون الدولي مثلما فعلت ضد روسيا عندما حصلت الأزمة مع أوكرانيا. مؤكدا لأن هذا الاتجاه هو الاتجاه الصحيح الذي نحتاج لأن ندفع الحكومة البريطانية إلى اتخاذه، على حد تعبيره.

انهيار المفاهيم الأساسية للديمقراطية في الغرب

 بن جمال مدير حملة التضامن مع فلسطين تحدث في مداخلته على ان هناك هجمات غير مسبوقة ضد حملات التضامن مع فلسطين في بريطانيا خصوصا والغرب بشكل عام . وخاصه مع وصول ترامب لسدة الحكم في امريكا حيث رأى ان انتخابه يجعل المساحة التي نعمل من خلالها صعبة. وتساءل جمال عن “انهيار” المفاهيم الأساسية للديمقراطية في الغرب وما اذا اصحبت هذه المفاهيم تساعد في انتخاب حكومات متشددة تدعم إسرائيل. وناقش جمال أيضا الانتخابات المقبلة ومدى تأثيرها على القضية الفلسطينية خاصة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي وأكد ان التحدي امامنا الان هو نزع الشرعية عن الاحتلال الاسرائيلي بكافة الوسائل القانونية المتاحة حيث أن اسرائيل تخترق كافة المواثيق والاعراف الدولية. ودعا جمال في ختام مداخلته الى دعم حملات مقاطعة الاحتلال ودمج اكبر عدد ممكن من منظمات المجتمع المدني وغيرها في هذه الحملات ، وذكر جمال ان هناك استطلاع للرأي أظهر بأن حوالي ٤٣% من حزب المحافظين يرون ان مقاطعة الاحتلال امرا منطقيا، حيث دعا الى دمجهم في هذه الحملات.

الصهيونية هي جذر المشكلة، والحكومات في الغرب لا تمثل رأي الشعوب

 الاكاديمي والناشط السياسي الفلسطيني د. عزام التميمي قال ان الاسرائيلين احتفلوا بخروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي لكنه بنفس الوقت قال ان بريطانيا خارج الاتحاد الاوروبي ليس بالضرورة ان يكون مفيداً لإسرائيل.

و ذكر التميمي ان العديد من المنظمات المؤيدة لفلسطين احيانا ما تبتعد عن السبب الجذري للمشكلة وهو الصهيونية وان الصهيونية هي تماما مثل نظام الفصل العنصري الذي كان موجوداً في جنوب افريقيا،  نظام عنصري لا يقبل الآخرين. ونحن بأشد الحاجة الى العمل على الرأي العام وزيادة الوعي بالحاجة إلى معالجة السبب الرئيسي للاحتلال وهو الصهيونية.

واوضح التميمي أن ما نحتاجه اليوم هوالبحث عن أي نوع من التأثير الذي قد يتسبب في تغيير سياسات المملكة المتحدة تجاه القضية الفلسطينية. واضاف أن جميع الحكام البريطانيين وجميع الأوروبيين لن يجدوا صعوبة في التحول بشكل حاد لصالح الفلسطينيين، لأن الحكومات لا تمثل الرأي العام وأن هناك تباين بين الرأي العام في أوروبا ومواقف الحكومات ، وأضاف ان الحكومات هي من اختيار الشعوب ولكنها لا تمثل الشعوب وانما تمثل مصالحها.

وفي معرض رده على سؤال هل اصدار حركة حماس لوثيقتها الجديدة تشجع الحكومة البريطانيا لاجراء اتصالات معها، ذكر التميمي ان الحكومة البريطانية التي أثرت على الاتحاد الأوروبي لتسمية حماس كمجموعة إرهابية هي نفسها عادت وبدأت بتغيير سياستها تجاه الحركة عقب فوزها بالانتخابات التشريعية في ٢٠٠٦ وصولاً الى فتح قنوات اتصال معها في اواخر ٢٠١٤. وذكر ان هذا الأمر كان قبل اصدار وثيقة حماس الجديدة والآن مع اصدار الوثيقة الجديدة فإن الامور قد تتغير وخاصة إذا أدركت الحكومة البريطانية انه لا يمكن الاستغناء عن حماس كلاعب اساسي في المشهد الفلسطيني.

الاخبار العاجلة