الذكرى الـ 72 للأمم المتحدة

25 أكتوبر 2017آخر تحديث :
عمر حلمي الغول

عمر الغول- الحياة الجديدة

احتفلت ممثلية الأمم المتحدة في دولة فلسطين المحتلة بمدينة رام الله بالذكرى الـ72 لتأسيس المنظمة الدولية بحضور ممثلي الرئاسة والحكومة والسلك الدبلوماسي والقطاع الخاص. وهي مناسبة عزيزة على عقول وقلوب الأمم والشعوب جميعا، انطلاقا من فرضية أن المنظمة العالمية، هي بيت شعوب الأرض قاطبة، وهي ملاذهم في الملمات والشدائد والمناسبات الوطنية والإنسانية، لأن قوانينها وشرائعها ومواثيقها تمثل نبراسا وهاديا لشعوب الأرض كلها في الحرية والاستقلال وتقرير المصير والتعاون المشترك.

لذا فإن الاحتفاء بذكرى نشوئها، هو احتفال بالهيئة الدولية الناظمة لعلاقات الدول والشعوب، والكافلة لحقوقهم ومصالحهم، والمفترض المدافعة عن قضايا السلم والأمن في نطاق كل دولة على انفراد، وعلى المستوى الإقليمي والدولي. وبالتالي هو احتفاء كل شعب ودولة بمصالحها والتزاماتها تجاه نفسها، وتجاه الشعوب المجاورة لها في الإقليم وعلى المستوى العالمي. والمفترض وفق قوانين الأمم المتحدة الا يكون هناك أي تمييز بين دولة وأخرى لا كبيرة ولا صغيرة.

وتزداد عملية الاحتفاء بمكانة المنظمة الدولية عند الشعوب المنكوبة والواقعة تحت نير الاحتلال والعدوان، كما هو حال الشعب الفلسطيني، الذي يكابد مرارات الاستعمار الإسرائيلي منذ اربعينيات القرن الماضي، حيث تجرع أبشع نكبة في التاريخ المعاصر مع قيام دولة التطهير العرقي الإسرائيلة في أيار 1948، وتفاقمت معاناة وويلات الشعب الفلسطيني بعد احتلال باقي فلسطين التاريخية وسيناء المصرية والجولان السورية في الخامس من حزيران عام 1967. ورغم معاناة الشعب من تجربة الأمم المتحدة مع قضيته ما بين النكبة 1948 وحرب حزيران 1967 نتيجة التغييب المتعمد للأقطاب الدولية لمكانة القضية الفلسطينية، وعدم وفاء المنظمة الدولية بتنفيذ الشق الآخر من قرار التقسيم 181 الصادر في 29 تشرين الثاني1947، والذي على أساسه قامت دولة إسرائيل الإستعمارية، وهو السماح بإقامة الدولة الفلسطينية العربية بغض النظر عن قرارات وإجراءات الدول العربية المجاورة لفلسطين، التي اسهمت مع إسرائيل في حرف بوصلة العملية السياسية في الأمم المتحدة تجاه المسألة الفلسطينية، إلا انه بعد صعود أسهم القضية الوطنية، وتمكن منظمة التحرير وفصائلها الوطنية المسلحة من استعادة البعد السياسي للقضية، وتمكن المنظمة بدعم الأشقاء والأصدقاء الأمميين من استصدار عشرات القرارات الأممية الداعمة للحقوق الوطنية الفلسطينية، والمؤكدة حقه في تقرير المصير والعودة وبناء دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وبالتالي عاد الرهان النسبي على دور المنظمة الأممية.

لكن الولايات المتحدة وحليفتها الإستراتيجية إسرائيل والغرب الرأسمالي (الأوروبي) زمن الحرب الباردة، وحتى بعضها ليوم الدنيا هذا، حالت دون تمكن الأمم المتحدة من القيام بمهامها، كما يجب ويليق بها، وحالوا بينها وبين قيامها بدورها في رعاية حقيقية لعملية السلام، وتم مصادرة وإفراغ دورها ومكانتها لصالح الرعاية الأميركية منذ 1973 بعد حرب تشرين الأول ذلك العام، عندما تمكن هنري كيسنجر من فكفكة المسارات العربية، وألقى الأمم المتحدة جانبا او وضعها في الثلاجة، وأبقاها للمسائل الشكلية والديكور لإخراج العملية السياسية بالرتوش الأخيرة، لكن جوهر وتفاصيل الأمور لا صلة لها بها، ما اضعف هيبتها ورصيدها الأممي.

في الذكرى الـ72 للأمم المتحدة تستدعي الضرورة من الأمين العام للامم المتحدة ومنابرها الرئيسية مجلس الأمن والجمعية العامة ومن الدول والأقطاب الأممية الفاعلة الحد من هيمنة دولة المقر، الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل، لأن أميركا غير معنية بالشرعية الدولية إلا بمقدار ما تخدم مصالحها الحيوية، وهي تعتبرها أداة من أدواتها للسيطرة على العالم. الأمر الذي يفرض على دول وأقطاب العالم التصدي لمنطق التغول الأميركي، وإعادة الاعتبار للشرعية الدولية، وكف يد الإدارات الأميركية المتعاقبة منذ 72 عاما عن الهيمنة على القرار الأممي او بحد أدنى خلق توازن بين الهيئة الدولية ومواثيقها وقوانينها. آن الأوان لإحداث ثورة عالمية في المنبر الأممي الأول لإعادة الاعتبار للأمم المتحدة، وبالتزامن مع ذلك انعتاق فلسطين المحتلة من نير الاحتلال الاسرائيلي، وبناء ركائز السلام على أساس خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين لديارهم على اساس القرار الدولي 194.

الاخبار العاجلة