اغضب يا نتنياهو.. فاعترافك ورضاك لا يعنينا

19 أكتوبر 2017آخر تحديث :
القدس

بقلم: موفق مطر- الحياة الجديدة

لا يعنينا إن اعترفت حكومة نتنياهو باتفاق القاهرة 2011، أو بتابعه في الـ 2017 أو لم تعترف، فالاتفاق شأن داخلي فلسطيني، سيثير حفيظة دولة الاحتلال حتما، بما أن أهدافنا تأسيس لمرحلة مميزة من الوحدة الوطنية، أما الغمز واللمز والحديث لكنة محلية في العالم الافتراضي (الفيسبوك) عن صمت اسرائيلي بوزن موافقة، فإنه تعبير عن قصر نظر، ان لم يكن بخارا لماء صفراء تغلي بالكراهية لكل فعل او عمل قد يصب في صالح الوطنية الفلسطينية، وقد يحق لنا القول، انه موقف عدائي من نجاح السياسة الداخلية للرئيس ابو مازن الموازي لنجاحات سياسته الخارجية، والانجازات في ميدان القانون الدولي، والانتصارات في جولات مصيرية كان لها الفضل في تثبيت الوضع القانوني لفلسطين، وتغيير قواعد الصراع على الأرض، ما سهل عملية استدراج حماس للولوج الى البيت الفلسطيني، والاعداد لمرحلة جديدة عنوانها نظام سياسي واحد، وسلطة وطنية فلسطينية بقانون اساسي واحد، وسلاح شرعي ونظامي واحد، وأرض دولة فلسطينية بوحدة واحدة وموحدة في الضفة بما فيها القدس العاصمة الأبدية، وقطاع غزة.

يعيش نتنياهو حالة تناقض، فهو اعلن عدم اعترافه بالاتفاق الموقع في القاهرة قبل ايام، واستعداده في الوقت نفسه للنظر بإيجابياته اذا استعادت السلطة الوطنية وحكومتها السيطرة كاملة على قطاع غزة، رغم ان القيادة الفلسطينية لم تطرحه كمقترح مشروع على طاولة العلاقة مع دولة الاحتلال اسرائيل او مع اي دولة في العالم، رغم حاجتنا الماسة الى تفهم وتأييد ودعم الأصدقاء والأشقاء لتثبيت حالة فلسطينية متماسكة، وتعزيزها، ودعم مسألة التمثيل الشرعي لمنظمة التحرير بقوى جديدة تنضم اليها، تمنح الشعب الفلسطيني قوة دفع اضافية، وتوسيع مظلة الشرعية، بما يكفي لمنع أية اختراقات، او اتخاذ ذرائع لوسم النضال والكفاح الفلسطيني المشروع بدمغة الارهاب، فالاتفاق اتى وفق رؤية للوحدة الوطنية كعقيدة سياسية، ومنهج عملي جسدته حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح منذ اطلاق شرارة الثورة الفلسطينية المعاصرة.

لن نرى الاتفاق الا بمنظور الوحدة الوطنية الفلسطينية كحقيقة تاريخية، حتى وان شاب بعض مواضعها ترهل بسبب اختراق فيروسات غريبة، وعملت على تفكيك خلايا محددة في الجسد الفلسطيني، أما اذا اعتقد نتنياهو أننا سنضع مصيرنا الوطني تحت مجهر الاحتلال، الاستيطاني الاستعماري الذي نناضل للتحرر منه، فهذا أشبه بحلم ابليس في الجنة، وليس امامه الا التعامل مع الوقائع الفلسطينية المستجدة، التي ستجبره على تغيير سياسته، إن استطعنا كبح جماح المتكسبين من الانقلاب وتداعياته وآثاره، والانقسام الذي عملت دولة الاحتلال على امداده بأسباب الديمومة، باعتباره الوضع الأمثل الذي يعفيها من الاستجابة لقرارات الشرعية الدولية، بالاعتراف بدولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس الشرقية، حيث تذرعت على الدوام بوجود سلطتين وحكومتين ونظامين سياسيين في الضفة وغزة.

نتنياهو أو من سيأتي بعده يحتاج الى وضع امني في غزة غير مستقر، والى مفرخة ذرائع لإبقاء رحى الحرب والعدوان على شعبنا في غزة والضفة والقدس دائرة، ذلك ان عقلية الحرب الوقائية، والتدمير المرعب، والقتل بدافع الارهاب ما زالت مستحكمة وتسير وفق منهج وعقيدة قادة دولة الاحتلال (اسرائيل) السياسيين والعسكريين، لكنه – نتنياهو- سيضطر للتعامل مع وضع جديد في قطاع غزة، حيث تقتضي المصلحة الوطنية العليا لشعبنا، غلق ابواب مفرخة الذرائع ونوافذها، وتضييق الخناق عليها بما لا يسمح لتكرار التجارب السابقة، خاصة وان الاتفاق الأخير قد نص على أن قرار الحرب والسلم حق خالص للكل الوطني.

لا يهمنا ان اعترف نتنياهو او لم يعترف، أو اعلن عن رضاه، فالأهم عندنا أن يرضى شعبنا على قيادته، وهو يراها تدفع نتنياهو وغيره من قادة الاحتلال المتطرفين للتشظي غضبا، من قفزنا على كل توقعاته، ومؤامرات مخابراته، وهو يشهد على قدرتنا في ايقاف نزيف جراح قضيتنا، واخلاصنا كوطنيين في عملنا على التئامها، للمضي قدما نحو هدف الحرية والاستقلال.

الاخبار العاجلة