الوكالة باقية ما بقي لاجئ

13 يونيو 2017
الوكالة باقية ما بقي لاجئ

 بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة

هاجس مسألة اللاجئين الفلسطينيين يؤرق عقول وجفون قادة دولة التطهير العرقي الإسرائيلية. لم ولن يهدأ لهم بال إلا بالتخلص من هذه القضية الشائكة، لذا طرحوا وصاغوا الكثير من الأفكار والاجتهادات للانقضاض عليها بهدف طمسها وقتلها، لأنها توازي قضية تحرير الأرض. هاتان القضيتان تشكلان جوهر ولب الصراع الفلسطيني الاسرائيلي. ولم يكن ما طرحه بنيامين نتنياهو في جلسة الحكومة امس الاول الأحد، ويوم الأربعاء الماضي أثناء لقائه سفيرة اميركا في الأمم المتحدة عن ضرورة تفكيك وكالة الغوث “الأونروا”، هو الطرح الأول له ولغيره من الاسرائيليين الاستعماريين. ولن تتوقف القيادات الاسرائيلية عن إثارة شطب الوكالة، وستعمل على استقطاب قوى إقليمية ودولية لتحقيق مخططها الإجرامي. لاسيما وان قضية اللاجئين الفلسطينيين المزمنة، هي الشاهد الحي على جريمة العصر المتمثلة بإقامة إسرائيل على انقاض نكبة الفلسطينيين 1948.
وكما يعلم العالم قضية اللاجئين الفلسطينيين، الذين طردوا من ديارهم عام النكبة 1948، الذين شردتهم العصابات الصهيونية بفعل مجازرها وجرائم حربها في دير ياسين وكفر قاسم والدوايمة وغيرها من المجازر في كل بقعة من فلسطين التاريخية بلغ عددهم حوالي الـ800,000 الف فلسطيني إلى بلدان الشتات والمهاجر العربية والأجنبية، وما زال هؤلاء ونسلهم، الذين زاد عددهم عن ستة ملايين حتى يوم الدنيا هذا ينتظرون تنفيذ إسرائيل القرار الدولي 194، الذي ربط بين اعتراف الأمم المتحدة ودول العالم بإسرائيل مقابل ضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين. وللتخفيف من معانتهم الانسانية أنشأت الأمم المتحدة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين استنادا للقرار الأممي 302 لعام 1949. وما لم يتم حل مسألة اللاجئين الفلسطينيين، لن تحل (الأونروا). وعلى سبيل الافتراض، في حال تحقق لإسرائيل ما تسعى إليه قبل عودة اللاجئين، فلن تشهد المنطقة سلاما ولا عيشا مشتركا، بل العكس صحيح.
لذا يخطئ رئيس الحكومة الإسرائيلية كثيرا جدا إذا اعتقد أن قضية اللاجئين الفلسطينيين تتساوى مع اي قضية من القضايا الناشئة عن الحروب القومية والأهلية في اصقاع الدنيا. لأن كل اللاجئين من دول العالم سمح لهم أو سيسمح لهم بالعودة لأوطانهم فور انتهاء تلك الحروب. ومن فضّل البقاء في مكان اللجوء الجديد، فهذا حقه طالما سمحت الدولة المضيفة له بذلك. غير أن اللاجئين الفلسطينيين لم تسمح لهم إسرائيل بالعودة لوطنهم الأم، لأنها تعتبر عودتهم نفيا لمشروعها الاستعماري الاقتلاعي والإحلالي. ومن هنا كلما تثار قضية اللاجئين ترتعد فرائص القيادات الإسرائيلية جميعها دون استثناء. مع ان إسرائيل سمحت وتسمح لليهود ايا كانت قومياتهم ومواطنهم الأصلية بالعودة الوطن الأم للفلسطيني، وتمنع هذا الحق عن ابناء الشعب المشردين منذ عام النكبة. مع انهم اصحاب الأرض والهوية والتاريخ، وهذا الحق كفله لهم القانون والمواثيق والشرائع الدولية والدينية، وهناك العديد من القرارات، التي عمقت القرار 194.
ورغم ان الشعب والقيادة الفلسطينية قبلوا بخيار السلام وحل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، واعترفوا بإسرائيل، وأكدوا استعدادهم للعيش بسلام وفي تجاور معها، إلآ انهم لم ولن يتخلوا عن حق العودة. ولن يسمحوا بتفكيك وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين إلآ مع عودة آخر حفيد للاجئ فلسطيني لأرض الوطن الأم. لأن بقاء او عدم بقاء الوكالة ليس هدفا فلسطينيا، انما هي أداة لمساعدة اللاجئين لتأمين ابسط احتياجاتهم الإنسانية من التعليم والصحة والسكن والإغاثة التموينية المتواضعة. وبالتالي عندما تنتفي اسباب وجذور القضية، ينتفي وجود الوكالة فورا.
لهذا على نتنياهو ومن يقف خلفه في إسرائيل والولايات المتحدة وفي اي مكان من العالم الكف عن إثارة هذا الموضوع إلآ إذا كان جاهزا لفتح الأبواب والموانئ الإسرائيلية لعودة اللاجئين الفلسطينيين لمدنهم وقراهم ومؤسساتهم وبياراتهم وتعويضهم عما ألم بهم منذ سبعة عقود خلت. عندئذ فقط سيذهب قادة فلسطين للامم المتحدة ليطالبوا بتفكيك الأونروا.

Breaking News