حماس تهرب من الخطأ الى الخطيئة

2 يوليو 2017
من غزة إلى نابلس
بقلم يحيى رباح عن الحياة الجديدة

في شهر مايو الماضي، حين أعلنت حماس عن وثيقتها، التي خالد مشعل رئيس المكتب السياسي آنذاك، تجدد الأمل بان حماس استطاعت أخيرا ان تبدأ الخطوة الأولى في طريق المراجعات الكبيرة، وانها يمكن ان تتأهل لتكون جزءا عضويا من النظام السياسي الفلسطيني، وتنحاز بالتالي الى أولوياته، ومن أهمها الوحدة الوطنية بالنظام الجبهوي الذي صممته ومارسته منظمة التحرير الفلسطينية منذ البدايات، خاصة ان حماس قبلت في وثيقتها مشروع الاجماع الوطني، مشروع منظمة التحرير وهو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة على الأرض الفلسطينية في حدود الرابع من حزيران والقدس الشرقية عاصمة لها.

ولكن هذا التفاؤل لم يدم طويلا، لأن جوقات الانقسام المتشبثين به تعالت صرخاتهم، واصبحت كل رسائل حماس محقونة بالسلبيات، وكأن الاذن لم يأتها من التنظيم الدولي للاخوان المسلمين الذي تتبنى أولوياته، بل ان حماس بدأت تمارس انزلاقات خطيرة تشير بوضوح الى انها تريد ان تستثمر رفض إسرائيل لمشروع الدولة الفلسطينية، وان حماس قابلة بالتعويض عن ذلك ببدائل هي أقرب الى الأوهام، مثل قبول فكرة امارة في غزة، وبدأت الانزلاقات تصل الى حد تعطيل عمل حكومة الوفاق الوطني، والاستمرار في الممارسة تحت حكومة ظل فاقدة للشرعية، بل تشكيل لجنة إدارية لحكم قطاع غزة، والانفراد به رغم ثقل وجسامة المشكلات المتراكمة، وتعمق الانزلاق نحو مزيد من الخطايا عندما قبلت ان تمد اليد علنا للمنفلتين والخارجين عن الشرعية الوطنية، والتستر على ذلك بمبررات الاحتياجات الطارئة والإنسانية أو القبول بأدوار أمنية كانت مطالبة بها منذ سنوات.

حماس لا تجد ما تقوله لتبرير هذه الاحتياجات نحو المجهول والمغامرات العبثية سوى ان هذا يعفيها من التقدم باتجاه الوحدة الوطنية الحقيقية، وإلغاء الأخطاء المتراكمة التي خلفها الانقسام منذ عشر سنوات على خطيئته، وهذا مصير كل من يفقد صلته بالمصالح العليا لشعبه، يصبح رهينة في يد الأحداث تحركه كيف شاءت، حتى لو وجد نفسه في النقيض الكامل مع ادعاءاته السابقة، وبالطبع فان الساحة العربية هذه الأيام المسكونة بوجع السكوت الطويل عن المآسي لا تنتج الا هذا الذي نراه من القفزات في الهواء، والمزيد من الوضوح لدينامية الأحداث التي ليس نحن صانعيها في الأساس، بل ان حماس لا تجد ما تبرر به افعالها سوى اعلان نصف الحقائق، واخفاء نصفها الآخر، فهل وصل الأمر بحماس الى هذا المستوى.. هروب من الخطأ الى الخطيئة، والتماهي مع الهدف الإسرائيلي لضرب مشروع الاستقلال الفلسطيني؟

Breaking News