أقبح الأسماء وأبغض الوعود

2 نوفمبر 2017آخر تحديث :
أقبح الأسماء وأبغض الوعود

كلمة الحياة الجديدة

“بلفور” اقبح الاسماء في ذاكرة شعبنا الفلسطيني، وأمتنا العربية، بل وفي ذاكرة كل الاحرار في العالم، ومنهم اليوم البريطانيون الذي جاؤوا من لندن مشيا على الاقدام في رحلة استغرقت 147 يوما ليقدموا اعتذارا للشعب الفلسطيني عما فعله بهم “وعد بلفور” البغيض، وعد الجريمة والخطيئة والمظلمة الكبرى الذي ادى الى اقتلاعهم من ارض وطنهم، من حقول مزارعهم وبيوتهم وحياتهم، ودفع بهم بعد مجازر مروعة من كفر قاسم الى دير ياسين الى الطنطورة وغيرها، الى دروب التشريد واللجوء والخيام التي عصفت بها طويلا رياح النكبة بصريرها المعذب، وبليل هيمن عليها بعتمة لا مثيل لها، حتى جاءت شعلة الحرية التى اضاءتها حركة التحرر الوطني الفلسطيني “فتح”  عام خمسة وستين من القرن الماضي.

كانت شعلة الحرية هذه، هي شعلة التحدي الفلسطينية الاولى “لبلفور” اولا ان فلسطين وطن الماضي والحاضر والمستقبل، وطن التاريخ والحضارة في رسالتها الانسانية، لا “وعد” بوسعه ان يلغيها برغم انه جاء بدبابة، وتمدد بالمجازر ليفعل ذلك ..!! فلسطين ابقى وشعبها شعب الذاكرة التي تنبض بالحياة دوما ولا تعرف يأسا ولا يعرف الاحباط لها طريقا. بين عامي 1917 و1965 ثمانية واربعون عاما لم يستطع “وعد بلفور” وبعد ان تبجح بحضوره الاسرائيلي العنيف ان يفعل شيئا مع الذاكرة الوطنية الفلسطينية، ومع روحها التي لا تزال هي روح التحدي والمقاومة روح الحياة والارض روح زيتونها الذي هو دلالة والصمود والثبات والعطاء، وروح زيتها الذي يضيء ولو لم تمسسه نار.

هذه هي فلسطين بروح شعبها، هذه هي حقيقتها وحقيقة حضورها العصي على الالغاء والتدمير والضياع، انها ايقونة الوجود الانساني والحضاري، حتى وهي لا تزال تمشي في دروب الالام التي شقها “وعد بلفور” القبيح والتي لا يزال لا  الاحتلال الاسرائيلي وحده من يطيلها، بل ايضا هذا التغافل الدولي عن اقرار الحق والعدل والكيل بمكيال واحد تجاه قضايا الشعوب المناضلة في سبيل حريتها وكرامتها. التغافل الذي ما زال يسمح لاسرائيل ان تكون دولة فوق القانون بل وفوق الشرائع كلها السماوية والارضية ..!!

مئة عام من وعد الجريمة، هي مئة عام من تاريخها المشين والذي على نحو بالغ الغرابة (..!!) تريد بريطانيا “تيرزا ماي” الاحتفال به رغم ان ابسط قواعد الحكمة تقول: إن “بُليتم فاستتروا” وهذا ليس شأن المؤمنين فحسب، بل هو شأن كل مَن يسعى للخلاص من ذنوب مخزية، ويرجو تنورا وعطاء انسانيا يجعله في راحة ضمير، لكن على ما يبدو ان ” ماي ” ليست في هذا الوارد، وباحتفالها بوعد الجريمة قد اختارت مكانها في تاريخ الازدراء على اقل تقدير.

ولأننا أبناء حضارة وتنوّر، قبلنا اعتذار البريطانيين الاحرار الذين جاءوا مشيا على الاقدام من لندن حتى هنا، وننظر بعين الرضا والتقدير الى رسالة الشخصيات البريطانية من مواقع مختلفة والتي حثوا حكومتهم من خلالها على الاعتراف بدولة  فلسطين وهو ما نراه اعتذارا آخر يسعى لتصحيح الخطيئة التي ارتكبتها خارجية بفلور بالوعد القبيح لوزيرها.

ونعم، وكما قال الكاتب البريطاني “كيفين ماجور” في مقال له بصحيفة “الميرور” الانجليزية، المملكة المتحدة مدينة للفلسطينيين “بدولة”، على بريطانيا اذا ان تدفع دينها لشعبنا، وهذا اقل ما يمكن ان تفعله لمحو الظلم الذي سببه لنا وعد بلفور القبيح.

 

الاخبار العاجلة