بقلم: د. حنان عشراوي – القدس
سيخاطب الرئيس محمود عباس العالم من أروقة الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهي المؤسسة التي قامت على مبادىء السلم والأمن والحقوق المتساوية وتقرير المصير للشعوب. وستكون الرسالة واضحة: لا يمكن مواصلة التنكر لحقوق الشعب الفلسطيني ويجب إنهاء أسر واضطهاد شعب بأكمله من قبل احتلال وحشي.
وبينما تلتقي الدول لتداول القضايا الملحة في زماننا، فهي فرصة للجسم الدولي للمساعدة في علاج الظلم التاريخي الذي ساهم في إقامته قبل 70 عاما، واتخاذ خطوات تساعد في تعزيز السلام.
ومع اعتلال حل الدولتين، يساهم الاعتراف بدولة فلسطين ورسم الحدود بين الدولتين وفقا للقانون الدولي، في الحفاظ على القاعدة المقبولة دوليا لاتفاق السلام الإسرائيلي – الفلسطيني.
والأهم من ذلك، لا يمكن إقامة السلام بدون مساءلة، ولا يمكن للمجتمع الدولي مواصلة السماح لإسرائيل بالتصرف بحصانة، وتوقع الإلتزام بمبادىء السلام من حكومة بنت سجلها على عدم الخضوع للأعراف الدولية وازدرائها.
وعلى هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، سيعقد اجتماع متابعة بين الرئيسين عباس وترامب لبحث آفاق السلام في اطار سعي الولايات المتحدة لإعداد “خطة” مع نهاية هذا العام.
وماطلت الولايات المتحدة في تطوير رؤيتها للسلام، وفشلت في الإستثمار في البيئة التي ستكون بناءة لتحقيق السلام.
فخلال الجولة الأخيرة من الإجتماعات، أخفقت الولايات المتحدة في مساءلة اسرائيل حول بناء المستوطنات في انتهاك للقانون الدولي، ومواصلة جرف الأراضي الفلسطينية وتقويض قابلية الدولة الفلسطينية للحياة. وحتى أن سفيرها في إسرائيل استخدم عبارة “الإحتلال المزعوم” للأراضي الفلسطينية، ما شكل خروجا كاملا عن الحقيقة، ناهيك عن السياسة الأميركية. وهو موقف يتماشى أكثر مع مواقف الجناح اليميني والعناصر العنصرية في الحكومة الإسرائيلية.
واذا كانت الولايات المتحدة جادة بشأن السلام، فأي مقترح تعرضه يجب أن يستند الى القانون الدولي وأن يعترف بالحق الفلسطيني بالإستقلال والسيادة على حدود 1967 . ويجب أن يتناول الإعتداء اليومي على طابع مدينة القدس والديموغرافيا وسلامة الأرض وحل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين.
إن أي محاولة للتوصل الى حل لا يمكن مرحلتها أو تجزئتها، فهكذا توجه ثبت فشله في السابق ولسبب وجيه. وسوء الفهم الآخر هو الإعتقاد بنجاح “إشراك الخارج” الإقليمي. فلا يمكن أن يكون تطبيع العلاقات الإقليمية على حساب حق الشعب الفلسطيني بالحرية. وتعرض المبادرة العربية حلا عادلا، يمثل الطريق الوحيد للإعتراف الإقليمي وإقامة العلاقات، التي ستعقب الإنسحاب الإسرائيلي من الأراضي العربية التي احتلت عام 1967 .
وأخيرا، يجب إحقاق الحقوق السياسية الإنسانية القانونية. وفي هذا الإطار، فإن أي مبادرة إقتصادية يجب أن تعزز التقدم السياسي وأن لا تكون بديلا له.
وعند الإجتماع في قاعات الجمعية العامة للأمم المتحدة لبحث سبل الحل، يتعين على الولايات المتحدة إعادة النظر في ممارستها الراسخة بتقديم المكافآت والإغراءات والحوافز لإسرائيل، بينما تقوم بالضغط والإكراه والإبتزاز بحق فلسطين.
وعند سعينا نحن الفلسطينيين للانضمام الى المؤسسات أو المعاهدات الدولية، نجابه بالتهديدات التي تتراوح بين إغلاق البعثة العامة لمكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن العاصمة، وبين وقف المساعدات لفلسطين أو عدم اصدار القرار الرئاسي الذي يزيل صفة الإرهاب عن منظمة التحرير . وللمضي قدما بالضغوط، يطالب التشريع الأميركي بالتوقف عن تمويل أي منظمة دولية تنضم إليها فلسطين.
وأصبحت تلك التهديدات دائمة وغير بناءة ومتناقضة مع السلام.
وبينما يلتئم القادة تحت راية الأمم المتحدة، فمن المهم عكس الروحية والأعراف والقيم التي قامت عليها تلك المؤسسة الدولية. فكل عام نلتقي في أيلول، أملا في الإقتراب أكثر من إنهاء الإحتلال، وتأمين الحقوق الفلسطينية وإقامة السلام العادل. وكل عام، يؤدي الفشل في تحقيق هذا الهدف الى مضاعفة لوم ومسؤولية المجتمع الدولي، ويشكل آفة للضمير الجمعي العالمي. فليكن هذا العام مختلفا.