حماس بين الاستعداد واستئصال الاستعداء

14 سبتمبر 2017آخر تحديث :
القدس

بقلم: موفق مطر-الحياة الجديدة

لو ان قادة حماس أعلنوا من القاهرة حل اللجنة الادارية، وتمكين حكومة الوفاق من مهامها في قطاع غزة باعتبارها الحكومة الشرعية للسلطة الوطنية، وقبولهم بالانتخابات، لكانوا قد ضربوا عصفورين بحجر، الأول: كسب موقع متقدم في اجندة المخابرات المصرية، ما يعني تمكين دور مصر الاقليمي على حساب ازاحة دور قطر، واكتساب ثقة القيادة المصرية بأن حماس جادة في قضية الانفكاك التدريجي عن جماعة الاخوان المسلمين، اما الآخر فهو: القاء الكرة في ملعب منظمة التحرير عموما وحركة فتح خصوصا، والاستقواء بهذا القرار على الكل الوطني، ذلك انها لو فعلت فستزيل كل الشكوك عن موقفها الحقيقي من قضية سيطرتها على قطاع غزة، وإنهاء الانقلاب الذي بدأ منذ عشر سنوات ونيف، حينها ستتجه انظار الشعب الفلسطيني مترقبة موقف قيادة المنظمة وحركة فتح.. ولكن بما أن قيادة حماس وحسب ما جاء في بيانها قد اعلنت عن استعدادها لحل اللجنة وتمكين حكومة الوفاق والقبول بالانتخابات، فإنها تكون بذلك كمن اعاد تطعيم شجرة الشكوك بخيبة مؤجلة!! والسؤال هنا لماذا؟!

قادة حماس ومنذ عشر سنوات تقريبا يعلنون استعدادهم، لكن بعد كل اعلان عن الاستعداد لتنفيذ اتفاق المصالحة يبرز استعداء اشد واقسى لحركة فتح وللكل الوطني، حتى انسدت دروب المصالحة بحواجز الشكوك.

بيد حماس ازالة هذه الحواجز بالاعلان فورا عن بدء تنفيذ المطالب الثلاثة العادلة التي اوردها بيان مركزية فتح وحسب، وهي حسب التسلسل حل اللجنة الادارية اي ما يمكن اعتبارها حكومة حماس في غزة، وتمكين الحكومة الشرعية من مهامها حسب القانون وبسط النظام، وقبولها الذهاب الى الانتخابات، على أن يظهر ذلك جليا على الأرض، وغير ذلك فإننا لا نرى في اعلان قيادة حماس عن الاستعداد لتنفيذ المطالب العادلة التي وردت في بيان مركزية فتح مساء الثلاثاء الا مناورة، رغم ان بيان حماس قد جاءت فيه المراحل الثلاث كما وردت في بيان مركزية فتح دون اشتراطات منها وهذا امر نراه مجرد موقف متغير من حيث الشكل لإنجاح مناورة، لاعتقادنا ان هناك من وسوس لقادة حماس بالاعلان من القاهرة تحديدا عن الاستعداد لقبول المطالب لاحراج القيادة الفلسطينية وقيادة حركة فتح، تحديدا كما ظن (الموسوس) الذي غاب عن ذهنه أن استعادة غزة الى الشرعية الفلسطينية، واستنهاض المشروع الوطني الفلسطيني وتحديدا في هذه المرحلة مصلحة وطنية عظمى، يناضل من اجل تجسيدها كل فلسطيني. وان قيادة حركة فتح الملدوغة مرات ومرات من جحر حماس وبحكم ثقتها بالاشقاء في قيادة مصر العربية باعتبارهم الراعي لملف المصالحة، لن توفر فرصة لاستكشاف الادلة عند الأشقاء في مصر لاستبيان توجهات قادة حماس.

لا ينظر أهل السياسة للأمور والقضايا بعين العواطف او النوايا، وانما تحسب بالأرقام والحقائق والوقائع المادية، وغير ذلك مجرد انفعالات وانسياقات وراء سراب.

 نحن نعلم جهود الأشقاء في القاهرة لتحييد حماس عن الوضع الأمني في سيناء، وكذلك سلخها عن جماعة الاخوان المسلمين، اذا ترى القاهرة- اذا تحقق لها هذا- انجازا وانتصارا سياسيا اضافيا على الجماعة التي تبرر ارهابها بالتجارة بالقضية الفلسطينية، ونعلم بالمقابل حاجة حماس الى حرية حركة لقادتها وتحديدا رئيس مكتبها السياسي اسماعيل هنية الى خارج قطاع غزة، وهذا لن يتم الا بمواقف واجراءات حمساوية ترضي مصر وتحديدا في الموضوع الأمني– لنلاحظ ان قادة حماس اجتمعوا مع مسؤولين في المخابرات المصرية ولم يجتمعوا بمسؤولين بمستوى رسمي، كما يجب الملاحظة أن القيادة في مصر معنية في قضية وجود قوات تابعة للسلطة الوطنية على الحدود المصرية الفلسطينية، وان اعلان حماس يأتي في سياق تلبية هذا المطلب الفلسطيني المصري على حد سواء.

سيكون لموقف حماس في موضوع تعاملها وتعاونها مع طهران والدوحة الكلمة الفصل التي ستجعل القاهرة في موقع المصدق لتوجهات حماس الجديدة، حتى لا تصل القاهرة الى استنتاج انها قد خدعت، نظرا للانعكاس السلبي الذي سيقع حتما على اهلنا في قطاع غزة،  أما بالنسبة للكل الفلسطيني فإن الكلمة الفصل التي ستجعلنا نصدق قيادة حماس هي الاقرار بجريمة الانقلاب، والبدء باستئصال افكار الاستبداد والهيمنة والاستكبار والاستقواء بقوة السلاح والتطهر من رجس الاستعداء التي كرستها مفاهيم وتعاميم جماعة الاخوان التي ولدت لنا كل هذا لارهاب في الأقطار العربية، والبدء في الدخول في عملية جراحية، لزرع عقلية الاندماج بالافكار والقيم والمبادئ والأهداف الوطنية الخالصة من المصالح الفئوية، والايمان بالمشروع الوطني كما رسمته وجسدته منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وهذا ليس بمستحيل، وانما العكس فهو اقصر الطرق لإنجاز استحقاق الحرية والاستقلال ودولة ذات سيادة. 

 

الاخبار العاجلة