فرسان القومية الجدد

23 أكتوبر 2017آخر تحديث :
عمر حلمي الغول

بقلم عمر حلمي الغول-الحياة الجديدة

مرزوق علي الغانم، رئيس مجلس الأمة الكويتي في 45 ثانية لخص الوجه القبيح لدولة الاستعمار الإسرائيلية، عندما طالب الوفد الإسرائيلي في مؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي في مدينة سانت بطرسبورغ الروسية بالخروج من القاعة، لأنه -الوفد- يمثل دولة مارقة وخارجة على القانون، واصفا اياها بدولة الإرهاب وقتلة الأطفال الفلسطينيين. فصفق له الحضور من أعضاء البرلمانات المشاركين في المؤتمر، تثمينا لموقفه الشجاع والنبيل. وكان سبق الغانم في الحديث على المنصة البرلمانية العالمية وفاء بني مصطفى، عضو الوفد الأردني، وعمار بكداش، عضو الوفد السوري، وتلاه رئيسة الوفد التونسي، سلاف القسنطيني، وممثل الباكستان، الذين جميعهم ابدعوا في عزل الوفد الإسرائيلي وطرده من القاعة. وإن تركز الحديث على الغانم، رئيس مجلس الأمة الكويتي، اولا لأنه يمثلهم جميعا، وثانيا لأنه ليس اول مرة يطلق صرخته في وجه ممثلي برلمان دولة الاستعمار والتفرقة العنصرية، وثالثا لأن كلمته الرائعة وصلت بسرعة البرق للرأي العام الفلسطيني والعربي والعالمي.

الغانم الكويتي العربي الأصيل تميز في كل مشاركاته منذ تولى رئاسة مجلس الأمة الكويتي عام 2013 باتخاذ مواقف جريئة ومقدامة في الدفاع عن الحرية والسلام العالمي، لم يهادن، ولم يجامل على حساب القضايا التي تهم مصالح شعوب العالم خاصة قضية الشعب الفلسطيني الواقع تحت نير الاحتلال الإسرائيلي منذ خمسين عاما. فحمل راية الدفاع عن العدالة الإنسانية وفق قرارات ومواثيق الشرعية الدولية. وفي كل محفل ناصب العداء للقوى المهددة للسلام والأمن العالميين، ودافع عن حق تقرير المصير للشعوب، وحقها في الحياة الحرة الكريمة، ولم ينحازوا الغانم ولا بني مصطفى ولا بكداش ولا القسنطيني او ممثل باكستان لأشقائهم الفلسطينيين، لأنهم من بني جلدتهم فقط، إنما من موقع الإيمان الراسخ لديهم، أن آخر احتلال في العالم الذي يستبيح حياة الشعب الفلسطيني دون رادع قانوني او أخلاقي او سياسي، ويمارس أبشع أشكال البطش والتنكيل وارتكاب جرائم الحرب على مرأى ومسمع العالم كله، عليه ان يرحل ويزول مرة وإلى الأبد عن المشهد العالمي حرصا على الأمن والسلم الإقليمي والعالمي، وان يسمح للشعب الفلسطيني في بناء دولته المستقلة وذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران 1967، وضمان حق عودة اللاجئين الفلسطينيين لديارهم التي طردوا وشردوا منها أثر نكبة العام 1948. لاسيما وان الفلسطينيين والعرب جميعا مدوا أيديهم للسلام، وقدموا مبادرة السلام العربية عام 2002 لبناء ركائز السلام العادل والممكن، والتزموا بقرارات الشرعية الدولية ومرجعيات السلام، ويسعون جاهدين لخلق مناخ التعايش والتعاون بين شعوب المنطقة كلها بما فيها إسرائيل.

موقف الأستاذ مرزوق الغانم وأقرانه العرب والباكستاني يعكس أصالة كويتية وأردنية وسورية وتونسية عربية، لم تتأثر مواقف رئيس مجلس الأمة بالعواصف الشديدة التي طالت الكويت والعديد من الدول العربية، وحافظ بقوة وثبات على أواصر الأخوة القومية، ولم يتخلَ للحظة عن قضية العرب المركزية، قضية الشعب الفلسطيني. وواصل الدفاع عنها أسوة بزملائه واشقائه من البرلمانيين العرب من موقع الإيمان بعدالتها ببعديها القومي والإنساني. وبمواقفهم الثابتة التي تجددت في السابع عشر من تشرين الأول الحالي في سانت بطرسبورغ يؤكد عمق انتمائهم لعروبتهم وقوميتهم وإنسانيتهم العالية.

ولعل مواقف البرلمانيين العرب الرائعة والمتميزة تحمل بارقة أمل لكل القوميين العرب، حيث تؤكد ان هذه الأمة، رغم النكسات والمصائب التي تحيق بشعوبها وبلدانها ما زال ابناؤها الميامين والأمناء على مصير شعوبهم وأمتهم قادرين على حمل الأمانة القومية، والدفاع عن كرامة شعوبها ومستقبل ابنائها. كما ان مواقفهم المتقدمة تبشر بالخير بولادة مرحلة جديدة من إعادة الاعتبار للمسألة القومية، وتسهم في وضع اللبنات لاستعادة روح العلاقات القومية الأصيلة من خلال التصدي المشترك لأعداء الأمة وأدواتهم التكفيرية والجماعات الانفصالية.

مرزوق الغانم وأقرانه البرلمانيون العرب أبطال قوميون يعون دورهم بجدارة واقتدار. لا يخشون البوح بمواقفهم الشجاعة على الملأ وأمام العالم، لأنهم لصيقو الصلة بالمواثيق والأعراف والقوانين الدولية، وعميقو الانتماء لأمتهم العربية. فشكرا وألف شكر للغانم ولبني مصطفى وبكداش والقسنطيني ولبلدانهم وقياداتهم وبرلماناتهم وشعوبهم في الكويت والأردن وسوريا وتونس وشكر خاص لباكستان. شكرا لفروسيتهم القومية والإنسانية. وهم يستحقون من الفلسطينيين قيادة وشعبا ومن كل القوميين التقدير والامتنان على مواقفهم النبيلة، ولا فضت افواههم، حيث شقت كلماتهم الباسلة عنان السماء وفضاء الدنيا كلها، وعروا الوجه القبيح لدولة الاستعمار الإسرائيلية في ثوان محدودة، كما لم يعرها احد. سلمتم جميعا بمواقفكم القومية يا فرسان العروبة الجدد.

الاخبار العاجلة