مردخاي وكذبة مارشال

9 نوفمبر 2017آخر تحديث :
عمر حلمي الغول

بقلم عمر حلمي الغول- عن الحياة الجديدة

نشر الحاكم العسكري الإسرائيلي، يؤاب مردخاي ومساعداه ميخائيل ميلشتاين، رئيس قسم الفلسطينيين في مكتب المنسق، والمقدم (احتياط) يوئام أميتاي مقالا مطلع الاسبوع نشر في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي بعنوان “مشروع مارشال لقطاع غزة” دعوا فيه تأمين الأموال لتنمية محافظات الجنوب الفلسطينية لمواجهة الفقر والبطالة المتفشية في اوساط الشباب، ليس خشية على الشباب الفلسطيني، إنما لتفادي مضاعفات ما قد ينجم عن ذلك من مزيد من الاردتدات في اوساطهم ولجوئهم للجماعات الأكثر تطرفا من حركة حماس، وانعكاس ذلك على الحالة الأمنية على الحدود الإسرائيلية، وتبديد الاستقرار المؤمل عليه من قبل القيادة الاستعمارية الإسرائيلية، من حيث المبدأ من يقرأ المقال يشعر أن قلب المنسق العسكري على الشباب، لكن من يدقق فيما تضمنه يلحظ البعد الاستعماري جليا، لأن إسرائيل ليست معنية ولا حريصة على الشباب الفلسطيني، بل هي شديدة الحرص على أمنها وتسيد احتلالها. وتتمنى القيادة الإسرائيلية بمركباتها المختلفة السياسية والأمنية لو ان الشعب الفلسطيني كله يهجر ارض وطنه الأم ويترك الميدان خاليا للتوسع الاستيطاني الاستعماري في كل بقعة من الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967.

ومع ذلك يؤكد المرء، أن قطاع غزة بحاجة فعلية للتنمية، وإخراجه من كم الكوارث التي تهدد حياة أكثر من 2 مليون فلسطيني. لاسيما وأن كل مناحي الحياة فيه تشهد واقعا مأساويا خطيرا في مجالات العيش الآدمية المختلفة، فلا كهرباء موجودة إلا بالحد الأدنى غير المرئي، ولا مياه صالحة للشرب بنسبة 95%، ولا غاز الطهي متوفر لتأمين حاجات السكان هناك، وتلوث بيئي متفاقم، ومياه الصرف الصحي تتدفق في الشوارع وتدخل البيوت بعد تفجر محطات الصرف في المحافظات الخمس، وشاطئ البحر تلوث بنسبة وصلت إلى حوالي 83% والبطالة بلغت في اوساط الشباب 66%، والحياة الآدمية حسب تقرير الأمم المتحدة لعام 2012 لن تكون صالحة للحياة في عام 2020 في القطاع، هذا فضلا عن عدم وجود مواد البناء الضرورية لبناء وتعمير ما دمره جيش الحرب الإسرائيلي في حروبه الثلاث على القطاع، وقبل هذا وذاك الحصار الظالم منذ احد عشر عاما، الذي تفرضه إسرائيل الاستعمارية على محافظات الجنوب بذرائع واهية لا تستقيم مع ابسط معايير المنطق.

ولو توقفنا أمام جادة الأسئلة، يبرز امام المرء عدد لا بأس به منها، من المسؤول عن الواقع المأساوي الذي يعيشه قطاع غزة؟ أليست إسرائيل وحصارها الظالم وانتهاكاتها الخطيرة لأبسط قيم ومبادئ حقوق الإنسان؟ أو ليس رفض إسرائيل وحكوماتها المتعاقبة لخيار السلام والتسوية السياسية هو السبب الأساس فيما آل إليه الحال في المحافظات الفلسطينية عموما والجنوبية خصوصا؟ وماذا لو تم تأمين أموال من الدول المانحة لترميم الواقع البائس في القطاع وبعد ذلك شنت إسرائيل حربا او حروبا جديدة على ابناء الشعب الفلسطيني هناك؟ ما قيمة المال إن لم يتوفر السلام والاستقرار لضمان تنمية مستدامة؟ ولماذا لم يطلب الحاكم العسكري وفريقه الاستعماري من حكومته الحالية المتطرفة فتح الأفق لبناء ركائز خيار حل الدولتين للشعبين على حدود الرابع من حزيران عام 1967؟ هل تذكر مردخاي كم تقرير أصدرته دول الاتحاد الأوروبي عن جرائم إسرائيل وتدميرها لبيوت المواطنين ومصالحهم منذ اتفاقيات اوسلو حتى الآن فقط، التي ساهموا هم في بنائها؟ وهل سيبقى العالم أسيرا للسياسات الاستعمارية الإسرائيلية؟ وإلى متى ستبقى خزائن الدول المانحة في ظل أزماتها المتفاقمة مفتوحة لتمول جرائم الاستعمار الإسرائيلي المتواصلة؟

الحل الوحيد للشعب الفلسطيني لخروجه من ازماته الكارثية يتمثل أولا بالحل السياسي، وبالانسحاب الإسرائيلي من كل الأرض الفلسطينية المحتلة في الخامس من حزيران 1967، وبناء دولته الوطنية المستقلة وذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية وضمان حق العودة للاجئين على اساس القرار الدولي 194، وتمكنه من حق تقرير المصير. هذا هو اهم مشروع مارشالي للوطن الفلسطيني من أدناه إلى أقصاه، وعندئذ ستتمكن القيادة الفلسطينية من إحداث القفزة النوعية في حياة الشعب، كل الشعب، ولن تكون بحاجة لأموال الدعم في حال تمكنت من استثمار مواردها وبنت الإقتصاد الوطني وسيطرت على معابرها وأجوائها ومياهها الإقليمية، هل أدرك ويدرك بولي ذلك أم سيبقى يغطي الشمس بغربال كما كل القيادة الإسرائيلية الاستعمارية؟

الاخبار العاجلة