دفاعا عن بيبر

17 يونيو 2017آخر تحديث :
عمر حلمي الغول

 بقلم عمر حلمي الغول- عن الحياة الجديدة

روبرت بيبر، منسق الإغاثة والتطوير للامم المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، أثار غضب حكومة اليمين المتطرف الإسرائيلية، ودفعها لتطالب سكرتاريا المنظمة الدولية بسحبه من فلسطين المحتلة والعمل على استبداله بشخص آخر يكون على مقاس إحتلالها وجرائمها وانتهاكاتها، وإلا ستضطر لعدم تجديد إقامته ومن ثم طرده إن لم يغادر وحده. 
الدولة «الديمقطراطية الوحيدة» في الشرق الأوسط الكبير لم تعد تحتمل مجرد تصريح لمسؤول أممي، لم يضف فيه شيئا جديدا سوى انه شخص الواقع، وعكسه في تصريح مسؤول ودون مبالغة. إسرائيل الاستعمارية وريثة الفاشية والنازية الأوروبية حملت على الأسترالي بيبر لمجرد أنه لامس الحقيقة، ووضع إصبعه على الكارثة، التي تحيق بالفلسطينيين على مدار خمسة عقود خلت من الاحتلال الوحشي، عندما اصدر تصريحا في الذكرى الخمسين للاحتلال الإسرائيلي للضفة بما فيها القدس وقطاع غزة، جاء فيه:» أن الاحتلال أمر بشع، الحياة تحت حكم عسكري متواصل منذ سنوات طويلة تولد اليأس، تقتل المبادرة، وتترك أجيالا كاملة بلا أفق حل سياسي او اقتصادي». 
وأضاف:»إن الاحتلال الإسرائيلي، هو السبب الأساسي للأزمة الإنسانية، وأنه (الاحتلال) مدعوم بالقوة العسكرية.» وتابع يقول :» ان الأجهزة الأمنية والسياسية الإسرائيلية عزلت المجتمعات الفلسطينية عن بعضها البعض، ومزقت النسيج الاجتماعي، حددت مساحة العمل الاقتصادي، وانتهكت أبسط وأهم الحقوق الأساسية للفلسطينيين، وفي أحيان كثيرة خرق الاحتلال القانون الإنساني والدولي.» وفي وقت سابق كان نائب الأمين العام للامم المتحدة للإغاثة والتطوير أماط اللثام عن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي، عندما أكد «إن الانتهاكات المتواصلة  للسلطات الإسرائيلية، أعاقت العمل الإنساني ومنعت إيصال المساعدات إلى الضفة الغربية».
قامت قيامة الحكومة الإسرائيلية ولم تقعد، فأرسلت رسالة للأمم المتحدة طالبت فيها باستبدال منسق الإغاثة والتطوير روبرت بيبر. ولوحت بسيف التهديد والوعيد، بانها هي (إسرائيل) ستتخذ الإجراءات الكفيلة بطرده إن لم تفعل المنظمة الأممية. وفقا لما ذكره موقع (عرب 48) في 15/6/2017. ومازالت القضية مطروحة على بساط البحث في اروقة الأمم المتحدة. ورغم إدراك الأمين العام للامم المتحدة، ان السيد روبرت بيبر، لم يحتل موقعه بالواسطة، إنما نتاج جهد وعمل متواصل طيلة ثلاثين عاما في مجال الخدمات والإغاثة الإنسانية، لكن يخشى المرء ان يتساوق غوتيريش مع التوجهات العدوانية الإسرائيلية. وفي حال تم الاستجابة لمنطق حكومة نتنياهو، فإنه يسيء لمواثيق وقوانين وقرارات الأمم المتحدة. وايضا يعكس رضوخا لمنطق الدولة الاستعمارية المتغطرسة. مع ان تصريح نائب الأمين العام للامم المتحدة لم يخرج عن نص التصريح، الذي ادلى به غوتيريش نفسه بذات المناسبة. وهذا امر مرفوض وغير مقبول، وبالتالي على الأمين العام للامم المتحدة العمل على الآتي: اولا رفض الطلب الإسرائيلي من حيث المبدأ؛ ثانيا التأكيد على ما تضمنه بيان السيد بيبر؛ ثالثا الاستعداد لإصدار قرار أممي جديد يدين مواصلة إسرائيل لاحتلالها   الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، ومطالبتها بالانسحاب فورا من فلسطين المحتلة؛ رابعا مطالبة دول العالم في اصقاع الأرض وخاصة الولايات المتحدة الأميركية باتخاذ سياسات واضحة وحازمة  ضد الاحتلال الإسرائيلي، والزام إسرائيل بدفع استحقاقات السلام وخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967؛ خامسا تحرك جامعة الدول العربية بالتعاون مع القيادة الفلسطينية لدعم السيد روبرت بيبر، وعدم القبول بالمنطق العنصري الإسرائيلي، وتأمين الحماية له إن أمكن. أضف لذلك هناك قوانين المنظمة الأممية موجودة، يفترض ان يتم العمل على استخدامها بشكل أمثل لقطع الطريق على سياسة نتنياهو وحكومتة. لان الرضوخ لخيار إسرائيل، معناه إفلاس وسقوط مريع للمنظمة الأممية الأولى.
ومن الضروري فضح وتعرية دولة التطهير العرقي الإسرائيلية، وتسليط الضوء على عنصريتها وهمجيتها، ونفي وإسقاط الصبغة الديمقراطية عنها، لانها لا تمت للديمقراطية بصلة، لاسيما وأن حكومات نتنياهو الأربع منذ 2009، وهي تقتلع كل ملمح ديمقراطي في المجتمع الإسرائيلي نفسه، وتعمق خيار الانحدار والانحطاط العنصري الفاشي في اوساط اليهود الصهاينة، وعلى المؤسسات والهئيات الدولية، دعم السيد  بيبر في موقفه الانساني والاخلاقي النبيل، لذا ليرفع الجميع صوته ضد قرار حكومة الائتلاف اليميني المتطرف.

الاخبار العاجلة