عودة الخلايا السرية اليهودية

13 يونيو 2017آخر تحديث :
عودة الخلايا السرية اليهودية

بقلم:اليكس فيشمان

عن يديعوت احرنوت 

التعاون بين جماعة «البلادم» ومتطرفي يتسهار أدى الى استئناف «رحلات السبت»، وهو الاسم السري لحملات العنف التي يقوم بها اشخاص ملثمون ضد الفلسطينيين وجنود الجيش الإسرائيلي   «الشاباك» رفع راية سوداء. الإرهاب اليهودي المسيحاني والفوضوي الذي يسعى الى القضاء على الدولة الصهيونية التي تعيق مجيء الانبعاث، يرفع رأسه من جديد. في الشهرين الأخيرين فقط سجلت ثماني عمليات سرية للإرهاب اليهودي داخل الخط الاخضر والضفة الغربية: في القرى العربية في وادي عارة، والناعورة في الشمال، في القدس والقرى الفلسطينية القريبة من مستوطنة يتسهار. الحديث حتى الآن يدور عن الاضرار بالممتلكات واحراق السيارات وكتابة شعارات قومية متطرفة على الجدران. واضافة الى ذلك سجلت عشرات الاحتكاكات من قبل إرهابيين يهود مع الجنود والشرطة والسكان الفلسطينيين والمواطنين الإسرائيليين، التي انتهى بعضها بإصابات.

في السنتين الاخيرتين كانوا في حالة شلل، صفر عمليات تقريبا، بعض القادة ومنفذي العمليات تم وضعهم في السجن، والبعض تم إبعادهم. ولكن منذ اخلاء عمونة في شهر شباط من هذا العام زاد نشاط الإرهاب اليهودي. ويتحدث «الشاباك» عن التصعيد الإرهابي اليهودي بشكل يذكر بالموجة السابقة التي وصلت الى ذروتها في تموز/يوليو 2015 عند قتل عائلة دوابشة في قرية دوما. القسم اليهودي في «الشاباك» يجد نفسه من جديد مشدود حتى النهاية. جهات الشرطة و»الشاباك» التي تتابع العمليات اليهودية الشديدة المتطرفة عادت الى مستوى العمل الذي كان في 2015، وهي سنة الذروة للحرب ضد الإرهاب اليهودي. إلا أن حادثة دوما التي زعزعت المجتمع الإسرائيلي، والتي اعطت «الشاباك» والشرطة الادوات والدفعة المعنوية لضرب هذا الإرهاب تراجعت منذئذ.

في التعريفات المهنية، الإرهاب اليهودي يوجد الآن فيما يسمى «المرحلة الثالثة» في سلم التصعيد. المرحلة الاولى هي العنف قرب المستوطنات. يقضي موقف نشطاء الإرهاب اليهودي بأنه «في الاماكن التي نعيش فيها لن يمر أمام ناظرينا أي عدو» شرطة، جنود، فلسطينيون أو نشطاء السلام واليسار. لا أحد. من يمر سيتلقى الضربة. اذا توجه فلسطيني بالخطأ الى بوابة يتسهار فلا يمكن أن يخرج من هناك سليما ومعافى. الجيب العسكري الذي سيقترب من المكان سيتلقى الحجارة.  القلب النابض للإرهاب اليهودي المتجدد يعمل في مركزين. الاول هو يتسهار: هناك وجد «تدفيع الثمن» وتبلور الموقف المعادي للصهيونية. واضافة الى «يتسهار» هناك مركز آخر، حصل في حينه على اسم «شبيبة التلال». والحديث يدور عن مجموعات عنيفة تعيش في بؤر «بلادم» في بنيامين، مثل غيئولات تسيون ورمات مغرون. عدد من هذه البؤر يوجد في منطقة عسكرية مغلقة، لكن لا أحد يهتم. يتم اخلاء بعضها بين الفينة والاخرى وترك الآخرين. من هناك خرجت النواة الصلبة لـ «جماعة التمرد» برئاسة مئير اتنغر، حفيد الحاخام كهانا. وتم اتهام شخصين من هذه الجماعة بقتل عائلة دوابشة. ووقفت ايضا من وراء الحريق في كنيسة الدورمتسيون في القدس وكنيسة الخبز والسمك في طبريا. إلا أنه حصل توحد بين نشطاء يتسهار وبين البلادم، وهكذا وجد النشطاء العنيفون من يتسهار أنفسهم يقودون شبيبة التلال من اجل القيام بالعمليات الإرهابية.  المرحلة الثانية تشمل الخروج من المستوطنة، أو ما يسمى في يتسهار «رحلات السبت». ينهون صلاة البزوغ ويخرجون الى القرى مثل بورين وعوريف وحوارة ويقومون بالاعتداء على هذه القرى. وفي معظم الحالات يعرف الجيش مسبقا عن هذه الافعال، ويصل الى المكان، لكنه لا يؤثر. الجنود ايضا يتعرضون للاعتداءات. وفي الاشهر الاخيرة سجلت في شرطة شاي 17 حادثة عنف من قبل سكان في يتسهار وبؤر البلادم ضد العرب والجنود ونشطاء اليسار. جميع من يقومون بالاعتداء معروفون للسلطات. في 22 نيسان/أبريل، اثناء «رحلة سبت» كهذه، حدث هجوم على عوريف وحوارة مصدره يتسهار. والنتيجة: عدد من الفلسطينيين المصابين بينهم امرأة عجوز. وقد تم استدعاء قوات الجيش الى المكان والنتيجة: ضابط إسرائيلي مصاب. وفي حالة من الحالات أطلق ضابط الجيش النار في الهواء لانقاذ نفسه من هجوم «البلادم» الذين انقضوا عليه بغضب.

في 21 نيسان هاجم 15 من «البلادم» الملثمين مع الحجارة والعصي على نشطاء اليسار والرعاة البدو، وقاموا بضربهم بشدة. وبمعجزة انتهى الامر بأربعة مصابين فقط. وبعد أن صبوا غضبهم على الرعاة وصل المخلون الى مستوطنة كوخاف هشاحر من اجل استراحة المحاربين، وهي مستوطنة عقلانية. والمفتش العام الحالي للشرطة، روني ألشيخ، عاش فيها في السابق. إلا أن السكان في كوخاف هشاحر لا يعنيهم اذا تم اعطاء ملجأ ودعم لشبابنا الممتازين. وفقط بعد أن عرضت الشرطة الفيلم الذي وثق عملية الفتك، على رئيس المستوطنة، تمت مقاطعتهم.

اختفاء تأثير «دوما»

إن سلوك السكان في كوخاف هشاحر مع المُخلين بالنظام هو تعبير عن تراجع تأثير دوما. ولكن ليسوا هم فقط. فقد عاد اعضاء كنيست الى سابق عهدهم، وبدأوا من جديد يقدمون الدعم لهذه المجموعة المخلة.

الالتقاء بين شبيبة التلال وبين سكان يتسهار هو مسألة اقتصادية ايضا. يعمل شبيبة التلال بصيانة المنازل لدى المقاولين من يتسهار، وهم ينامون هناك ويبقون في ايام السبت ايضا. في منتصف أيار/مايو من هذا العام نشرت في الصحف الدينية القومية قصة الكنا فيكار، من سكان يتسهار، الذي صدر ضده أمر ابعاد لشهرين بسبب افعاله العنيفة. وتضعضعوا في يهودا والسامرة من «الاجحاف» الذي سببه له «الشاباك»، حيث إن فيكار هو «باحث اجتماعي» استضاف في منزله شباب التلال، كما يقولون في اليمين.

رواية السلطات مختلفة قليلا: لقد ناموا عنده، عملوا لديه في اعمال الصيانة، وفي ايام السبت خرجوا الى رحلات في المنطقة من اجل ضرب العرب، والاعتداء على الاملاك. واذا وصل الجيش سيعالج هو ايضا. «الشاباك» طلب ابعاد فيكار عن المنطقة مدة اربعة اشهر، والقاضي صادق على شهرين فقط.

 إن من ذهب بشكل سريع لزيارة عائلة فيكار كان نائب رئيس الكنيست من البيت اليهودي وهو بتسلئيل سموتريتش، الذي غرد في حساب تويتر واعتبر أن اعطاء الامر الاداري لرب العائلة هو مثابة «هستيريا وانغلاق». الأب الذي يقوم باعالة عائلة مكونة من ستة اولاد، وهو من القلائل الذين ينجحون في التأثير على شبان التلال، جميع جهات الرفاه تمر من خلاله. يبدو أن سموتريتش وأمثاله لم يتعلموا أي شيء.

نحن الآن في المرحلة الثالثة للإرهاب اليهودي. هذه هي «المرحلة السرية»: احداث تتم في الليل بواسطة خلايا صغيرة. واليكم قائمة جزئية من الاسابيع الاخيرة: في نهاية آذار/مارس عمل تدفيع الثمن في القنصلية الاسبانية في القدس. في 26 نيسان/أبريل احراق سيارة في حوارة قرب يتسهار، وكتابة شعارات قومية متطرفة. في 5 أيار/مايو تخريب اطارات السيارات وكتابة شعارات في شرقي القدس. في 9 أيار الحاق الضرر بسيارات في شعفاط. وفي تلك الليلة، في ناعورة قرب العفولة، تم الاضرار بالسيارات وكتبت شعارات تدفيع الثمن. في 24 أيار احراق سيارات في عارة. وفي 28 أيار الاعتداء على سيارة شخص عربي وكتابة شعارات في جبل صهيون في القدس. وفي 29 أيار احراق تراكتور وكتابة شعارات في قرية بورين قرب يتسهار وهكذا دواليك.

 المرحلة الثالثة هي مرحلة حساسة جدا في تنظيم الخلايا الإرهابية. هنا يبدؤون بالعمل من خلال التخطيط المسبق والتنسيق السري وزيادة الثقة بالنفس. وهذا يؤدي الى المرحلة الرابعة التي تشمل الحاق الأذى الجسدي بالاشخاص. الاعتداء على منازل العرب وعلى المساجد والكنائس. الهدف والايديولوجيا لم يتغيرا في العامين اللذين تم فيهما تراجع في الإرهاب اليهودي: اذا كانت الدولة تعيق قدوم المُخلص فنحن سنحرق الدولة حينها.

ونقوم ببث الخلاف بينها وبين أمم العالم، وبينها وبين الفلسطينيين، وبينها وبين الديانات الاخرى، من اجل التسبب بحرب اهلية تكون نهايتها انهيار السلطات في إسرائيل وصعود الدولة الدينية. القتل هو اداة شرعية من اجل احداث الانبعاث.  إن قتل عائلة دوابشة في دوما جر في اعقابه موجة إرهاب استمرت تسعة اشهر. قتل الفتى محمد أبو خضير في تموز/يوليو 2014 تسبب باعمال شغب في اوساط عرب إسرائيل والقدس واستمرت مدة نصف سنة. وحسب رأي المجموعة المتمردة التي ترأسها مئير اتنغر، يعتبر هذا نجاحا.

الحديث يدور عن منظمة معادية للصهيونية. هؤلاء الاشخاص لا يخدمون في الجيش، بل العكس، يعتبرون قوات الامن الإسرائيلية عدو. في 2016 تم تجنيد بعض شبان التلال بالخطأ. وفي مكتب التجنيد تسببوا بأضرار وكتبوا شعارات «تدفيع الثمن». وقد تخلص الجيش منهم بسرعة، وبالطبع يوجد لهم آباء روحانيون مثل الحاخام اسحق غينزبورغ، من يتسهار. وهم لا يستمعون لاقواله دائما. الامر الذي يحركهم ليس اعمار ارض إسرائيل، أو الدوافع الامنية أو التطورات السياسية، وترامب لا يعنيهم، هم يريدون القضاء على الدولة الصهيونية. وفقط امنحوهم الفرصة.  يوجد اليوم ايضا شخصيات عامة تؤيدهم، وعلى الأقل يوجد عضو كنيست واحد يؤيدهم بشكل علني، وهو يعرف غرف تحقيق الشاباك جيدا، حيث جلس أمام محققي الشاباك قبل عقد بتهمة العضوية في خلية خططت لتنفيذ عملية. جلس وصمت وتم اطلاق سراحه.

وفي 2005 كان الامر ممكنا. حتى 2014 لم تقدم حتى ولو لائحة اتهام واحدة ضد المُخلين. القتل في دوما كان الخط الفاصل. لحظة اعتبار تدفيع الثمن هو عمل إرهابي بكل معنى الكلمة، بدأ «الشاباك» بالتنظيف الاساسي الذي أدى الى عامي هدوء.  ومن 2014 الى 2017 سجل تراجع في نشاط هذه المجموعات في الضفة. وتم اعتقال نشطاء يتسهار وشبان التلال أو ابعادهم بأمر اداري. وقد عمل «الشاباك» بطريقة «قص العشب الاخضر» بالضبط مثلما يعمل مع حماس. يصل الى كل من يشتبه بالنشاط الإرهابي اليهودي ويقوم بالتحقيق معه.

ليس القتل في دوما هو الذي سبب الزعزعة في قيادة يهودا والسامرة. شخصيات عامة في المناطق واعضاء كنيست من اليمين زعموا أن العرب هم الذين نفذوا هذه العملية. ونبذوا من داخلهم شبان التلال فقط بعد أن نشر الفيلم القصير «رقصة الدم»، الذي ظهر فيه شبان التلال وهم يرقصون في حفل زفاف ويقومون بطعن صورة الطفل علي دوابشة. وقد تزعزع الجمهور في إسرائيل وخاف قادة المستوطنين من أن يلحق هذا الامر الضرر بشرعية مشروع الاستيطان. عندها فقط تم التنصل من هذه المجموعات. إلا أن الذاكرة قصيرة، والزمن يفعل فعله والشاباك يحذر «اذا لم يحدث الآن تغيير في الوعي، فإننا في الطريق الى موجة اخرى من الإرهاب اليهودي. ودوما 2 هي مسألة وقت».

 

المصدر يدعوت احرنوت
الاخبار العاجلة