رام الله – صدى الاعلام 5-6-2017
أوردت صحيفة “هآرتس” أمس الأحد، ان عددا من الجنرالات الإسرائيليين الذين خدموا في مناصب رفيعة في الجيش الإسرائيلي، من بينها مناصب في القيادة العامة للجيش وفي المنطقة الوسطى، اعترفوا بأن المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية لا تخدم المصالح الأمنية الإسرائيلية.
وحسبما نقلت الصحيفة أقوالهم، فإن وجود مدنيين إسرائيليين في الضفة الغربية يعد عبء على الأمن القومي الإسرائيلي، لأن الجيش سيضطر إلى تكريس قوات كبيرة لحمايتهم، حتى في الأيام الاعتيادية نسبيا. ونشر هذا الموقف في إطار وثيقة جديدة عممها معهد الابحاث “مولاد” بمناسبة الذكرى الخمسين لحرب الايام الستة من عام 1967.
وتحدث معد التقرير أبيشاي غورديس، مع نائب رئيس الاركان السابق، الجنرال احتياط موشيه كابلانسكي الذي كان قائد المنطقة الوسطى إبان الانتفاضة الثانية، وكذلك مع الجنرال غادي شيمني، قائد المنطقة الوسطى سابقا، ومع الجنرال احتياط نوعام تيفون الذي كان قائد قوات الجيش في الضفة سابقا وغيرهم من القياديين في الجيش سابقا.
ويقتبس الباحث في دراسته استطلاعات للرأي العام تفيد بأن أكثر من نصف الجمهور يعتقد بأن المستوطنات تدعم أمن الدولة. ولكن، حسب أقواله، فإنه “حتى إذا كانت فكرة أن المستوطنات تدعم الأمن القومي الإسرائيلي، قد صمدت في الماضي، إلا أن هذه الفكرة لم تعد سارية اليوم. فالوجود المدني الإسرائيلي المنتشر في الضفة الغربية لا يسهم في الدفاع، وإنما يثقل على قوات الأمن، ويمتص قسما كبيرا من موارد الجهاز الأمني، ويضيف الكثير جدا من نقاط الاحتكاك، ويطيل خطوط الدفاع”.
واقتبس أبيشاي غورديس عن الجنرال تيفون قوله في الآونة الأخيرة، إن حجم القوات التي يطالب الجيش بإرسالها إلى الضفة، يصل إلى أكثر من نصف القوات النظامية وأحيانا إلى ثلثي قوات الجيش.
وبناء على محادثات مع كابلانسكي وضباط كبار آخرين، يقدر الباحث بأن حوالي 80% من القوات المرابطة في الضفة الغربية تعمل في الدفاع المباشر عن المستوطنات، والبقية فقط منتشرة حول الخط الاخضر.
ويشير الباحث إلى أن الجدار الفاصل ساعد على منع وصول “الإرهاب” إلى داخل الخط الأخضر، لكن بناء الجدار لم يستكمل بسبب معارضة قيادة المستوطنين لإخراج قسم من المستوطنات إلى ما وراء الجدار. ويأتي الانشغال الكبير في نشاطات الأمن الجاري وإلى جانبه أعمال الدوريات في صفوف الجمهور المدني الفلسطيني، على حساب توجيه القوات للتدريبات والاستعداد للحرب.
ويذكر كاتب الوثيقة بأن المنطق الأمني لإنشاء المستوطنات اعتمد على “خطة ألون” التي تعود إلى سنوات السبعينيات، لكن تلك الخطة لم تعد على صلة منذ اختفاء خطر اجتياح عسكري عراقي – أردني، من الجبهة الشرقية. فالأردن وقع على اتفاق سلام مع إسرائيل في 1994، والجيش العراقي تحطم خلال الغزو الأمريكي للعراق في 2003. والتهديد الوحيد الذي بقي من الشرق هو تهديد الصواريخ الإيرانية، لكن المنطقة التي تسيطر عليها إسرائيل في الضفة، وبالتأكيد المستوطنات، لا توفر ردا على هذا الخطر.
ويكتب أبيشاي غورديس، إن المشكلة الرئيسية التي تواجه الجيش في الضفة الغربية هي خطر العمليات الهجومية. وحسب اقواله فإن “كل نقطة استيطان مدني إسرائيلي إلى الشرق من الخط الأخضر تتحول إلى نقطة ضعف. المستوطنات لا تساعد الجيش على محاربة الإرهاب، بل العكس هو الصحيح: مساهمتها في الجهد العسكري سلبي بشكل واضح. إنها أهداف متنقلة، مجاورة لبلدات فلسطينية ويسهل التسلل إليها وجمع معلومات”.
وقال كابلانسكي لمعد التقرير بأن “المفهوم الذي يقول إن المستوطنات تخدم الأمن هو مفهوم عفا عليه الزمن ويلائم فترة ما قبل قيام الدولة، حين لم يكن هناك تعريف للحدود. هذا مفهوم للسيطرة على الارض. خلال العقود الأولى لقيام الدولة لم تكن لدينا التكنولوجيا التي نملكها اليوم، من أجل الحصول على الأمن”.
وقال نائب رئيس الاركان السابق: “عندما كنا في لبنان، جلسنا هناك لكي نوفر عمقا لبلداتنا، لكي لا يجلس حزب الله على السياج الحدودي في المطلة، جلسنا نحن داخل الأراضي اللبنانية، ولكننا نشرنا هناك فقط القوات المطلوبة من أجل إبعاد حزب الله، ولم نحتفظ هناك بقوات لكي تحافظ في كل لحظة على مواطنين إسرائيليين داخل الأراضي اللبنانية، يتنقلون على الطرقات أو يقيمون حفل زفاف في قلعة الشقيف أو يذهبون للصلاة على قبر في الليطاني”.