المصالحة إلى انتصار باهر والانقسام إلى اندحار خاسر

25 نوفمبر 2017آخر تحديث :
من غزة إلى نابلس

بقلم يحيى رؤباح- عن الحياة الجديدة

انتهت جولة جديدة من حوارات المصالحة في القاهرة، إلى انتصار جديد، وإلى موعد آخر في شباط فبراير من العام القادم 2018، ولكن الإنجاز الحقيقي تمثل في تبني مآل المصالحة وهدفها الأساسي الكبير وحلمها الفلسطيني النهائي، وهو بناء نظام سياسي واحد، بسلطة واحدة، بقانون واحد، بسلاح شرعي واحد، وهذه ضرورة قصوى تتناغم مع ثابتنا المقدس وهو وحدة الشعب، ووحدة الأرض، ووحدة القضية.

ومن الواجب الإشادة الكبيرة بالرعاية النوعية عالية المستوى للأشقاء في مصر، وهي رعاية منضبطة، واعية جداً بأولوية القضية الفلسطينية لأنها إرث حمله الأشقاء المصريين طيلة عقود كثيرة، وحافظوا عليه انطلاقاً من وعي متجدد بأن فلسطين بالإضافة إلى بعدها القومي المصري الذي يقف الجيش المصري على رأسها ابتداء من الفرعون مينا موحد الوجهين القبلي والبحري إلى العهد الراهن الذي يقوده الرئيس عبد الفتاح السيسي، وهذا يشكل بالنسبة للشعب الفلسطيني مكوناً رئيسياً من وعيه الوجودي.

ولذلك فقد رأينا المصالحة التي غابت بفعل دياجير الانقسام الأسود الذي استمر قرابة أحد عشر عاماً، بهذه الطريقة العميقة التي تأخذ بالحسبان كل شروط ومعطيات التجذر والثبات، والكمال لكل خطوة، قبل أن تعقبها خطوة أخرى، ولهذا نرى المفاجأة، واللطم على الخدود من قبل تجار الانقسام الذي يريد بعضهم بيع الانقسام بأعلى سعر ممكن على طريقة الصفقات السريعة التي قد تنطوي على غش كبير، بينما الخبرة الفلسطينية التي تتلاقى مع الخبرة المصرية تسير بهدوء على نهج أقل استعجالاً وأكثر عمقا، للتأكد من أن كل خطوة من خطوات المصالحة قد أخذت كامل مجالها الحيوي، وأصبحت جزءاً من الواقع، وليس مجرد خطوات احتفالية جوفاء تبقي كل شيء على حاله محاطاً بالضجيج الذي سرعان ما يتلاشى.

وعلى قاعدة هذا النظام الواحد بسلطة واحدة بقانون واحد بسلاح شرعي واحد، يجب أن تكون الديمقراطية أي الشعب الفلسطيني كله في الوطن والشتات، هو صاحب الحق وصاحب التفويض، وهذه هي الديمقراطية التي تشمل الانتخابات الرئاسية والتشريعية، والمجلس الوطني الذي هو برلمان الشعب كله، والتي اتفق على إنجازها قبل نهاية العام.

بعض التجار الصغار الذين يتاجرون بالانقسام الأسود الذين قال بعضهم في فترات سابقة “إن الانقسام خير وبركة” عجزوا عن تصديق ما تراه عيونهم، ولذلك أقاموا المناحات بكاءً على الانقسام الذي كان بالنسبة لهم يعادل وجودهم، فراحوا يخترعون مناكفات فاشلة لا وجود لها، أو ليس هكذا معناه الحقيقي، راحوا يصرخون بأعلى الصوت “يا ويلتاه، لم يتحقق شيء” بل إن بعضهم من مدمني شعارات المأنوية “أي الثنائية”، مثل ثنائية “المقاومة والاستسلام” وأن الخطر يهدد سلاح المقاومة، وأن الإسرائيليين على غلاف غزة ينامون في هذا الشتاء في الشوارع خوفاً، وأن أهل غزة- ساعدهم الله – ينامون في بيوتهم التي لم تتم إعادة اعمارها، بدفء وكفاية وأمان، المهم أن الشعب في غزة وهو سيد العارفين يسمع كل هذه الجوقات ويضحك من شدة الألم تطبيقا للمثل القائل “وشر البلية ما يضحك”.

المهم أن المصالحة بهذه الرعاية المصرية الكبيرة والنوعية والمنضبطة، تتقدم بخطى ثابتة، نحو المآل الباهر الذي يدعمه الشعب، فهذه الرعاية المصرية مدعومة إقليمياً وعالمياً بالإضافة إلى أنها ضرورة فلسطينية، أما الذين يقومون بدور النائحات المستأجرات، فالنواح يتلاشى ولا يبقى سوى وجه شعبنا الأصيل، شعب واحد برغم تعدد الظروف، وقضية واحدة رغم تعدد المسارات، شعب يقوده حلمه بالدولة الحتمية على أرض وطنه فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية لؤلؤة كل العصور، إلى التفاؤل القوي، وإعطاء كل الدعم لشرعية، وكلما سمع صراخاً مفتعلاً أو ضجيجاً فارغاً من هنا أو هناك، فإنه يقول لنفسه، يا شعب المعجزة استمر، ويا جبل ما يهزك ريح.

الاخبار العاجلة