من راتبه المتواضع.. سلامة يحول عيادة “الكرنتينا” لحديقة مزهرة

30 سبتمبر 2017آخر تحديث :
من راتبه المتواضع.. سلامة يحول عيادة “الكرنتينا” لحديقة مزهرة

رام اللهصدى الإعلام– 30/9/2017 الخمسيني سلامة أبو اسنينه، نقل للعمل في عيادة “الكرنتينا” كمأمور سنترال بالمنطقة الجنوبية من مدينة الخليل قبل ثمانية أعوام، كانت تلك العيادة لا تلقى أيّ اهتمام خارج أبواب العيادات المختلفة، وما إن وصل سلامة، حتى بدأ يغيّر ملامحها من مساحة خالية إلا من الأوساخ إلى مساحة نظيفة تعجّ بالحياة والراحة.

“الكرنتينا”؛ اسم تركي لمبنى أنشأ منذ ذلك العهد بمعنى (الحجر الصحي)، بهدف إيواء ذوي الأمراض المعدية المستعصية، بعيداً عن مركز المدينة التي كانت بمحيط الحرم الإبراهيمي فقط، ومع تعاقب الزمن وصولاً للعصر الذي نعيش تحوّلت لعيادة طبية حكومية، فيها تخصصات مختلفة، بغرض خدمة أهالي المنطقة الجنوبية كافة.

ما إن تدخل البوابة الرئيسة “للكرنتينا” حتى تواجهك أصناف مختلفة من الأشجار والأزهار والورود، ثم جلسات بوضعيات مختلفة، بعضها تحت سقف قرميد، وأخرى بين ألوان مختلفة من الأشجار، ناهيك عن بعض الكنبيات المنتشرة في جنباتها لمن أراد أن يخلو بروحه حتى يتأمل إبداع الله في مزروعاته ويخلد لروحه لتطمأن نفسه قبل الدخول للطبيب.

هذه الصورة، بدأت تظهر ملامحها تدريجياً خلال السنوات الأخيرة، فكانت سابقاً عبارة عن حجارة دون شيء آخر، أما الآن فأصبحت بستان من الجنة، ولك أن تسميها بحديقة أو منتزه أو أي مرادف آخر، لكن الغريب أن من ورائها إنسان واحد، لا يملك أكثر من راتبه الأكثر من المتواضع، هو مأمور السنترال في العيادة، سلامة أبو اسنينه، الذي شعر بالانتماء لهذا المكان، وأراد أن يقدّم شيئاً لمدينته التي يحب.

سلامة عمران أبو اسنينه “50 عاما”، أب لبنت و أربعة أولاد، يقول “أول ما استلمت الكرنتينا، كانت بحالة سيئة، فبدأت بعملية التنظيف والتنظيم برفقة أحد الزملاء، واستغرق ذلك وقتا طويلاً كونها كانت بحالة ليست جيدة، ومنذ وجودي اختلفت بشكل كبير بشهادة المراجعين”.

رغم أن التعب كان كبيراً إلا أن سلامة واصل جدّه واجتهاده لقناعة في رأسه “حاولت أن أخلق بديلا لأهل المنطقة المسماة H2، فهي منطقة محرومة من أي متنفس، فلا منتزه ولا حديقة، فحاولت ضمن إمكانياتي الشبه معدومة وضع أزهار، ورود، أشجار، لأني أؤمن أن العلاج النفسي أهم من الطبي، فوفرت طاولات وكراسي وكنب وغيرها، بالإضافة إلى الشماسي وغيرها، وكل ذلك بشكل تدريجي”.

بينما كنا نجلس مع سلامة نتحدث عن الموضوع، بالكاد كنا نكمل جملة واحدة، كون الداخل والخارج من العيادة، يطرح السلام عليه ويطمأن عن صحته، والأطباء والممرضين كذلك كونه شعلة الحياة هناك. “الناس يأتون بكثرة، وهناك جيران يأتون للجلوس والترفيه فقط لأنه لا بديل أمامهم”.

أمام الكرنتينا، هناك ما يسمى (سوق العتق)، يلجأ اليه سلامة بشكل دائم، يشتري ما يحتاجه من ماله الخاص حتى يجهّز به ساحة العيادة”أشتري الطاولات والكراسي من سوق العتق، وأدهنها وأحسنها حتى تصبح صالحة للاستخدام، فهذا المكان بيتي، والراحة النفسية للمريض أهم من العلاج، وأشعر من واجبي الإنساني تقديمها حتى يرتاح المريض نفسيا، فيكفي الضغوطات التي نعيشها”.

محمود بشير دويك، طبيب عام وجراحة، قال أن المريض يتناول وجبة الفطور أو القهوة والشاي قبل دخوله للعيادات أو حتى أثناء اجراء الفحوصات خلال جلوسهم في الحديقة المريحة للنفس، مبينا “سلامة له باع طويل في تنظيم وترتيب الحديقة. فمنذ زمن يعمل بها، وهو من المثابرين والنشطاء في هذا المجال، ويعطي للحديقة أكثر من الوقت اللازم، فهو يحضر من السادسة صباحاً حتى يخرجها على أكمل وجه”.

عدد المراجعين يومياً في الكرنتينا يتراوح ما بين 350 إلى 400 مريض، والمواطن ناصر أبو اصبيح أحد المراجعين يقول “سلامة رائع جدا، فمن يدخل الكرنتينا، ويشاهد الشجر، والخضار، والجلسات الهادئة، يشعر براحة نفسية، فأنا أراه دائما، يقلم الشجر، ويضع لها مواد زراعية، ويزينها، وهذا إنسان رائع يستحق كل الاحترام والتقدير”.

أما رشا سرابطة، مسؤولة التمريض والعيادات في الكرنتينا، فقد عايشت فترة سلامة وقبلها، فقارنت لنا الصورة، “قبل مجيء أبو هاني، لم يكن هناك اهتمام بالحديقة، كانت معدومة، لكن لما جاء، أصبح هناك اهتمام بها، من زراعة ورود

وأشجار وجلسات جميلة، ونحن كممرضات وأطباء، سابقا لم نكن نجلس فيها لأنها لم تكن بهذه الجمالية، الآن خلال استراحتنا نجلس بها لاحتساء القهوة، فهي متنفسا حقيقيا لنا”.

الجدير بالإشارة أن الكرنتينا، تقدم الخدمات الطبية المختصة، منها  “عيادة السكري، الطب العام، الأطفال، الرضع والخدج، تطعيم الأطفال، الفحص المبكر للسرطان، الفحص المبكر للحمل الخطر، عيادة النسائية والحوامل، المختبر المركزي، الصيدلية المركزية، بالإضافة لتطعيم الأطفال بجميع الأعمار”.

المصدر: رايــة/ طه أبو حسين

الاخبار العاجلة