التقسيم لصالح إسرائيل

29 نوفمبر 2017آخر تحديث :
عمر حلمي الغول

بقلم:عمر الغول-الحياة الجديدة

تصادف اليوم الذكرى السبعون لصدور قرار تقسيم فلسطين التاريخية إلى دولتين فلسطينية عربية وإسرائيلية، ورغم أن القرار 181 الصادر في 29 تشرين الثاني /نوفمبر 1947 كان جائرا، وغير موضوعي لجهة الانحياز من قبل مصمم ومعد القرار، حيث أعطى الدولة الإسرائيلية الاستعمارية مساحة تزيد عن 55%، مع ان الصهاينة الإسرائيليين لم يزد عددهم آنذاك عن 600 ألف مهاجر، رغم توفير كل التسهيلات الضرورية من قبل دولة الانتداب البريطانية لهجرتهم لفلسطين، ومنحهم الامتيازات المختلفة من التوطين والجنسية والإقامة والعمل والحماية والتسليح والتدريب والراتب …إلخ. وكان عدد ابناء الشعب الفلسطيني صاحب الأرض والتاريخ يتجاوز المليون ومئة وخمسين الفا آنذاك، منحوا مساحة لا تزيد عن 43% من وطنهم الأم، وتم تشريد وطرد ما يزيد عن 750 الف مواطن إلى دول الشتات العربي والعالمي، وبقي 1,7% من مساحة فلسطين لإقليم القدس وبيت لحم الذي تم تدويله.

بعد صدور قرار التقسيم اندفع المجتمع الدولي بقوة للاعتراف بالدولة الإسرائيلية، التي تجاوزت الحدود المحددة لها بدعم واضح من قوى الغرب الرأسمالي وبعض العرب حتى أمست تسيطر على مساحة 78% من فلسطين التاريخية، مع ان قرار التقسيم ينص بشكل واضح في البند(ج) على ان الأمم المتحدة ستتصدى لأي دولة تتجاوز الحدود المحددة لها بقوة السلاح. ولكنها لم تفعل. ونص قرار العودة 194 الصادر في كانون الأول/ديسمبر 1948 على أن اعترافها بإسرائيل مشروط بعودة اللاجئين الفلسطينيين، ولم يتم ذلك، وكذلك القرار الأممي 237 المتعلق بالقدس يتحدث عن ذات الأمر، لكن لا حياة لمن تنادي، إسرائيل التي قامت على أنقاض نكبة الشعب الفلسطيني واصلت عدوانها الاستعماري دون رادع دولي او عربي. ولم تقم الدولة الفلسطينية العربية نتيجة التقاسم الوظيفي بين دول الغرب الرأسمالي وبعض الحكام العرب على هذا الهدف.

واعتقد الجميع ان القضية والشعب الفلسطيني سيندثرون مع الأيام، او كما قال بعض قادة إسرائيل “الكبار يموتون والصغار ينسون”، ولكن الفلسطينيين المجبولين بوطنيتهم وقوميتهم العربية، كانوا كطائر الفينيق، الذي ينهض من الرماد، واصلوا الكفاح حتى يوم الدنيا هذا، ولم يستسلموا، ولم يرفعوا الراية البيضاء، ولن يرفعوها يوما، سيواصلون مشوار الصمود والكفاح حتى تحقيق العودة وتقرير المصير وإزالة الاستعمار الإسرائيلي عن اراضي دولة فلسطين المحتلة في الخامس من حزيران 1967. والقبول بإقامة الدولة الفلسطينية على مساحة 22% من فلسطين التاريخية جاء استجابة من قيادة منظمة التحرير الفلسطينية لقرارات الشرعية الدولية 242 و338 و274 .. إلخ بعد نكسة وهزيمة 1967 ولتقديرات الأشقاء العرب والأصدقاء الأمميين. وكل مكونات الدولة من شعب وأرض ومؤسسات الدولة قائمة وموجودة، وهي بانتظار ارتقاء المجتمع الدولي إلى مستوى المسؤولية التاريخية لإلزام إسرائيل باستحقاقات التسوية السياسية، والانسحاب الكامل والنهائي من اراضي الدولة الفلسطينية عبر ممارسة الضغوط وفرض العقوبات السياسية والاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية لإلزامها بالتخلي عن خيارها الاستعماري الاستيطاني، وإفساح المجال امام خيار السلام الممكن.

لذا يلحظ المراقب، أن قرار التقسيم الدولي 181 بدا وكأنه صدر من أجل تشريع وفرض دولة واحدة على الأرض الفلسطينية العربية، هي دولة الاستعمار الإسرائيلية على أنقاض نكبة وحقوق ومصالح الشعب الفلسطيني. وكأنه غاب عن تقدير قادة العالم بمن فيهم بعض الأشقاء أن الشعب الفلسطيني ليس شعبا زائدا عن الحاجة، بل هو الشعب الأصيل وصاحب الأرض والتاريخ والهوية في فلسطين. وهو الأحق بإقامة دولته المستقلة وذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية، وليس العكس.

لذا على العالم اليوم ومع مرور سبعين عاما على القرار ونكبة الشعب الفلسطيني ان يشمر عن ساعديه لإفساح المجال أمام دولة فلسطين المحتلة في الخامس من حزيران 1967 بالاستقلال، وفرض سيادتها على كامل اراضيها وبتواصل جغرافي وإداري وسياسي بين جناحيها الشمالي والجنوبي، وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين على اساس القرار الدولي 194 للتكفير عن الظلم التاريخي الذي لحق به، ولإنصافه بالحد الأدنى الممكن والمقبول من قبله في جزء من أرض وطنه الأم، لأن استمرار الحال على ما هو عليه لن يكون في قادم الأيام في صالح السلم والأمن الإقليمي والعالمي، وقبل كل شيء لن يكون في صالح إسرائيل وحليفتها الإستراتيجية الولايات المتحدة.

الاخبار العاجلة