قوانين الكنيست..التدمير الذاتي!

12 يوليو 2017آخر تحديث :
القدس

بقلم: موفق مطر – الحياة

 قد تساهم الحروب في تفكيك روابط قيم أخلاقية انسانية، وتفجر طاقة عناصر الانحلال والانفراط الكامنة أصلا، فتنهار ركائز دولة انشئت على الظلم.. ولن تقوى على القيام، لأن مركز عصبها فاقد أسباب الحماية والوقاية، أما الدولة القائمة على أسس أخلاقية وثقافية وعلمية وعدالة فإن أعتى الحروب لن تدمرها او تنهيها حتى وإن نالت من منشآتها العسكرية والمدنية التي سرعان ما ستعوض بنيتها التحية، فعناصر البقاء كما عناصر الزوال تكمن في الثقافة الشعبية، وسياسة النخبة الحاكمة.

دفع (هتلر العنصري) بالشعب الألماني الى الحروب وكادت المانيا ان تصير في خبر كان لولا ارث شعبها الانساني المعرفي والثقافي، واليوم يستدرج الائتلاف المتطرف الحاكم في دولة الاحتلال (اسرائيل) الانهيار، باستخدام منظومة احتلال عسكري واستيطان عنصري.

 افظع مصير يستدرجه المتطرفون المتحكمون بآلة السياسة في اسرائيل، أنهم يستخدمون مصطلح العدالة (القانون) لتسييد الظلم، فهؤلاء يسعون لطمس حقائق ووقائع تاريخ شعب فلسطين وحضارته وثقافته وهويته الوطنية، والاستيلاء بالقوة على أرضه التاريخية والطبيعية لإخضاعه ان لم يكن لاستعباده، في زمن انتشار دين الحرية والسلام! في ارض امة الانسان.

تغيب احزاب الائتلاف في حكومة نتنياهو وعي المجتمع الاسرائيلي الفردي والجمعي وتعمل على طرد افكار السلام لإحلال منطق الحرب والغطرسة، عبر ترسيخ مفاهيم (الصراع الديني)، واعلاء النزعة العنصرية حيث تنفخ في شخصية اليهودي حتى يعتقد انه الآدمي الأوحد في البشرية الذي يستحق الحياة، وأن البشر في الدنيا مسخرون لخدمته، وما مقولة شعب الله المختار (وأرض الميعاد) إلا مثال حي على كينونة (عنصر التدمير الكامن).

قد لا تؤثر الأسلحة النووية في دول الاقليم على وجود اسرائيل نظرا لوجود اسلحة مماثلة وربما اقوى، لكن من يضمن ألا ينفجر عنصر التدمير الذاتي (النووي الكامن).

صحيح أن اركان اسرائيل انشئت على قواعد صناعية وعسكرية ومعرفية وعلمية، وكذلك امتلاكها التكنولوجيا والسلاح ما وضعها في خانة التفوق على العرب مجتمعين لكن الأصح أن متغيرات جذرية قد حدثت في انماط تفكير وعمل ونهضة وسياسات دول وشعوب عربية جعلت من المستحيل استدامة هذا التفوق، خاصة وان الشعب الفلسطيني قد أخذ المبادرة في الكفاح واستعادة هويته الوطنية وبلور عناصر وجوده الأزلي على ارضه بعد الفوز بجولات ميدانية نضالية وكفاحية وسياسية ودبلوماسية على مشاريع انكار وجوده التي ساهمت امبراطوريات استعمارية ودول عظمى فيه!.

لن يقبل الفكر الانساني المعاصر في القرن الواحد والعشرين وجود دولة احتلال، ولن تمر على معتنقي عقيدة الحرية والعدالة الانسانية، لعبة (الديمقراطية والقوانين العنصرية)

أما مبررات اسرائيل وذرائعها الأمنية، وقوانينها الظالمة الخالقة لبيئة صراعات دموية وتحديدا دينية، واغتيال مبادرات السلام الفلسطينية والعربية، فإنها لن تنفع في اختراق وعي العلم المتمدن المتحضر، ذلك انها تضع اسرائيل كدولة احتلال في الجبهة المعادية لحقوق الانسان ولحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وحقه في الحرية والاستقلال والسيادة على حدود دولته وموارد ارضه الطبيعية.

قوانين الكنيست الاسرائيلي الموظفة في خدمة عملية السيطرة على الشعب الفلسطيني ومحاولة اخضاعه ستضاعف من وتيرة تفاعل (عنصر التدمير الذاتي) الى حد قد لا يمكن تدارك تسارعه ووصوله الى لحظة الانفجار الشامل الا عبر (ثورة ثقافية)، اجتماعية، سياسية (ثورة من اجل السلام) تقلب هرم منظومة القوانين والتشريعات السياسية والدينية الاسرائيلية رأسا على عقب، وتحررها من المفاهيم والتعاميم العنصرية الفوقية التمييزية، الاستعلائية، الشبيهة بتركيبة كيميائية قاتلة مدمرة للذات قبل اضررها بالآخر، حينها سيكتشف الاسرائيليون الراغبون فعلا في العيش بكنف الاستقرار والسلام، مدى مصداقية شعب فلسطيني في التعايش بسلام.

السلام ثقافة، والمصالح بين الدول والشعوب تقضي بجعلها السبيل الأنجع ولأضمن للحياة، والانسان قادر على ابداع حلول، ما دام مؤمنا بالسلام، ذلك أن الرؤية اللانهائية لآفاق السلام وتأمين متطلباته هي السبب الفريد لضمان الوجود.

الاخبار العاجلة