بينيت يرفض الصفقة

20 يونيو 2017آخر تحديث :
عمر حلمي الغول

بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة

طرح حزب البيت اليهودي بزعامة نفتالي بينيت مشروع قانون جديد بشأن القدس الشرقية، عاصمة دولة فلسطين المحتلة عام 1967 ضمن قائمة المشاريع المدرجة على جدول اعمال لجنة التشريع الحكومية. ويستهدف مشروع القانون الجديد الحؤول دون تمرير اي قانون في الكنيست يهدف الى التخلي عن خيار ضم القدس او على أقل تقدير وضع العصي في دواليب اية تسوية سياسية مستقبلية، لا سيما وان الإدارة الأميركية تعمل حاليا بجد لبناء ركائز صفقتها الكبرى، كما يحب الرئيس الاميركي دونالد ترامب تسمية جهود إدارته لصناعة السلام على المسار الفلسطيني الإسرائيلي، لذا ينص مشروع القانون على ضرورة  مصادقة ثلثي أعضاء الكنيست، اي (80) عضوا على هكذا توجه.

المتتبع للسياسة والممارسة الإسرائيلية الرسمية، يلحظ أن اقطاب الائتلاف اليميني المتطرف بالتعاون مع قطعان المستوطنين والمؤسسة الأمنية/ العسكرية الإسرائيلية تتخذ سلسلة من السياسات التحريضية على القيادة الفلسطينية، واستغلال اي حدث طارئ لصب جام غضبها على الرئيس محمود عباس واركان القيادة الفلسطينية، مثال العمليتان اللتان حصلتا في القدس يوم الجمعة الماضي، وإثارة موضوع رواتب الأسرى والشهداء باعتباره أحد ركائز “الإرهاب”، وإعلان بناء ألآف الوحدات الاستعمارية في اراضي دولة فلسطين المحتلة عام 1967، والضرب على وتر قلب اولويات مبادرة السلام العربية، بحيث تبدأ بالتطبيع الإسرائيلي العربي وأخيرا موضوع السلام، هذا إن كان له مكان في الأجندة الاسرائيلية، موضوع الحل الإقتصادي، تنفيذ مشاريع بنيوية في مجال المواصلات داخل العاصمة الفلسطينية كالقطار المعلق، عقد اجتماع حكومة نتنياهو داخل احد الأنفاق تحت حائط البراق، للاشارة إلى ارتباط اليهودية الصهيونية بالحائط الغربي للمسجد الأقصى، تصريح ريغف “بعدم وجود الشعب الفلسطيني”، التحريض على إطلاق اسماء الشهداء على مؤسسات ومراكز المجتمع المدني، وسن قوانين وتشريعات في مختلف مناحي الحياة للتأصيل للاستعمار الاستيطاني، إطلاق الرصاص الحي على المواطنين الفلسطينيين العزل في القدس وعلى الحواجز دون وازع سياسي او امني او اخلاقي.. إلخ من الانتهاكات والجرائم التي ترتكبها مكونات المجتمع ودولة التطهير العرقي الإسرائيلية لخنق وإغلاق أي نافذة يمكن ان تفتح، مجرد ان تفتح بارقة أمل على عملية السلام وخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967.

هذه السياسات تحتم على إدارة الرئيس ترامب العمل على وأدها، والتدخل المباشر مع حكومة نتنياهو لوقفها فورا، عبر مطالبتها بالكف عن سياسة التحريض والتهويش المغرضة ضد الفلسطينيين عموما وشخص الرئيس ابو مازن خصوصا، وخلق المناخات الإيجابية لبناء مسوغات السلام الممكن، الذي يقوم على قاعدة حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 67، وضمان حق عودة اللاجئين الفلسطينيين على اساس القرار الأممي 194، الذي ربط بشكل واضح بين الاعتراف بإسرائيل في الأمم المتحدة وبين عودة اللاجئين إلى ديارهم، التي طردوا منها عام النكبة 1948. وارتباطا بذلك وقف البناء في المستعمرات الإسرائيلية فورا، إسقاط مشروع بينيت وحزبه من حزمة المشاريع المدرجة على طاولة لجنة التشريع الحكومية. لأن هذا المشروع يناصب مشروع الصفقة الترامبية المفترضة، التي لم تتبلور حتى الآن ملامحها ومحدداتها العداء، ويهدف إلى إقصائها ودفنها سلفا، وقبل ان تتبلور. وبالتالي إن كان ترامب معنيا بتحقيق ضربة العمر في حل معضلة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والحصول على جائزة نوبل للسلام، عليه ان يهمس في أذن بينيت من خلال مستشاريه وسفيره فليدمان في إسرائيل سحب المشروع وكل مشروع آخر يستهدف التسوية السياسية وجهود الإدارة الأميركية. وما لم تستخدم الإدارة الجمهورية ثقلها السياسي والإقتصادي والعسكري، وأبقت الباب مفتوحا أمام السياسيات الاستعمارية والعنصرية الإسرائيلية، فإن جهودها لن تتعدى عتبة الطرح السياسي في المنابر المختلفة، دون ان يكون لها أي صدى وأثر في الواقع العملي أسوة بتجربة كل الإدارات السابقة، التي فشلت فشلا ذريعا في إحداث القفزة المفترضة في بناء ركائز وقواعد السلام الممكن. الكرة في ملعب ترامب وإدارته القائمة.

الاخبار العاجلة