الغموض غير الإيجابي

29 يونيو 2017آخر تحديث :
الغموض غير الإيجابي

بقلم: عمر حلمي الغول- الحياة

في اعقاب لقاء الرئيس محمود عباس مع الوفد الأميركي، الممثل بـ “كوشنير” وغرينبلات مساء الأربعاء الماضي صدر عن الإدارة الأميركية موقفين، الأول من البيت الأبيض، والثاني من وزارة الخارجية، تضمنا مواقف متناقضة من الاستيطان الاستعماري، فبيان مقر الرئاسة الأميركية، جاء فيه “أن الاستيطان لا يشكل عقبة في طريق السلام”؟! في حين ان الناطقة باسم الخارجية، هيذر ناورت، اعلنت العكس تماما، وأكدت على مواقف الإدارات الأميركية المتعاقبة، من ان الاستيطان يشكل عقبة في طريق السلام.

أضف لذلك لوحظ ان موفدي الرئيس ترامب للمنطقة كانا في حالة تناغم وتساوق مع الموقف الإسرائيلي بشأن رواتب الأسرى والشهداء وادعاءات إسرائيل بشأن التحريض الفلسطيني … إلخ.

من حيث المبدأ يمكن للمرء ان يجزم، بأنه لم يتبلور موقف اميركي محدد حتى الآن، ولا يوجد أي خطة أو خارطة طريق واضحة المعالم لإتمام الصفقة السياسية الكبرى على المسار الفلسطيني الإسرائيلي.

وهو بقدر ما يتطلب من الجانب الفلسطيني المرونة والتعاطي الإيجابي مع اية استيضاحات وأسئلة اميركية، بقدر ما يتطلب الوضوح والتمسك بالثوابت الوطنية، في مجال محددات التسوية السياسية المستندة لمبادرة السلام العربية ومرجعيات عملية السلام الأممية، وفي مجال رواتب الشهداء والأسرى، فهذا يفترض ان يكون خطا أحمر، وإعادة الأمور إلى جذورها ومركباتها الأولى. وايضا بذات القدر مطالبة الإدارة الأميركية باتخاذ موقف واضح من مواصلة الاستيطان الاستعماري الإسرائيلي. والكف عن استخدام مقولة، أن الاستيطان لا يؤثر على عملية السلام. لأن هكذا موقف يمنح حكومة اليمين المتطرف الضوء الأخضر لمواصلة الاستيطان، وهذا ما يجري الآن وعلى الملأ، حيث اعلن مع وصول الوفد الأميركي عن وضع حجر الأساس لبناء مستعمرة جديدة بدل بؤرة عمونا، واعلن مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي عن بناء 300 وحدة استيطانية في مستعمرة بيت إيل، وأعلن عن نشر عطاءات بالآف الوحدات الاستيطانية في المستعمرات المقامة في القدس العاصمة الفلسطينية بعد صعود الإدارة الأميركية الجديدة للحكم … إلخ. وبالتالي المطلوب من الإدارة العكس، مواقف صارمة وقوية ضد الاستيطان. وفي حال واصلت ذات الخطاب، فإنها تكشف بهذه السياسة عن ازمة عميقة في رؤيتها السياسية. وتميط اللثام عن الخلط المتعمد والسلبي في منطق الصفقات، فالصفقات السياسية لا تتوافق تماما مع الصفقات العقارية، في الجانب الأخير يستطيع المقاول ان يواصل البناء لتحسين شروط عملية عقد الصفقة، لكن في السياسة مواصلة البناء الاستعماري تعني نسف عملية السلام، لأنها تخلق الشروط الملائمة لإدامة الفوضى والإرهاب الصهيوني ومواصلة عمليات القتل وتهديد مصالح المواطنين الفلسطينيين. ومحاولة القيادة الإسرائيلية قلب الحقائق رأسا على عقب، والهروب إلى الأمام من مناقشة مرتكزات السلام يعني اللجوء لسياسة المناورة والتسويف، التي انتهجتها طيلة الـ 25 عاما الماضية. من هنا، إن كانت الإدارة الأميركية جادة في وضع اسس للصفقة المرجوة فلسطينيا وعربيا وعالميا وقبل ذلك إسرائيليا، فانها تحتاج إلى توحيد خطابها السياسي تجاه عملية السلام، والتوقف عن إنتهاج سياسة الغموض والالتباس غير الإيجابي. والتأكيد المتلازم مع الضغط على الحكومة الإسرائيلية لوقف الاستيطان الاستعماري دون قيد او شرط، والزام حكومة اليمين المتطرف بدفع إستحقاقات عملية السلام وخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وعدم ترك الباب على الغارب لحكومة نتنياهو، أي وضع سقف زمني لبلورة التسوية السياسية، لا سيما وان القيادة الفلسطينية ومعها الأشقاء العرب قدموا سلفا كل استحقاقات عملية السلام. فهل تراجع ادارة ترامب سياساتها بهدف تعزيز مركزها في بناء جسور السلام على المسار الفلسطيني الإسرائيلي؟

الاخبار العاجلة