التكفيريون وحماس

21 أغسطس 2017آخر تحديث :
عمر حلمي الغول

عمر حلمي الغول 

شهد الأسبوع الماضي تفجير إنتحاري تكفيري بمجموعة من ميليشيات حركة حماس، المرابطة على الحدود الفاصلة بين جنوب فلسطين ومصر الشقيقة، نجم عنه سقوط ضحيتين: المفجر نفسه وآخر من حركة حماس، وإصابة خمسة أشخاص. على إثر ذلك فرضت أجهزة أمن الحركة الإنقلابية طوقا أمنيا على محافظتي رفح وخانيونس، وأجرت عمليات تفتيش واسعة، تضمنت إعتقال عددا من انصار الجماعات التكفيرية الرافضة لسياسات حماس.

بعض المراقبين، وحتى الأهالي في المحافظتين، قالوا، إن ما نشهده غير مألوف، وهو أمر “جديد”. غير ان الجديد يكمن في حالة النسيان، التي اصابت اصحاب هذا الرأي. ومن يعود بالذاكرة للخلف، ويستحضر تدمير مسجد بن تيمية في رفح، ومقتل 28 شخصا من جماعة الشيخ عبد اللطيف موسى، وهو على رأسهم في الخامس عشر من آب/أغسطس 2009، ولغيرها من جرائم القتل والإنتهاكات ضد ابناء الشعب الفلسطيني ونخبه السياسية وفصائله وخاصة حركة فتح في محافظات الجنوب، يستطيع التأكد من ان حماس، لا تتوانى عن إرتكاب أي جريمة ضد من يختلف معها، بغض النظر عن إنتمائه.

صحيح ان الفرق في الشكل بين سلسلة الإنتهاكات، التي نفذتها ميليشيات حركة حماس ضد الشعب وقواه المختلفة، وبين ما قام به التكفيري. حيث جاء الهجوم منه لا من قبل عناصرحركة حماس. لكن هذا لا يغير من جوهر المسألة. لإن حركة الإنقلاب الحمساوية، هي أولا من اوجد التربة الخصبة لنشوء وتفشي وإنتشار القوى التكفيرية في قطاع غزة، ومنحها الحماية والحضوة طيلة العقد الماضي؛ ثانيا جزء اساسي من عناصر تلك المجموعات من منتسبي كتائب القسام، الذين إنفضوا عن خيار حماس السياسي، بعدما إكتشفوا فساد وبؤس وصراعات قيادة الإنقلاب فيما بينهم على المغانم والملذات، فضلا عن قناعاتهم بعدم وجود اي مشروع ل”لمقاومة”؛ ثالثا علاقات حماس السابقة والحالية بتفاوت مع قيادة أفرع جماعة الإخوان المسلمين ومتفرعاتها من الفرق الجهادية التكفيرية في العديد من الدول العربية وخاصة في محافظة شمال سيناء، هو الذي عمق الصلة بين عناصر القسام وغيرهم مع تلك الجماعات؛ رابعا علاج وحماية حركة حماس لعناصر القوى التكفيرية من مصر في مستشفيات القطاع، ساهم بخلق الصلة بينهم وبين عناصر القسام والجماعات التكفيرية الأخرى، واتاح لهم جسور التواصل؛ خامسا رفض حركة حماس لخيار المصالحة، وتخندقها في خنادق الإمارة ساهم، وسيساهم في إتساع دور التكفيريين في القطاع. وبالتالي شكل عملية القتل والتفجير لم يغير من جوهر الدور التخريبي لحركة حماس.

ولعل الدعوة الأخيرة من قبل كتائب القسام بإحداث “فراغ سياسي وأمني”، تؤكد ما يذهب إليه المرء. لإن ذلك يفتح الباب على مصراعيه لزيادة إنتشار مظاهر الفوضى والفلتان الأمني في محافظات القطاع. ومظاهر حظر التجول، وزيادة التفتيش والإعتقال لبعض عناصر التكفيريين ليست سوى إستعراض للقوة، ولإرسال رسالة للأشقاء في مصر، بأن حماس “ملتزمة” في حماية الأمن الوطني المصري. مع ان قادة جهاز المخابرات في مصر يعلموا ان قيادة الإنقلاب تناور لتحقيق مآربها في بناء الإمارة، لاسيما وان لدى الأجهزة الأمنية في المحروسة من الوثائق والمعطيات والإعترافات ما يدعوها لرفض تصديق حركة حماس، ولكنها تجاريها، إعتقادا منها، انها تستطيع عبر سياسة الخطوة خطوة من إنتزاع اكبر قدر من المعلومات الأمنية، وتقليم أظافر رؤوس الفتنة في سيناء، ودرء بعض الهجمات على القوات المسلحة المصرية. وفي ذات الوقت، ارادت حماس إرسال رسالة للقوى الوطنية عموما ولإبناء حركة فتح خصوصا، إياكم واللعب بالنار. لإن جوهر الفراغ يتمثل في تصفية أكبر عدد من حركة فتح وانصارها بذريعة الفلتان الأمني وفوضى السلاح.

النتيجة مما حدث على الحدود الفلسطينية المصرية وفي محافظتي رفح وخانيونس، المسؤول الأول عنه، هي حركة حماس وكتائب القسام. وهو مقدمة لتغول ميليشيات حماس ضد المواطنين الفلسطينيين في قطاع غزة، وقطع الطريق على اي معارضة في محافظات الجنوب، ووأد المصالحة الوطنية، والرهان على الحل الإقليمي، والتمسك بخيار الإمارة في غزة.

الاخبار العاجلة